“أنت عارف أنا ابن مين؟” إلى “حريقة”.. كيف تكشف فضيحة نجل قاضٍ وجه شبه دولة السيسي؟

- ‎فيتقارير

 

في مشهد يعكس أحد أبرز وجوه  شبه دولة المنقلب السفيه  السيسي، حيث يُدان آلاف الأحرار بأحكام جائرة تصل إلى الإعدام والمؤبد لمجرد التظاهر أو كتابة منشور معارض، بينما يتنعم أبناء القضاة والمسؤولين بالحصانة والعبث، عادت قضية ما يُعرف إعلامياً بـ"طفل المرور" – أحمد أبو المجد، نجل أحد القضاة – إلى الواجهة مجدداً.

 

فقد قضت محكمة الجنح بجنوب القاهرة، الأربعاء، بسجنه ثلاث سنوات بعد أن أثبت تقرير الطب الشرعي تعاطيه مواد مخدرة، ورغم أن الحكم بدا شكلياً لإغلاق ملف أثار جدلاً واسعاً، إلا أنه فتح الباب مجدداً أمام نقاش حول دلالات تكرار جرائمه منذ سنوات دون رادع، وهو ما يثير التساؤلات: هل غياب العقوبة جعل أبناء السلطة يسيئون الأدب أكثر؟

 

تعديات متكررة بلا حساب

 

القضية الجديدة ليست سوى حلقة في سلسلة عربدة مارسها الفتى منذ 2020 ، حين ظهر يقود سيارة مرسيدس بلا رخصة، وهو يتهكم على رجل شرطة قائلاً: "إنت عارف أنا ابن مين؟"، في واقعة تحولت إلى رمز لسطوة أبناء القضاة وسط عجز الدولة عن ردعهم.

اليوم، يقف "حريقة" أمام محاكمات متوازية، أحدها في قضية تعاطي المخدرات، وأخرى بتهمة الاعتداء الوحشي على زميل له بعصا "بيسبول" أمام مدرسة بالمقطم، ما أدى إلى إصابة الطالب بنزيف في الأذن وارتجاج بالمخ.

 

دولة تكيل بمكيالين

 

الفضيحة تكشف مرة أخرى التناقض الصارخ في نظام السيسي، قضاة يصدرون أحكاماً جماعية بالإعدام والمؤبد على معارضين سلميين، بينما أبناؤهم يرتكبون جرائم جنائية خطيرة متكررة من مخدرات إلى اعتداءات عنيفة دون أن تمسهم يد العدالة بجدية.

بل إن حادثة 2020 أثبتت هذا الانحياز حين أُعيد "طفل المرور" سريعاً لأسرته بعد اعتذار والده، في مقابل آلاف المعتقلين السياسيين الذين يقبعون لسنوات خلف القضبان بلا تهم حقيقية.

 

عربدة محصنة بالقضاء

 

يرى حقوقيون أن الظاهرة ليست فردية، بل تعكس ثقافة الإفلات من العقاب التي زرعها النظام داخل مؤسسات الدولة، حيث يعيش أبناء القضاة وكبار المسؤولين في مظلة حصانة، تمكّنهم من تجاوز القانون مراراً، ويذهب البعض إلى اعتبار ما يحدث صورة مصغرة لدولة السيسي نفسها، سلطة فوق القانون، ومعارضة مسحوقة بأحكام مشددة.

 

القضية إذن ليست مجرد "طفل مرور" يهوى المخدرات والعنف، بل عنوان صارخ على واقع دولة انهارت فيها قيم العدالة، وتحولت المحاكم فيها إلى أداة قمع للمعارضين، بينما يتوارث أبناء أصحابها شعوراً بأنهم محصنون من الحساب.