يواجه مزارعو محصول الذرة خسائر كبيرة؛ بسبب أسعار التوريد المتدنية التي أعلنت عنها حكومة الانقلاب للموسم الحالي، ويطالب المزارعون بزيادة أسعار التوريد لتغطي التكلفة الإنتاجية، وتحقيق هامش ربح يشجعهم على الاستمرار في زراعة المحصول الذي يمثل أهمية كبرى لصناعة الأعلاف والأمن الغذائي في البلاد .
كانت حالة من الاستياء قد سادت بين مزارعي الذرة مع بداية موسم التوريد، مؤكدين أن السعر الذي حددته حكومة الانقلاب لشراء المحصول لا يعكس حجم الجهد والتكاليف التي تحملوها طوال فترة الزراعة .
وقال المزارعون : إن "زراعة الذرة هذا العام كانت من أثقل المواسم من حيث النفقات، بدءًا من أسعار التقاوي المعتمدة، مرورًا بالأسمدة التي ارتفعت أسعارها بشكل ملحوظ، ووصولًا إلى أجور العمالة وتكاليف الري والنقل، ما جعل هامش الربح شبه معدوم، مؤكدين إن البعض منهم تكبّد خسائر كبيرة".
وأكدوا أن ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية هو السبب الرئيسي للأزمة، موضحين أن التقاوي الجيدة التي يعتمدون عليها لضمان إنتاج وفير، شهدت زيادة غير مسبوقة، كما ارتفعت أسعار الأسمدة المدعومة في السوق السوداء بسبب نقص المعروض، بينما أجور العمالة تضاعفت بفعل الظروف الاقتصادية
التكاليف الفعلية
وأوضح المزارعون أن تأخر صرف الدعم أو عدم كفايته يزيد من أعبائهم، خصوصًا مع ارتفاع تكلفة الري والسولار المستخدم في تشغيل ماكينات المياه، مطالبين حكومة الانقلاب برفع سعر توريد الذرة ليواكب التكاليف الفعلية مع توفير هامش ربح يضمن لهم حياة كريمة ويشجعهم على مواصلة زراعة هذا المحصول الاستراتيجي.
وشددوا على ضرورة إعلان السعر قبل بداية الموسم حتى يتمكنوا من وضع خططهم الزراعية وتقدير حجم الاستثمارات المطلوبة، مطالبين بزيادة حصة الأسمدة المدعومة وتسهيل الحصول على القروض الزراعية منخفضة الفائدة لتخفيف الضغط عن كاهلهم، إضافة إلى تحسين خدمات الإرشاد الزراعي لتقليل الهدر وزيادة الإنتاجية.
وحذر المزارعون من أن بقاء الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى تراجع مساحات زراعة الذرة في الموسم القادم، ما يهدد صناعة الأعلاف ويؤثر في أسعار اللحوم والدواجن، فضلًا عن انعكاس ذلك على الأمن الغذائي الوطني
وقالوا: إن "استجابة دولة العسكر لمطالبهم ليست مجرد دعم لفئة من الفلاحين، بل خطوة ضرورية للحفاظ على أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية في مصر، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على الذرة في غذاء الإنسان والحيوان على حد سواء".
المكسب صفر
في هذا السياق قال الحاج محمد عبد السلام مزارع : "الفدان السنة دي تكلف فلوس كتير جدا، والتقاوي لوحدها بقت نار، والسماد بنشتريه من السوق السوداء بأسعار خيالية، غير العمالة والري والسولار وفي الآخر بنبيع المحصول بسعر ما يجيبش حتى اللي دفعناه".
وأضاف عبد السلام في تصريحات صحفية : "كنا فاكرين إن حكومة الانقلاب هتراعي الظروف، وتعلن سعرا مناسبا قبل الحصاد، لكن كل حاجة ارتفعت السولار، النقل، الأجرة موضحًا أن الوضع دلوقتي بنحسبها نلاقي المكسب صفر، يمكن خسارة لو مفيش تعديل في السعر، كتير مننا مش هيزرع ذرة تاني".
محاصيل أخرى
وقال عبد الرحيم كمال فلاح : "الذرة محتاجة شغل من أول الزرع لحد ما نحصده، كنا زمان بنغطي تكلفتنا ونكسب شوية، دلوقتي التسعيرة ظلمتنا لو فضل الوضع كده، ناس كتير هتسيب الذرة وتروح لمحاصيل أقل تكلفة، مؤكدًا أن بعض المزارعين اتجهوا لزراعة محاصيل أخرى مثلًا البرسيم والفول وغيرهما من المحاصيل الصيفية".
وأضاف كمال في تصريحات صحفية : "إحنا أهل الأرض وعايزين نزرعها، لكن التسعير الحالي يهددنا، أنا صرفت على الفدان أضعاف السنين اللي فاتت، وعايزين على الأقل سعرا يضمن تغطية المصاريف، وهامش ربح بسيط لو مش هيزودوا السعر، لازم يوفروا السماد المدعم وييسروا القروض الزراعية علشان نعرف نكمل".
وكشف أن أسباب الأزمة واضحة تتمثل في زيادة أسعار التقاوي الجيدة، نقص الأسمدة المدعومة وارتفاع سعرها في السوق، تضاعف أجور العمالة، وارتفاع تكلفة الري والسولار كل ذلك جعل السعر الرسمي لتوريد الذرة أقل بكثير من تكلفة الإنتاج، وهو تهديدًا لمصدر رزق المزارعين ولمستقبل المحصول نفسه".
معادلة صعبة
وقال حسين عبد الرحمن أبو صدام نقيب الفلاحين: إن "مطالب الفلاحين تتلخص في رفع سعر التوريد ليوازي التكاليف الفعلية مع هامش ربح لا يقل عن 25%، وإعلان السعر قبل موسم الزراعة ، مشددا على ضرورة العمل بالزراعة التعاقدية حتى يتمكن الفلاح من التخطيط الجيد إلى جانب زيادة الدعم المخصص للأسمدة وتسهيل القروض الزراعية، إضافة إلى توفير إرشاد فني يساعد على تقليل الفاقد وزيادة الإنتاجية".
وحذر أبو صدام في تصريحات صحفية ، من استمرار الوضع الحالي، مؤكدًا أن ذلك سيؤدي إلى تراجع مساحة زراعة الذرة في الموسم المقبل، ما سينعكس على صناعة الأعلاف وأسعار اللحوم والدواجن، ويؤثر في النهاية على الأمن الغذائي".
واكد أن مزارعي الذرة يقفون اليوم أمام معادلة صعبة بين حب الأرض واستمرار الخسارة، وهم ينتظرون تحركًا حكوميًا عاجلاً ينقذ الموسم المقبل ويحافظ على محصول يعدّ ركيزة للأمن الغذائي في مصر.