السيسي وترامب.. كراهية الإعلام واحدة ويتفوق الأمريكان في الحرية!

- ‎فيتقارير
US President Donald Trump (R) and Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi take part in a bilateral meeting at a hotel in Riyadh on May 21, 2017. / AFP PHOTO / MANDEL NGAN

يناصب قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، الإعلام بمختلف اتجاهاته العداء، ويتهمه بأنه سبب لكل تعبئة سلبية في الشارع المصري، فضلا عن فقدان السيسي الثقة بأي إعلامي، حتى ولو كان من عينة توفيق عكاشة وأغلب المطبلين له، لدرجة أن السيسي حينما يريد توصيل أي رسالة من رسائل الفقر والوعيد للشعب المصري، يجمع الكاميرات ويظهر على الهواء، وما إن يصعد على المسرح ويمسك بـ”الحديدة” لا يتركها لأحد يتكلم غيره، وعلى الجميع أن يسمع فقط.

ولم يترك السيسي، في أي ظهور له، توجيه اللوم والعتاب للإعلاميين واتهامهم بنشر الفتنة، والإساءة لهم تصريحًا وتلميحًا، وتوجيه انتقادات لاذعة لوسائل الإعلام، تجاه معالجتهم لأي قضية، رغم حالة التطبيل وسيطرة مخابرات السيسي على كافة وسائل الإعلام في مصر.

وينظر السيسي للإعلام على أنه لا يقوم بدوره، وقال خلال منتدى الشباب العالمي بشرم الشيخ، وأمام المراسلين الأجانب: إن الإعلام المصري لا يقوم بدوره في تكوين وعي حقيقي بالأزمات والمشاكل التي تواجه الدولة المصرية، كما اتهم الإعلام المصري بعدم الحديث عن المشكلات الحقيقية لمصر قائلا: “الإعلام المصري لا يتحدث عن أن الزيادة السكانية هي أحد أسباب مشاكلنا الراهنة”، مضيفًا: “إننا نسعى لتصويب الوعي المزيف الذي تكّون على مدى سنوات”.

وتابع: “الإعلام المصري لا يقوم بدور حقيقي لإلقاء الضوء على التحديات والمشكلات التي يعاني منها المصريون، مما يترك المجال لمنصات التواصل الاجتماعي- بما فيها من سلبيات- إلى شغل الفراغ الذي تركته وسائل الإعلام المعروفة”.

بين ترامب والسيسي

بالرغم من شهرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بكراهيته للإعلام وحربه الدائمة عليه، مثله مثل السيسي، إلا أن حرية الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية ربما تصل إلى حد الاشتباك مع ترامب نفسه، ومهاجمته على الهواء، بل وتوجيه الاتهام له علنا، دون أن يجرؤ ترامب على أن يمس صحفيًّا من المهاجمين له.

ولعل ما حدث أمس الأربعاء، خلال المؤتمر الذي ظهر فيه ترامب أمام الصحفيين الأمريكيين، يكشف ذلك بعد أن حدثت مشادة كلامية بينه وبين صحفي في شبكة “سي إن إن” الإعلامية الأمريكية، أثناء مؤتمر صحفي بشأن نتائج الانتخابات النصفية للكونجرس.

وجرى ذلك أثناء طرح الصحفي سؤاله حول وصف ترامب لقافلة المهاجرين من أمريكا الوسطى بأنه “غزو”. ودافع ترامب عن موقفه، وخلال إجابته عن السؤال طرح الصحفي بعض الأسئلة الإضافية. وبعد سؤالين أو ثلاثة منه قال ترامب “نكتفي بذلك”، لكن الصحفي واصل محاولاته بطرح مزيد من الأسئلة.

فقال ترامب مخاطبًا الصحفي: إن “سي إن إن” يجب أن تكون خجولة من أن شخصًا مثلك يعمل فيها، وأنت وقح وفظيع”. وأضاف: “عندما تنشرون أخبارًا كاذبة، وأنتم تقومون بذلك كثيرا فأنتم أعداء الشعب”. كما اشتكى ترامب من معاداة وسائل الإعلام له.

وظل الرئيس الأمريكي يهاجم مراسل شبكة “سي إن إن”، جون كاسوستا، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في البيت الأبيض، تعليقا على نتيجة انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.

وتحدث الصحفي رافضًا تعليق ترامب بشأن المهاجرين بأنهم لا يعتبرون مخترقين للحدود بشكل غير شرعي، وهنا رد ترامب بالشكر على مقولته رافضًا تعليقه، قائلا: “المهاجرون يجب أن يأتوا بطريقة شرعية. لدينا شركات. نريد أشخاصًا للعمل”.

وعند حديث المراسل عن أنهم على بعد مئات الأميال فقط من حدود الولايات المتحدة، رد ترامب بالقول: “أتركني أنا أدير البلاد. وعليك أنت تولّي مهمة (سي.إن.إن)”.

وحينها قامت إحدى موظفات البيت الأبيض بنزع الميكروفون من يد الصحفي بطريقة غير لائقة، مع محاولته طرح سؤال آخر، إلا أنها تركته لطرح سؤاله الثاني.

وعندما حاول المراسل طرح سؤاله الثاني، بشأن التحقيقات التي تجرى عن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، رد ترامب: “إنها تحقيقات بلا جدوى”.

ترامب يثور

وهنا ثار ترامب، وقال له: “ضع الميكروفون. كفى كفى. اجلس مكانك. أنت شخص مستفز. أنت عار على القناة التي تعمل فيها”.

وتابع ترامب: “(سي.إن.إن) يجب أن تخجل من نفسها. الطريقة التي تعاملتم بها مع سارة هوكابي كانت فظيعة”.

وواصل ترامب هجومه موجها كلامه للصحفي: “أنت عدو للناس. سي إن إن تعرض أخبارا مزيفة”. ليقف أحد زملاء مراسل “سي إن إن”، ويدافع عن زميله، أمام ترامب، دون خوف، ويرفض الطريقة التي تحدث بها ترامب مع الصحف من شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

وبعدها بلحظات تقف مراسلة أخرى لقناة أمريكية، تهاجم ترامب أيضا، وترفض ثورته وطلبه لها بأن تجلس ولا تتكلم، في مشهد يعكس كيف يحصن النظام الأمريكي الصحفيين من الخوف، ويعطيهم الحق في الذود عن أنفسهم أمام رئيس أكبر دولة في العالم، وبالرغم من أن ترامب يمتلك تاريخا من العداء مع وسائل الإعلام، وسبق له أن غرد على “تويتر” في فبراير 2017، قائلا: “وسائل إعلام الأخبار الكاذبة (نيويورك تايمز، إن بي سي نيوز، إيه بي سي، سي بي إس، وسي إن إن) ليست عدوا لي، لكنها عدو للشعب الأمريكي”.

مؤتمرات السيسي الصحفية

في 31 يناير 2018، طالب عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاحه المرحلة الأولى من حقل “ظهر” للغاز الطبيعي من محافظة بورسعيد، الإعلاميين بالتحقق مما يذيعونه ويقولونه.

وأضاف- أثناء ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص خلال الفعالية ذاتها- “الإعلام عليه دور كبير، والإعلامي يجب أن يفهم ما تقوم به الدولة لإيصاله للمواطن البسيط بلغة يفهمها، لو وصلت المعلومة غلط المواطن هيجيله إحباط”، دون أن يجرؤ أن يرد إعلامي واحد على اتهامات السيسي، أو حتى يناقشه”.

بل إن السيسي وصل في هجومه على الإعلام إلى التهكم والغضب، حينما اتهم الاعلاميين قائلا: “الناس لا هي عارفة ولا فاهمة، وهو كل واحد ماسك بتاع في إيده وبيتكلم وخلاص”.

وأثناء مغادرة السيسي مقر إقامته في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعد انتهاء القمة الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا لبحث ملف سد النهضة، في 29 يناير الماضي، قال السيسي: “الدور عليكم يا إعلاميين بعدم تقديم رسائل للرأي العام تقلقه، ولا رسائل تسيء للآخرين في الخارج، وفيه آلية ولجان شغالة على أعلى مستوى معنيين بموضوع سد النهضة، وبقول للمصريين اطمنوا”، مضيفا “أتمنى من الإعلام المصري في موضوع السودان وكل الموضوعات المماثلة، بعدم الإساءة في التعبيرات مهما كان حجم الغضب أو الألم، مش بس في السودان، لكن في أي حتة، ولازم نبقى حريصين إننا لا تخرج منّا أي تصريحات غير لائقة”.

وأضاف- في كلمته خلال افتتاح عدد من المشروعات التنموية بمدينة السادات- “إحنا بنعكس ونعبر عن مصر وشعبها وقيم هذا الشعب من خلال تعليقاتنا، سواء في الإعلام أو مواقع التواصل، وأرجو إن المصريين ينتبهوا لده مهما كان رفضنا لموضوع من الموضوعات”.

أخبار غير دقيقة

وفي النسخة الأولى من منتدى شباب العالم، في نوفمبر 2017، قال عبد الفتاح السيسي: إن مصر تعاني منذ 7 سنوات من نشر الأخبار غير الدقيقة، مشددًا على ضرورة بذل مزيد من الجهد والتواصل مع هيئة الاستعلامات لتطوير العلاقة مع الإعلام الأجنبي.

وزعم السيسي حينها أنه حرص منذ بداية حكمه، في 2014، على ألا يتعرض للإعلام بغض النظر عن الرضا عنه أو لا، داعيًا الإعلاميين المصريين إلى الحفاظ على الروح المعنوية للشعب في ظل الظروف الحالية، وعدم جعل الخوف على مصر يؤدي إلى العصبية في التعامل مع القضايا المطروحة.

وفي أكتوبر 2016، قال للإعلاميين في ختام ندوة “تأثير وسائل الإعلام على صناعة الرأي العام الشبابي”: “أنتم تضروا مصر جامد جدا من غير ما تقصدوا وبكلمكم كمسئولين عن بلد مش مجرد رأى عام بس”

وأضاف السيسي: “أنتم مسئولون عن مصر معانا. وأنا معاكم ومستعد أجيب جرائد أنها كانت أحد أسباب زيادة سعر الصرف لأنها اتكلمت عن أخبار لا تمت للواقع بصلة والناس أخذتها على أنها مؤشر”، متابعا: “هناك دول فقدنا حميمية العلاقة السياسية معها نتيجة خروج أخبار من مصر تسيء للعلاقات معها”.

الهجوم مجددًا

وفي قضية جوليو ريجيني، انتقد السيسي تناول الإعلام للقضية في أبريل 2016، خلال لقائه ممثلي فئات المجتمع قائلا: “بمجرد أن تم الإعلان عن مقتل ريجيني البعض منا اتهم الأجهزة الأمنية المصرية بالتورط في هذه الجريمة، وشبكات التواصل الاجتماعي تحدثت عن ذلك، وكثير من الإعلاميين نقلوا عنها، ومن يتابع من الخارج ما يحدث في مصر صدق هذه الرواية؛ بسبب تناولنا لها”، مستطردًا “الشبكات دي خطيرة جدًا، ولازم الإعلامي يكون له مصادره وأبحاثه ودراس”.

وخلال الندوة التثقيفية التي نظمتها القوات المسلحة، في نوفمبر 2015، انتقد عبد الفتاح السيسي انتقاد الإعلاميين له لاجتماعه مع شركة سيمنز أثناء غرق شوارع الإسكندرية.

تذمر المنقلب 

وقال السيسي: “أحد الإعلاميين بيقول إزاي الرئيس يقعد مع سيمنز وشايف إسكندرية بتغرق.. حاجة صعبة أوي، عيب ميصحش كده.. إيه الشغل ده والأمر ده لا يليق، انتوا بتعذبوني إني جيت وقفت هنا، بحس إن الناس مش عارفة وبتتكلم وتنشر جهل وعدم وعي بين الناس وقطاع الإعلام مفهموش كارثة ولا إيه؟.. المرة الجاية هشتكيكم للشعب”.

وتابع السيسي: “الإعلام في الخارج وبعض الإعلام في الداخل يمكن أن يتم استخدامهم في الحرب ضد مصر، ونحن نريد أن تكون المعالجة في الحيز الطبيعي، وأن ينتبه الإعلام وهو يعالج الأمور على الجبهة مع الإرهابيين”.

وفي يناير 2015، التقى السيسي وفدا صحفيا وإعلاميا خلال زيارته للإمارات، وقال لهم: أحملكم المسئولية معي لموا الناس وفهموهم، وقبل ما تطرح قضية جماهيريًا يجب أن تتابع الملف بالكامل وتعرض تفاصيله؛ لأننا بنشكل وعي الناس الحقيقي وليس المزيف، قبل أن أعرض مشكلة أنبوبة البوتاجاز أو أزمة الكهرباء أشوف هل معايا تمويل لتحسين الخدمة، أقول لكم من هنا من الإمارات، لولا مساعدة الأشقاء لنا لزاد الوضع سوءًا”.

وفي أكتوبر 2014، وجه السيسي كلمة للإعلاميين المصريين، أثناء حضوره مناورة “ذات الصواري” وحفل العيد القومي للبحرية المصرية، قائلًا: “انتوا الإعلاميين، على مهلكوا على المصريين، الناس قاعدة في بيوتها بتسمع منكم وبتقرأ لكم، خلوا عندهم أمل عشان إحنا ماشيين كويس، مش زي ما إحنا عايزين، لأن آمالنا كبيرة أوي، خلوا فيه سياق عام تتكلموا فيه، اللي هو الحفاظ على الدولة المصرية، لازم الثقة والرضا والطموح والشعور بالأمان الإعلام يتكلم فيه مع الناس، أنا مش بقول نزيّف الحقائق، لكن نخلي بالنا وإحنا بنتكلم”.

وفي سبتمبر 2014، انتقد السيسي خلال كلمته في ندوة تثقيفية للقوات المسلحة، طريقة تناول الإعلام لقضية انقطاع التيار الكهربي، ضاربًا مثلًا باستخدام وسيلة إعلامية جملة “الحكومة منورة”، قائلًا: “إيه ده! هي دي المعالجة، الأمر ده انتوا مش متوقعينه ولا إيه”.