أفراح العسكر.. فلوس بالكوم والمعازيم بملابس النوم!

- ‎فيتقارير

في جمهورية العسكر أو مملكتهم التي يحكمها الطغيان سمع المصريون عن أفراح تقام بملايين الجنيهات، ملابس من أسبانيا وراقصات من بلغاريا ومطربين بـ”الدستة”، وطعام وخمور من فرنسا وأموال تهدر تحت أقدام الراقصات، الملايين كثيرة بين أيادي عصابة العسكر ورجال الأعمال الفسدة، الذين يديرون مشاريع يتخفى وراءها جنرالات الفقر، ومن يملك المال ولو حرام لا حرج عليه ولا لأحد أن يلوم سفهه وقلة أدبه.

وقبل ثلاثة أيام استفز المصريين، الذين يبشرهم السفيه قائد الانقلاب دائما بالفقر، حفل زفاف على جثث الملوك الأجداد في أسوان، لم نسمع يومًا أن أحدًا تجرأ واستأجر معبد من بابه ليحتفل بزفاف نجله، لم نكن نتوقع أن نستيقظ ذات صباح على صور شباب وشابات يتراقصن بالبيجامات وقمصان النوم، ويقبل كل منهما الآخر، على وقع الأغاني الشعبية وبالقرب ملوك يمثلون رأس حربتنا في الترويج لمقوماتنا السياحية.

“الحاذق وشتا”، عائلتان لهما باع طويل في مجال السياحة والبترول والبيزنس مع العسكر، ولهما العديد من الاستثمارات في هذين القطاعين، إلا أن صيتهما وسيرتهما لم تكن على لسان الفقراء قبل هذا الأسبوع، الذي شهد تنظيمهما حفل زفاف محمود الحاذق، ابن شقيق رجل الأعمال عماد الحاذق، على عروسته جنان، نجلة رجل الأعمال هشام شتا لمدة 3 أيام بمحافظة أسوان، وسط حضور كوكبة من نجوم عصابة الانقلاب.

طبقية العسكر

يقول رئيس قسم علم الاجتماع كلية الآداب جامعة الإسكندرية الدكتور علي الحبالي: “كلما مر الوقت على المجتمع المصري كلما برزت الطبقية بصورة صريحة وواضحة، ففي آخر 10 سنوات كان المجتمع ينقسم إلى ثلاث طبقات الأغنياء والوسطاء والفقراء، و الآن أيضًا نعيش في ثلاث طبقات لكنها تنقسم إلى الأغنياء والفقراء وشديدي الفقر”.

وأكد الجبالي أن حفل زفاف معبد الفيلة الذي تكلف أكثر من 25 مليون جنيهًا خير دليل على انتشار الطبقية في زمن الانقلاب؛ لأن مراسم احتفاله أقيمت في الوقت الذي يلجأ فيه أبناء الطبقة الفقيرة إلى الاكتفاء بعقد قران في بيوت أهاليهم، لافتًا إلى أن سياسة العسكر تؤدي إلى انتشار البغيضة والحقد بين أبناء المجتمع.

وأشار رئيس قسم الاجتماع بجامعة الإسكندرية إلى غياب القواعد والقوانين التي تنظم توزيع الأموال بين طبقات المجتمع، حتى لا تحصل عصابة الانقلاب على أموال باهظة يدفعها الفقراء في المجتمع، لافتًا لضرورة تعديل نظم دفع الضرائب إلى الضريبة التصاعدية للمحافظة على السلام الاجتماعي.

ليالي المسخرة

قبل الفرح بشهرين تعرضت المحافظة لحالة طوارئ غير مبررة فظن الأهالي أنه هناك زيارة من أحد جنرالات العسكر أو مؤتمر ستعقده المحافظة لجذب مزيد من الاستثمارات للمحافظة السياحية الشهيرة، فالشوارع الرئيسية مغلقة لرفع حالتها، والميادين أعمال النظافة فيها لا تنقطع، والمواصلات العامة محددة بأوقات معينة، وكلما سأل المواطنون عن سبب هذا، كانت الإجابة: “عندنا حدث مهم”.

الحدث المهم ليس إلا حفل زفاف تكلف 20 مليون جنيه كما كنا نسمع في الأساطير قديما، عائلتان من أكبر عائلات الفسدة قررا نقل أصدقائهم وأهلهم من داخل مصر وخارجها إلى محافظة أسوان لإقامة حفل زفاف من ثلاث ليال متصلة، على أن يتم تقسيم الليالي بين المعابد والمواقع الأثرية وأحد الفنادق الشهيرة، وقتها تخيل المواطنون أن ما يسمعوه لا يتخطى الشائعات التي لا تنقطع منذ انقلاب 30 يونيو 2013، وأن أعمال الإشغالات بالمحافظة ما هي إلا تنفيذ لخطة المحافظ التي تحدث عنها في بداية عهده لرفع كفاءة الشوارع استعداداً للموسم السياحي، إلا أنهم مطلع الأسبوع الحالي اكتشفوا أن كل ما سمعوه ليس إلا جزء بسيط من المهزلة.

معبد فيلة الذي يقع وسط مياه نهر النيل ويحج إليه السياح من كل حدب وصوب، وقع تحت أثر احتلال العائلتين فأقيم بداخله واحدة من الليالي الثلاث، أضواء مسلطة على الآثار، أماكن مخصصة للتراقص على جثث سكان المكان الأثري الرفيع، مكبرات صوت توقظ الفراعنة من سباتهم، فتحول المعبد إلى ما يشبه الملهى الليلي، وبات المشهد برمته مستفزاً وعاكساً للطبقية الضاربة بجذورها في جمهورية العسكر.