21 مليار جنيه من جيوب المصريين… كيف تحول صُنّاع المحتوى إلى “بقَر حلوب” لتمويل عجز حكومة الانقلاب؟

- ‎فيتقارير

 

لم تكتفِ حكومة الانقلاب برفع أسعار الكهرباء والغاز والمياه والمواصلات، بل مدّت يدها هذه المرة إلى جيوب صُنّاع المحتوى والبلوجرز، باعتبارهم آخر فئة ما زالت قادرة على تحقيق دخل في ظل الانهيار الاقتصادي. والنتيجة: 21 مليار جنيه دخلت خزائن الدولة في عام مالي واحد فقط، كحصيلة من ضرائب التجارة الإلكترونية وصناع المحتوى.

 

كيف حدث ذلك؟

 

وفقاً لتقارير وزارة المالية، زادت حصيلة الضرائب على أنشطة التجارة الإلكترونية بنسبة 101% عن العام السابق، بعد فرض تعديلات ضريبية عام 2023 شملت المنصات الرقمية المحلية والدولية.

 

هذه التعديلات أخضعت مقدمي الخدمات غير المقيمين (مثل نتفليكس، غوغل، أمازون برايم) لضريبة قيمة مضافة 14%، ما رفع تكلفة الاشتراكات على المواطنين العاديين، ودفعهم لتحمّل عبء إضافي.

 

وحدها إيرادات التجارة الإلكترونية قفزت من 85 مليون جنيه فقط قبل فرض الضريبة إلى 13.7 مليار جنيه بعد تطبيقها.

 

البلوجرز تحت المقصلة

 

منذ 2021، بدأت الدولة بفرض ضريبة على أي مدون أو صانع محتوى يحقق دخلاً سنوياً يفوق 500 ألف جنيه. وبحسب الأرقام الرسمية، جمعت الحكومة 2.1 مليار جنيه من هذه الفئة العام الماضي وحده.

لكن خلف الأرقام قصص إنسانية مريرة. فاليوتيوبر المعروف أحمد أبو زيد (صاحب قناة “دروس أونلاين”) اضطر لمغادرة مصر بعد أن تمت مطاردته ضريبياً والاستيلاء على مدخراته التي جمعها عبر سنوات من العمل. وهو مجرد نموذج واحد لعشرات البلوجرز الذين باتوا مهددين بالحبس أو الإفلاس إن لم يدفعوا ما تفرضه الدولة.

 

أسئلة غائبة: أين تذهب الأموال؟

 

الحكومة تبرر الإجراءات بأنها “دمج للاقتصاد الرقمي في المنظومة الرسمية”، لكن الشارع المصري لا يرى انعكاساً لهذه المليارات على حياته اليومية: فالخدمات العامة تنهار، وأسعار السلع ترتفع بوتيرة غير مسبوقة، والجنيه يفقد قيمته أمام الدولار.

 

في المقابل، تتجه الحصيلة الضريبية نحو سد عجز الموازنة، وتمويل مشروعات العاصمة الإدارية وقصور الرئاسة والصفقات العسكرية، بينما يعيش ملايين المصريين تحت خط الفقر.

 

خبراء الاقتصاد: “ابتزاز ممنهج”

 

يصف خبراء اقتصاديون هذه السياسات بأنها عملية سطو مقننة، حيث لا تفرق الحكومة بين التجارة التقليدية والأنشطة الفردية الصغيرة عبر الإنترنت. فحتى لو كان شاب يربح بالكاد قوت يومه من منصة يوتيوب أو بيع منتجات بسيطة على فيسبوك، يجد نفسه أمام جهاز ضرائب يطالبه بآلاف الجنيهات.

 

ويقول أحد المحللين: “لو استطاعت الحكومة تعبئة الهواء وبيعه للمصريين لفعلت… هي تبحث فقط عن أي مصدر دخل، حتى لو كان على حساب مستقبل جيل كامل من المبدعين”.