بسبب “عدم رجعية القوانين”.. تعديل الدستور لتمديد رئاسة السيسي يُبطل شرعية حكمه!

- ‎فيتقارير

برغم أن العسكر قاموا بانقلابهم للسيطرة على السلطة بالقوة ومن غير المنطقي ان يتصور أحد انهم سيتخلون عنها بانتخابات ديمقراطية، أو أن من احتكموا للسلاح والقتل سوف يحترمون ويحتكمون للقانون والديمقراطية أو التغيير السلمي عبر الصناديق.

إلا أن خبراء السياسة والقانون يؤكدون أن طبخة تعديل الدستور القائمة حاليا بهدف تمديد رئاسة السيسي باطلة قانونا، وتمريرها معناه إبطال اغتصاب السيسي للرئاسة .. ولكن منذ متي وهو يلتزمون باي قانون؟!

مبدأ عدم رجعية القوانين

هناك مبدأ قانوني معروف يسمي “مبدأ عدم رجعية القوانين”، ومضمون هذا المبدأ هو أن القانون إنما يصدر ليطبق على المستقبل، أي على الفترة الزمنية التي تلي نفاذه، وليس على الفترة الماضية التي جرت بناء على قانون سابق مختلف.

ومعني المبدأ هو عدم سريان أي قانون جديد على ما تم قبل نفاذه من تصرفات وحالات ووقائع قانونية، بل تكون هذه التصرفات محكومة بالقانون القديم وخاضعة وآثارها قاصرة على هذا القانون وطبقاً لأحكامه، وهو مبدأ أصبح في مفاهيم العصر الحديث من المبادئ الدستورية التي لا يجوز مخالفتها.

هذا المبدأ القانوني الخاص بعدم رجعية النصوص القانونية يجعل من الصعب علي السيسي أن يستفيد من هذا التعديل الدستوري، لأنه انتخب على أساس دستور 2014 وتعهد باحترامه، ومن ثم لا يجوز له أن يستفيد من تعديل على نص انتخب على أساسه، ولكن ينطبق هذا النص على من سيأتي بعد، وإلا لأصبح من الممكن أن يطعن بعض المواطنين في صحة بقاء السيسي في منصبه أكثر من أربع سنوات، كما يقول د. مصطفي السيد استاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

وفي هذه الحالة، ومع توقع أن سلطة الانقلاب ستمرر التعديل الدستوري غصبا عن الشعب كما مررت في برلمان الانقلاب تنازلها عن اراضي مصر في تيران وصنافير، وعن سيادتها في سيناء وعن امن مصر المائي في سد النهضة، يتوقع أن يكون بقاء السيسي مغتصبا للرئاسة باطل قانونا ومطعون فيه قانونا، وكل قراراته باطلة بالتبعية، حال أصر الانقلاب على تنفيذ التعديل الدستوري.

لماذا القضاء المستعجل؟

ولا شك أن سلطة الانقلاب سوف تسعي لتزويق وتدليس هذا التعديل الدستوري بما يظهره على انه قانوني وان بقاء السيسي مغتصبا للسلطة مدي حياته “أمر قانوني” ولو استعانت بقضاة الانقلاب!

فقد كان من الملفت أن من دعوا لتمديد رئاسة السيسي من “المواطنين الشرفاء” لجأوا الي “محكمة الأمور المستعجلة” كي تنظر يوم 23 ديسمبر دعوى تعديل المادة 140 من الدستور الخاصة بعدم جواز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمرة واحدة، للسماح للسيسي بالترشح لفترات رئاسية متعددة.

وذلك برغم أن قضاء المحاكم المستعجلة لا يختص بالنظر في التعديلات الدستورية، ولا يملك أن يوجه مثل هذا الطلب لمجلس النواب بحكم مبدأ الفصل بين السلطات.

وفي حالة قبول مجلس نواب الانقلاب إجراء استفتاء على هذا التعديل، فسوف يعتبر ذلك تحايلا على المادة 226 التي تحظر انتخاب رئيس الجمهورية لأكثر من مدتين، وتنص على عدم تعديل المادة 140 لأنه في حالة قبول هذا التعديل يبقي الرئيس في منصبه أكثر من ثماني سنوات بخلاف النص الدستوري.

وكان ملفتا أن “الأمور المستعجلة” أيضا هي التي تصدت لتحديد يوم 5 فبراير المقبل للحكم في دعوى حظر ترشُّح من تجاوز سبعين عاما للرئاسة المفصل علي الفريق سامي عنان الذي سيكمل 70 عاما يوم 2 فبراير 2019!

ويفترض أن القضاء المستعجل يتصدى للأمور القانونية العاجلة لصالح المواطن لكنه أصبح اداة لتعطيل القوانين وحرمان الشعب من حقوقه والانقضاض على اختصاص المحاكم الأخرى كالنقض والدستورية والإدارية وتسهيل سرقة الحقوق وأداة سلطة الانقلاب لإسباغ الصفة القانونية على مواقف سياسية مشبوهة.

إجراء رسمي

ومع هذا جاء هذا التحرك القضائي كأول اجراء رسمي بشأن تحديد فترات الرئاسة في الدستور ليؤكد ما نشر ان خطة تعديل الدستور وتمديد رئاسة قائد الانقلاب ستبدأ من يناير وحتى مارس، بحسب موقع «مدى مصر”، وأن تمثيلية تمديد رئاسة السيسي واحتكار المنصب بدأت رسميا.

وأكد هذا ايضا دفعهم البابا تواضروس ليقول: «لا مانع من تعديل فترة الرئاسة» لأنهم يضمنون ورقة الاقباط، وتصويت الكتلة المسيحية لصالح أي تعديل للدستور، وللضغط علي الازهر ليفعل بالمثل، والان محاولة مفضوحة لتوريط القضاء في امر يخالف الفصل بين السلطات أصلا.

يقول أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة: “ما رأيناه من السيسي، وتفكيره وسيكولوجيته حتى الآن يجعلني أشك أنه يفكر في أنه سيصبح رئيسا سابقًا”، ولذلك هناك تفكير في تعديل دستوري لإلغاء فكرة أن يبقي فترتين دستوريتين فقط وإطلاق مرات انتخابه رئيسا وإذا حدث هذا ستدخل مصر في مأزق”.

فما يبحث عنه السيسي الآن ليس شرعية سياسية (من خلال انتخابات شكلية) لرفع الضغط الدولي عنه (الغير موجود أصلا)، بل يبحث عن شرعية إنفاذ الحشد الجبري في مقابل الاحتشاد الاختياري الذي رسخته ثورة يناير، وهو ما يسعي لتكراره في تمثليه الحشد في الاستفتاء المقبل من اجل تعديل الدستور، على غرار الحشد الوهمي بالمال في تمثيليات الانتخابات السابقة.

ويتحدث السيسي دوما عن إرادة الشعب وأنه “ليس هناك رئيس سوف يتولى السلطة من دون إرادة الشعب المصري، ولن يستطيع أيضًا أن يواصل لفترة أخرى دون إرادة هذا الشعب”، ثم يستند لنفس هذه “الارادة” في التراجع قائلا إن الشعب اجبره على ذلك وأنه تنازل وقبل ذلك!!

وتنص المادة “226” في باب الأحكام الانتقالية لدستور 2014، المعمول به حاليًا، على أن لرئيس الجمهورية، أو لخٌمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يومُا من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليًا، أو جزئيًا بأغلبية أعضائه.