بظل الافلات من العقاب .. جريمة جديدة في قوصية أسيوط بتصفية المواطن محمد عادل

- ‎فيتقارير

 

في مساء السبت 23 أغسطس 2025، أُطلق الرصاص على المواطن محمد عادل عبدالعزيز (35 عامًا) في مركز القوصية بمحافظة أسيوط من قبل قوة أمنية مصرية، بحسب ما نقلته مصادر محلية.
 

بعد إطلاق النار، قامت الشرطة بنقل الجثمان من الموقع إلى جهة غير معلومة، ولم تُخطر النيابة العامة، كما لم تُبلغ عائلته بمكان وجود الجثمان أو تسمح لهم باستلامه.

 

الضحية كان يعمل في مشروع استصلاح زراعي بمساحة 50 فدانًا في الصحراء الغربية منذ سبعة أشهر، ويقيم في قرية عرب الجهمة، وكان يمر عبر كمين القوصية الغربي بشكل يومي في طريقه إلى عمله.

 

بحسب رواية أحد أقاربه، فإن ما حدث لم يكن مواجهة أو اشتباكًا مسلحًا، بل أمر مباشر بالتصفية، وكأن هناك قرارًا بتنفيذه ميدانيًا، رغم أن القانون المصري والدستور لا يعترفان بأي شيء يُسمى “أمر تصفية”.

ما حدث هو جريمة قتل بدم بارد خارج إطار القانون، ويجب محاكمة من أصدر هذا الأمر ومن نفذه.

وتساءل مراقبون عن العقل الذي يمكن أن يصدق روايات وزارة الداخلية بحكومة السيسي بعد أن قامت سابقًا بتصفية خمسة أبرياء، ولفقت لهم تهمة قتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، ثم رفضت النيابة العامة هذه التهمة، ولم يُكشف عن القتلة الحقيقيين حتى الآن؟!

وقال حساب المجلس الثوري المصري @ERC_egy: “تصفية الشرطة المصرية لمحمد عادل عبد العزيز في القوصية #أسيوط، وابن عمه يؤكد الخبر. الأخطر في حديثه هو أن القتل جاء بناء عن “أمر تصفية” مع أن القانون والدستور المصري لا يوجد به أمر تصفية. هذه جريمة قتل بدم بارد خارج إطار القانون تستوجب محاكمة وإعدام من أعطى الأمر ومن نفذه”.

وأضاف الحساب “قتيل جديد على يد الشرطة في مصر.. يوم السبت 23/8/2025 في مركز القوصية، قامت الشرطة المصرية بتصفية المواطن محمد عادل عبدالعزيز، 35 عامًا بلا اتهامات معروفة ودون محاولة للقبض عليه إن كان مطلوباً، كما تم رفع الجثمان من المكان (خطفه) من قبل قتلة الداخلية دون إبلاغ النيابة العامة في مخالفة واضحة للإجراءات القانونية. كان الضحية يعمل في مشروع استصلاح 50 فدانًا في الصحراوي الغربي منذ 7 أشهر، وكان يمر يوميًا من عرب الجهمة المقيم بها مرورًا بكمين القوصية الغربي.”.

https://x.com/ERC_egy/status/1962082708462469298

 

وعلق الناشط “عفريتكو” قائلًا: “شاب يمتلك أرضًا زراعية 100 فدان، يمر من نفس الطريق كل يوم.. فجأة الشرطة قررت تنفيذ أمر تصفية وقتلوه! في بلدنا، قد تكون ذاهبًا لبناء مستقبلك، فيعيدونك جثة. والدم عندهم له ثمن.. ابحث عن من يريد الاستيلاء على أرضه”.

https://x.com/SAGER160/status/1962082841627369967

 

 

تصفيات اغسطس

في وقت سابق من شهر أغسطس، نشرت منصة “جِوار” تقريرًا يُفيد بتصفية الشابين أحمد الشريف ومحسن مصطفى داخل مقر الأمن الوطني في العباسية، بعد احتجازهما دون سند قانوني، وفي غياب أي اعتراف رسمي من وزارة الداخلية.

 

المعلومات أكّدها لاحقًا اليوتيوبر والناشط “أنس حبيب”، الذي كشف أن الشابين تعرضا للتعذيب حتى الموت، وكشف أسماء الضباط المتورطين في الحادثة.

وفي خطوة تصعيدية، وجه الناشط أنس حبيب مؤخرًا خطابًا مباشرًا لمسؤولي الداخلية، طالبًا الإفصاح عن مصير الشابين، ومهددًا باتخاذ إجراءات تصعيدية في حال استمرار الصمت. وبعد تواصله مع مصادر أمنية رفيعة المستوى، كشف أنس عن معلومات مؤكدة بأن الشابين قد قتلا عمدًا تحت التعذيب، مع كشف أسماء الضباط المتورطين في الجريمة.

وحتى الآن، لم تُصدر وزارة الداخلية أي بيان لتوضيح أو نفي هذه المعلومات، ما يعزز مصداقية الروايات الحقوقية بشأن ما يشبه نشاط ميليشياوي غير رسمي داخل جهاز الأمن الوطني.

 

تصفية وإعدامات ميدانية

 

هذه الحوادث ليست معزولة، بل تأتي في سياق معروف محليا من اقصى جنوب البلاد إلى شمالها حيث تصفية يوسف السرحاني وفراج الفزاري في مُطروح (أبريل 2025) بعد استسلامهما الطوعي، حيث زعمت الداخلية مقتلهما في اشتباك رغم أدلة تثبت عكس ذلك.

 

عشرة أيام لاحقة، بعد التصفية دعت 14 منظمة حقوقية إلى فتح تحقيق مستقل وشفاف في القضية، وتأكيد عدم استخدام الاختفاء القسري ووسائل الابتزاز ضد أسر المشتبه بهم.

وفي 9 أبريل 2025، قُتل ثلاثة عناصر شرطة خلال محاولة توقيف شخص مطلوب في مدينة النجيلة بمحافظة مطروح. بعدها، قامت قوات الأمن باعتقال عشرات النساء—من قريبات المشتبه بهم—لاستخدامهن كرهائن للضغط على المشتبه بهم للاستسلام.

في إطار هذا الضغط، عرض المجتمع المحلي تسليم يوسف السرحاني وفراج الفزاري، واللذان لم يكونا مطلوبيْن أصلاً، مقابل إطلاق سراح النساء. تسلّما نفسيهما في 10 أبريل، لكن الداخلية أعلنت بعد ذلك أنهما قتلا خلال تبادل لإطلاق النار.

 

يُعتبر حادث يوسف السرحاني وفراج الفزاري في مطروح أبرز حالة للتصفية دون محاكمة في عام 2025، حيث سُلمه الضحيتان طواعيًا لكنهما لقيّا مصرعهما في ظروف مشبوهة بزعم “اشتباك مسلح”.

 

ويبدو أن الحادث يعكس نمطًا موسعًا من الانتهاكات التي شهدتها البلاد في السنوات الماضية، حيث يواصل النظام استخدام “الاشتباكات” كذريعة للتغطية على الإعدامات خارج نطاق القانون.

محمد محسوب
 

تصفية محمد محسوب المعروف بـ”خط الصعيد” في فبراير 2025، رغم أنه كان محاصرًا وتم استهدافه بالأسلحة الثقيلة، دون محاكمة.

وبدأت المواجهة المسلحة في 17 فبراير 2025، واستمرت لعدة أيام حامية مع قوات الأمن في قرية العفادرة بمحافظة أسيوط، بعد مطاردة طويلة وتبادل كثيف لإطلاق النار، شاركت فيها وحدة “بلاك كوبرا” التابعة لوزارة الداخلية

وأسفرت العملية عن مقتله هو وسبعة من معاونيه، بينهم ابنه وشقيقه، بالإضافة إلى إصابة ضابط شرطة. وتم نقل الجثث إلى المشرحة بعد انتهاء التحقيقات الأولية

وأمرت النيابة العامة بمركز ساحل سليم بمدينة أسيوط بدفن جثته يوم 19 فبراير 2025 بعد استكمال الإجراءات القانونية، بما في ذلك معاينة الجثة وانتداب الطب الشرعي .

ومحسوب أدعت الداخلية أنه زعيم عصابي في الصعيد، ووُجهت له 44 تهمة جنايات، تنوعت بين اتجار بالمخدرات، القتل، السلاح، السرقة بالإكراه، الحريق العمد، والإتلاف. صدرت بحقه أحكام بالسجن معظمها مدى الحياة، بإجمالي 191 سنة سجن، بينما صدرت أحكام مماثلة على زملائه، وأحدهم حكم عليه بالسجن 108 سنوات إلا أن جنازته كانت شعبية بامتياز لتعلن كذب الداخلية ورواية السيسي.

شقة بولاق الدكرور
 

وفي بيان الداخلية في يوليو 2025 بشأن تصفية عنصرين من حركة “حسم” في بولاق الدكرور، رغم تضارب روايات السكان المحليين والغياب المعتاد لأي توثيق قضائي مستقل.
 

 

في التفاصيل، أعلنت الداخلية المصرية أنَّ من تم تصفيتهم هم: أحمد محمد عبد الرازق أحمد غنيم: قالت الوزارة إنه تسلل عبر الدروب الصحراوية من دولة مجاورة، وهو “من أخطر عناصر حسم”، وصدر بحقه أحكام بالإعدام والسجن المؤبد.

 

أما إيهاب عبد اللطيف محمد عبد القادر فزعمت أنه مطلوب ضبطه في قضية محاولة استهداف شخصيات مهمة. يشار إلى أن جثمانيهما لم يبسلما إلى ذويهما حتى اللحظة فضلا عن اختفاء الأم والأب لحالة إيهاب عبداللطيف وأم أحمد غنيم بأحد مقار الأمن الوطني..
 

تقارير حقوقية

وأشارت تقارير حقوقية من هيومن رايتس ووتش، BBC، ولجنة العدالة وغيرها، إلى تكرار النمط ذاته منذ عام 2015: وهو الإعلان عن اشتباك مسلح، ثم اختفاء الجثث، أو دفنها دون تحقيق، مع غياب أي محاسبة أو رقابة قانونية مستقلة. وأن وزارة الداخلية المصرية أصدرت بيانات عن تنفيذ “اشتباكات مسلحة” أدّت إلى مقتل المئات منذ عام 2015، لكن التحقيقات أوائل 2025 أظهرت نمطًا واضحًا من تصفيات خارج إطار القضاء.
 

وأكد المنتدى العالمي للحقوق الحرة (Freedom House) أن قوات الأمن تمارس عنفًا مفرطًا بشكل روتيني، مع تراجع واضح في ضمانات المحاكمات العادلة، حتى في ظل التشريعات المضادة للإرهاب.

وأشار تقرير من الجمعية المصرية للحرية والتعبير إلى تجاوزات من نوع “العقاب الجماعي” وغياب المساءلة القضائية منذ أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة عام 2013.
 

 

ما حدث مع محمد عادل عبدالعزيز، وقبله مع أحمد الشريف، ومحسن مصطفى، ويوسف السرحاني، وخمس أبرياء لفقت لهم تهمة قتل ريجينى ورفضت النيابة الاتهام. وغيرهم، يؤكد أن وزارة الداخلية بحكومة السيسي تمارس سياسة تصفية ميدانية خارج القانون، وتُصدر روايات مشكوك في صحتها، وسط صمت من النيابة العامة، وانعدام تام للمحاسبة.

 

وفي بلد يُقتل فيه المواطن دون محاكمة، وتُلفق فيه التهم، وتُصادر فيه الأراضي، من حق أي شخص أن يسأل: من القادم؟ وهل يُمكن لأي مواطن أن يأمن على حياته، أو على أرضه، أو على كرامته، ما دامت “أوامر التصفية” صارت هي القانون الفعلي للداخلية؟!