قبل أيام قليلة، من انتهاء العام 2025 شهد سعر الدولار أمام الجنيه ارتفاعا بصورة مفاجئة، مدفوعا بخروج جزئي لأموال المستثمرين الأجانب مع الطلب على الدولار لإنهاء القوائم المالية للشركات.
وقالت مصادر مصرفية إن الحديث عن تعويم جديد أمر غير واقعي بعد أن حررت حكومة الانقلاب سعر الصرف وفق آلية العرض والطلب، مشيرة إلى تراجع الدولار الفترة الماضية مع ارتفاع التدفقات والوفرة الدولارية، واليوم يتحرك قليلا لأعلى مع ارتفاع الطلب وهي أمور عادية.
وأضافت المصادر أن العام الحالي شهد أعلى تدفقات دولارية مقارنة بالعامين الماضيين مما ينعكس على الجنيه متوقعة أن يهبط الدولار إلى ما دون الـ 47 جنيها العام المقبل مع زيادة التدفقات.
يُشار إلى أن الدولار سجل أمام الجنيه وفق سعر البنك المركزى 47.52 جنيه للشراء و47.66 جنيه للبيع
وسجل سعر الدولار فى البنك الأهلى للشراء 47.54 جنيه و 47.64 جنيه للبيع وفى بنك مصر 47.54 جنيه للشراء و 47.64 جنيه للبيع
انخفاض وهمى
فى هذا السياق قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب: يتخيل البعض أن لدينا سعر صرف، وهذا غير صحيح، مؤكدا أن ارتفاع الدولار وانخفاضه بالبنوك مدار بشكل كبير .
وأضاف عبدالمطلب فى تصريحات صحفية : نسطيع القول إن هناك سوقا لسعر الصرف عندما يحصل المواطن من الجهاز المصرفي وشركات الصرافة المرخصة على بعض احتياجاته من الدولار والعملات الصعبة .
وأوضح أن عدم تمكن المواطن من الحصول على الدولار معناه عدم وجود سوق لسعر الصرف في مصر، وأنها مجرد قرارات إدارية من البنك المركزي برفع أو خفض سعر الدولار، نتيجة لسياسات أو رؤية البنك، لكن لا علاقة لها بسعر الفائدة ولا معدل التضخم ولا المؤشرات النقدية، مشيرا إلى أن الحديث عن تراجع الأسعار لمجرد انخفاض الدولار غير موجود لأنه انخفاض وهمي .
وأشار عبدالمطلب إلى أن عدم شعور المواطن بوجود تحسن أو تعافي اقتصادي وانعكاس ذلك على مستوى المعيشة والذى يحتاج إلى تراجع الأسعار بشكل حقيقي وليس بشكل وهمي يؤكد أن تراجع الدولار أمام الجنيه لا وزن له ولا اعتبار .
وشدد على أن المواطن يشعر بما نسميه تحسنا إلى حد ما مع تحقيق معدل نمو على الأقل يتراوح ما بين 7 إلى 9 بالمئة، ولا بد أن يكون نموا حقيقيا وفي ظل معدل تضخم أحادي -أقل من 10 بالمئة- عندها يكون هناك عرض للوظائف، وزيادة في الدخول، والإنتاج، وسرعة دوران رأس المال، وتحقيق أرباح، عندها يحدث انتعاش ينعكس أثره على المواطن .
وشدد عبدالمطلب على أنه طالما ترفع دولة العسكر أسعار الغاز والكهرباء والمواصلات، والضرائب، والخدمات، والرسوم، لن يكون هناك تراجع فى الأسعار، لأن الاقتصاد وحدة متكاملة ما يحدث فيه يؤثر في الباقي، ولو هبط الدولار إلى 20 جنيها فلن يشعر المواطن بفرق الأسعار، مؤكدا أن المسألة في أغلبها غير مرتبطة بالدولار بقدر ارتباطها بحركة الإنتاج .
سبب موضوعي
وقالت الدكتورة علياء المهدي، العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة إن حالة الصعود التي عاشها الجنيه مقابل الدولار فى الفترة الأخيرة لم يكن لها سبب موضوعي مقبول ولذلك من الطبيعى أن يعاود الدولار الارتفاع ويتجه الجنيه إلى التراجع .
وأكدت علياء المهدي في منشور عبر موقع التواصل الاجتماعى"فيسبوك"، أن الصادرات المصرية لم تحقق أى زيادة، ولم ينخفض عجز الميزان التجاري، ولا التزامات مصر تجاه الخارج، مشيرة إلى أن هناك أعباء مديونية ضخمة سنويا .
وكشفت أن وصول رءوس الأموال الساخنة إلى 41 مليار دولار، أمر مقلق متوقعة خروجها فى أي لحظة وبالتالى يعود الجنيه إلى التراجع أمام الدولار والعملات الأجنبية وهو ما بدأ بالفعل يحدث الآن.
الأموال الساخنة
وانتقد الخبير الاقتصادي هاني توفيق، اعتماد حكومة الانقلاب على الأموال الساخنة، التي بلغت نحو 40 مليار دولار، كوسيلة لدعم الجنيه، مطالبا بالعمل على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لأنه الطريق الأمثل لخلق فرص العمل، وتعزيز التصدير، وزيادة الإيرادات، وتقليل المديونية .
وكشف توفيق عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى"فيسبوك"، أن مصادر مصر الدولارية تعاني من تراجع شديد مع تراجع دخل قناة السويس 61 بالمئة العام الماضي لتسجل 3.99 مليار دولار، وخلال الربع الأول من العام الحالى، سجلت الصادرات غير البترولية 9.86 مليار دولار، وبلغت تحويلات العاملين بالخارج 9.42 مليار دولار، تليها السياحة بـ3.81 مليار دولار، ثم صافي الاستثمار الأجنبي بنحو 3.77 مليار دولار، والصادرات البترولية 1.18 مليار دولار، وقناة السويس 0.83 مليار دولار.