في تحركات غير معلنة لوحدات استطلاع مصرية قرب المثلث الحدودي مع السودان وإثيوبيا مع تفعيل نقاط رصد جوية جديدة جنوب السد العالي يشير بحسب مراقبين إلى أن هناك تحركا عسكريا متوقعا أكبر من الاستطلاع جنوب مصر .
ونقلت تقارير عن خبير عسكري، أن التحالف بين الدعم السريع والمشير خليفة حفتر جعل مصر في حيرة من أمرها، لأنها تعتمد على الأخير في التنسيق نحو تأمين الحدود الغربية، ولا تعترف بقوات حميدتي وترفض التعامل معها.
ولم تدخل قوات “الدعم السريع” المثلث الحدودي وحدها، بل برفقة ميليشيات حفتر، مما بدّل قواعد الاشتباك في منطقة كانت تُعتبر حتى وقت قريب “هادئة ومؤمّنة”.
وبثت منصات تابعة للدعم السريع مقاطع فيديو أظهرت سيطرة جنودها على موقع عسكري تابع للجيش السوداني بالقرب من المثلث التابع للولاية الشمالية.
وأشار الخبير لموقع “عربي بوست” إلى أن التصريحات الرسمية المصرية بشأن المثلث الحدودي كانت شحيحة للغاية، وهناك قناعة بأن مجاراة التصعيد بتصعيد عسكري سوف يؤدي إلى التهاب منطقة حدودية كان يُتعامل معها على أنها آمنة قبل وصول قوات الدعم السريع إليها.
وأضاف، “القاهرة لعبت دوراً في تقريب وجهات النظر بين الجيش السوداني وقوات حفتر”، مستدركا “لا يمكن أن تسمح بتهديد حدودها في تلك المنطقة، وأن تشكيل موازين قوى عسكرية يتشارك فيها الجيشان السوداني والمصري، إلى جانب مساعي تحييد قوات حفتر، لن يكون في صالح الدعم السريع ومموليه”.
الخبير العسكري أكد أن “مصر لن تتورط عسكرياً في صراع السودان ولا في التطورات الحاصلة في منطقة المثلث الحدودي، لكنها تهدف إلى إحداث توازن قوى عسكرية بين الأطراف المتصارعة هناك”.
ورأى أن “.. هناك قناعة بأن واشنطن تستطيع وقف الصراع غداً، لكنها تراقب الموقف من بعيد وتعمل على ضبطه لخلق توازن وأمر واقع يدعم اتجاه التقسيم.”.
القلق المصري يبدو أن تحجيمه كان بعد أن نقلت مصادر متخصصة في رصد حركة طائرات الشحن تفاصيل هبوط عشرات الطائرات الإماراتية والروسية خلال الأسابيع الماضية في عدة مطارات في جنوب شرق ليبيا (قاعدة الكفرة العسكرية ) وكانت تحمل أحدث العتاد العسكري الذي شوهد في معارك شمال دارفور وشمال كردفان.
وأشارت التقارير إلى أن هناك أكثر من طريق مستخدم في نقل السلاح والعتاد إلى داخل السودان ومنها طريق منطقة المثلث الحدودي الذي بات تحت سيطرة ميليشيات الجنجويد فضلا عن منافذ حدودية في شرق تشاد وشرق أفريقيا الوسطى.
وكان الجيش السوداني قد أصدر بيانا يفيد باضطرار انسحاب قواته من منطقة المثلث الحدودي، الأمر الذي فسره مراقبون بانسحاب متعمد للقوات المساندة لقوات الشعب المسلحة والتابعة لحركتي جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي وذلك في الأسبوع الذي أعلن فيه كامل إدريس اعتزامه منع المحاصصات ومحاربته للفساد..
مثلث شديد الخطورة
والمثلث الحدودي الذي أعلنت مليشيات الدعم السريع السيطرة عليه أمر شديد الخطورة على الأمن القومي المصري يقع المثلث شمال مدينة الفاشر وهو نقطة التقاء حدودية بين ثلاث دول: السودان، ليبيَا، ومصر استخدم تاريخياً لأغراض تهريب الأسلحة والمسلحين والهجرة غير الشرعية، سيطرة مليشيات الدعم السريع عليه تُضخم المخاطر الأمنية على مصر وخصوصاً في مِلَفّ تدفق المقاتلين والمهربين.
وعلق الباحث المختص بالشأن العسكري للمعهد المصري للدراسات باسطنبول “من العجيب ان ذلك الأمر لم يقابل بأي شكل سياسي أو عسكري من الجانب المصري إلي وقت صدور التقرير. وجدير بالذكر ووفق ما هو معلن فمصر تدعم الجيش السوداني بقيادة البرهان”.
وتدعم الإمارات “حليفة السيسي” مليشيات الدعم السريع وتدعم مليشيات حفتر المسيطرين على حدود دول جوار مصر (السودان وليبيا العمق الإستراتيجي لمصر ونقاط التماس) أيضاً تدعم عصابات أبو شباب الذي ينفذ المخطط “الإسرائيلي” في غزة، أيضاً أصبحت “تستثمر” في مواقع ومناطق استراتيجية داخل مصر. مما قد يشير إلى ان أهداف دولة الإمارات متعارضًة مع مضمون الأمن القومي المصري.
وبرأي دبلوماسي مصري لموقع “العربي بوست” فإن “الاتفاق السياسي المحتمل برعاية أميركية لن يدمج قوات حميدتي في الجيش، بل سيمنحه موقعاً مستقلاً ضمن “حل سوداني جديد”، مما يعمّق القلق المصري من إعادة تدوير الميليشيات”.
من جانبه، اتهم الجيش السوداني، قوات تابعة لخليفة حفتر الليبية، بالمشاركة مع قوات الدعم السريع، في هجوم على منطقة حدودية واقعة قرب الحدود مع ليبيا ومصر، بغرض الاستيلاء عليها، وعد الخطوة عدواناً سافراً على السودان وأرضه وشعبه حسب ما جاء في بيان صادر من مكتب الناطق الرسمي للجيش السوداني.
وقال البيان إن “التدخل المباشر لقوات خليفة حفتر (كتيبة السلفية) إلى جانب (قوات الدعم السريع) في هذه الحرب يعتبر تعدياً سافراً على السودان وأرضه وشعبه، وامتداداً للمؤامرة الدولية والإقليمية على بلادنا تحت سمع وبصر العالم ومنظماته الدولية والإقليمية”.
وأضاف: “نؤكد أن السودان شعباً وجيشاً سيتصدى بقوة لهذا العدوان السافر وسندافع عن بلدنا وسيادتنا الوطنية”.
وفي فيديو انتشر على منصة أكس أظهر أحد القادة الميدانيين في مليشيا الدعم السريع وهو يعلن وصول قواتهم إلى الحدود المصرية، ويأمر العناصر بالعودة إلى داخل السودان، ويسمع في الفيديو أحد الجنود القاصرين يقول: “خشيتو مصر والله مصر “.
https://x.com/sudan_war/status/1932723507336786334
وفي 6 يونيو، توغلت عناصر من كتيبة “سُبل السلام” التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر، لمسافة ثلاث كيلومترات داخل الأراضي السودانية، وهو ما دفع قوة تتبع للحركات المساندة للجيش للاشتباك مع المجموعة الليبية بالقرب من جبل “العوينات”، ما أسفر عن مقتل عنصرين وأسر اثنين آخرين من كتيبة سبل السلام، والاستيلاء على سيارات قتالية، أعقب ذلك وصول مجموعة أخرى من مدينة الكفرة شرق ليبيا، هاجمت موقعًا للحركات المسلحة، ما تسبب في وقوع خسائر وسط الجانب السوداني.
وعلق الباحث في الشأن العسكري محمود جمال عبر @mahmoud14gamal “الخبرة كثيرًا ما تُقابل بالعناد، لكن الأيام كفيلة بكشف صدق أهل البصيرة، النصيحة المرفوضة اليوم، قد تُصبح غدًا درسًا يُروى بحسرة، ومن يستخف بتحذيرات أهل الخبرة والرشد الآن، سيُدرك لاحقًا أنه كان يسمع صوت المستقبل ولا يدرك”.