غزة تخرج من تحت الأنقاض!

- ‎فيمقالات

أعلن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة فجر أمس الخميس بعد أربعة أيام من مفاوضات غير مباشرة بين حركة «حماس» وإسرائيل في مدينة شرم الشيخ المصرية، بمشاركة وفود من قطر وتركيا ومصر وبإشراف أمريكي.

سجّلت وسائل الإعلام، بعد ذلك، تجمّع شبان فلسطينيين خارج مستشفى ناصر في خان يونس حيث غنوا ورقصوا على وقع أغان وطنية فرحا بإمكانية الخروج من المهلكة الفظيعة التي يتعرّضون لها منذ أكثر من سنتين، وفي مدينة غزة، التي نزح معظم سكانها، خرج شباب آخرون إلى الشوارع المدمرة رغم استمرار الغارات الإسرائيلية.

خلال مقابلة لمحطة بريطانية مع طبيب في مشفى ناصر، سمعت المذيعة صوت طلقات فسألته إذا كان ذلك ترحيبا من الفلسطينيين بإعلان الاتفاق فأجاب أنها قد تكون ترحيبا بالاتفاق لكنّه عقّب قائلا إن طلقات الجيش الإسرائيلي على الفلسطينيين لم تتوقف بعد.

رغم إعلان بدء إسرائيل انسحاب قواتها إلى ما يسمى «الخط الأصفر»، الذي يبقي، خلال هذه المرحلة، سيطرة جيش الاحتلال على 53٪ من أراضي القطاع، وخلال كتابة هذا الرأي كان الاحتلال يستهدف بالقصف الخطّ الساحليّ الذي يصل شمال القطاع إلى أقصى جنوبه (المسمى شارع الرشيد) بهدف منع عودة الغزيين إلى بيوتهم.

يتذكّر الفلسطينيون هذا الخطّ الذي يعبره كورنيش غزة وشارع الرشيد، ويتقاطع مع شارع عمر المختار شمالا، وشارع بيروت جنوبا، والذي كان منطقة تضجّ بالحياة في كل أوقات السنة، وكان الناس يتجمعون في المقاهي والمطاعم والفنادق لحضور احتفالات الزفاف أو مشاهدة مباراة كرة قدم أو الذهاب إلى مطعم للاستمتاع بمنظر البحر.

خلال حرب إسرائيل الهمجية الطويلة على القطاع دمّر جيش الاحتلال معالم الحياة المطلة على شاطئ البحر، فجرّف المباني والفنادق والمقاهي والاستراحات، وسكانها، فتصرّف مثل زلزال هائل أصاب المنطقة بأكملها محوّلا إياها إلى قطاع منكوب بالتدمير الممنهج.

يشير تحليل أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية لبيانات تعود إلى تموز/ يوليو الماضي أن حوالي 193 ألف مبنى في غزة تعرض للدمار أو الأضرار، وأن حوالي 213 مستشفى و1029 مدرسة استهدفت، وان 18 بالمئة فقط من سكان قطاع غزة ليسوا محاصرين في مناطق عسكرية أو لا يخضعون لأوامر نزوح، كما أفاد مرصد معني بمراقبة الجوع، بأن نحو 514 ألف شخص، يمثلون ما يقارب ربع سكان القطاع، يعانون من مجاعة، وأن أكثر من 60 بالمئة من النساء الحوامل والأمهات الجدد يعانين من سوء التغذية، وأن واحدا من كل 5 أطفال في مدينة غزة مصاب بسوء التغذية الحاد.

الشاغل الأكبر الآن لسكان القطاع هو توقّف آلة الإبادة والتدمير الإسرائيلية وتوفير الأمن، وهذا مطلب رئيسيّ تتمركز حوله، بعد ذلك، المطالب الإنسانية الأولية الأخرى، من الغذاء والصحة وانتهاء بحقهم في البقاء في أرضهم، وصولا إلى تقرير مصيرهم، وإنشاء الدولة التي يبتغون أن يعيشوا تحت ظلها.

ما فعلته إسرائيل، خلال 733 يوما من العدوان هو انتهاك كل هذه الحقوق بسوية تجعل غزة عارا كبيرا للإنسانية جمعاء، ومن حق غزة أن تخرج من الركام لتدفن شهداءها، وتداوي جرحاها، وتستعيد الحياة التي فقدتها.

نقلا عن / القدس العربى