في ذكرى التنحي.. الشعب يريد تضحيات الإخوان وأخلاق الميدان

- ‎فيتقارير

كان يوم الخميس 10 فبراير أكثر أيام الثورة المصرية شدا للأعصاب، خاصة بعد أن أعلن الجيش تشكيل المجلس العسكري في البيان رقم واحد بعد 17 يوم من الثورة واعتبر حينها أن الجيش قرر أخيرا تنحية حسني مبارك، قبل أن يطل هذا الأخير في ساعة متأخرة من تلك الليلة، ليؤكد عدم تنحيه عن السلطة وإنما قام فقط بالتنازل عن صلاحيات الرئيس لنائبه عمر سليمان مدير المخابرات السابق.

وفجر المخلوع مبارك غضب الشارع المصري، بشكل غير مسبوق وعليه قرر الشعب يوم الجمعة الزحف بالألوف نحو قصر الرئاسة ووزارة الداخلية، وحينها لم يبق لحسني مبارك سوى الرضوخ لمطلب الشعب والرحيل إلى منتجع شرم الشيخ بعد أن استلم المجلس العسكري السلطة رسميا يوم الجمعة 11 فبراير 2011، ليكون أول رئيس عربي يواجه السجن والمحاكمة بفعل الثورة.

فرحة إسقاط مبارك كانت يقينة لدى الثوار منذ موقعة الجمل في 2 فبراير حيث نجحت مظاهرات جمعة الغضب 28 يناير في فتح ميدان التحرير في يومها الأول ثم استقطاب أعداد لا بأس بها من المصريين رغم محاولة قوات الأمن قمعها بعنف، وتضاعفت أعدادهم بعدما فشل أنصار مبارك في إلى استعمال الجمال والأحصنة والرشق بالحجارة لتفريق المتظاهرين، واستطاع المعتصمون الصمود أمام هجمات فلول الحزب الحاكم، وواصلوا جمعاتهم المليونية من جمعة الرحيل إلى جمعة النصر أو الزحف.

الصخرة الصلبة

في أحداث الثورة العظام التي أجبرت المخلوع على التنحي مثلت جماعة الإخوان المسلمون الرقم الأصعب في المعادلة التي من طرف الشعب الثائر والتعبير عن رغباته، وذلك بما حققته الجماعة من حشد للمصلين في أعقاب صلاة الجمعة 28 يناير فيما اصطلح عليه يوم جمعة الغضب، وعبر الشعب وفي يمينه الإخوان، كوبري قصر النيل وميدان عبدالمنعم رياض وشارع القصر العيني وشارع كورنيش النيل، كشوارع رئيسية مؤدية للميدان.

كما استحقت الجماعة أيضا أن تحصل على هذا الرقم بوقفتها في وجه فلول مبارك ونظامه يوم موقعة الجمل وقدمت الشهداء واقفة منظمة تدافع عن اختراقه من جهة ميدان عبدالمنعم رياض بعدما سمح لهم عسكر طنطاوي واللواء عبد الفتاح وذلك بشهادة الجميع حتى الإنقلابيين لاحقا.

وفي أعقاب بيان مبارك الرافض للتنحي، أعلن الإخوان المسلمون رفضهم المطلق لخطاب المخلوع الذي فوض فيه نائبه بصلاحياته.

وطالب الإخوان، وهم يشكلون كبرى جماعات المعارضة المصرية، من وصفوه بالظالم بأن يتنحي قبل أن يرحل مُكْرَها. كما رفضت الجماعة بيان عمر سليمان نائب مبارك الذي “قدم نفسه باعتباره امتدادا للنظام ورئيسه، محاولا بإجراءات ثانوية القفز على مطالب الشعب الأساسية”.

واستغربت الجماعة دعوة سليمان للجماهير بأن تعود إلى بيوتها “دون تحقق شيء ملموس ذي قيمة من شأنه أن يفتح نافذة أمل لحياة حرة كريمة عادلة، فلا تزال السياسات هي السياسات والوجوه هي الوجوه”.

ووفقا لبيان الإخوان المسلمين، فإن “أسلوب الاستعلاء على الشعب والتصلب والعناد، من شأنه أن يزيد الثورة اشتعالا”.

الـ18 يوما

وفي دراسة أكدت أن الميدان لعب دوراً محورياً في الأيام الأولى للثورة، وأن أخلاق ما قبل التنحي داخل الميدان ليست كغيرها من أخلاق بعد التنحي.

الميدان قبل التنحي موضع النزاع بين الدولة والمتظاهرين، حاول المتظاهرون الوصول إلى ميدان التحرير وسعي النظام إلى صدهم عن ذلك، وهو اليوم الذي انتهى بشكل عنيف استخدمت فيه قوات الداخلية كامل قوتها لإخلاء الميدان.

وينطبق الأمر نفسه على يوم “معركة الجمل”، حيث أصبح الميدان ساحة صراع بين رموز النظام (بعد أن انسحبت قوات الشرطة) والثوار.

وبنقاء الأيام الثمانية عشرة، وجد الثوار أن مقترحات تحويل التحرير إلى ساحة دائمة للاحتجاج على نمط هايد بارك البريطانية، كانت تنذر بترويض الاحتجاج وتقنينه وربما السيطرة عليه، في مقابل ضرورة الحفاظ على عفوية الاحتجاج وصبغته الاستثنائية التي وصفت بأنها أيام الطهر الثوري.

واعتبرت الدراسة أن مشهد (25 يناير-11 فبراير) إحدى لحظات التحرر من سجن التاريخ، لتصبح لحظة حرية حقيقية بمعنى ممارستها وإعادة تعريفها وإضفاء خبرة خاصة وواقعية لجيل الثورة يتم معها إعادة فهم معنى “التحرير” ليتحول إلى ممارسة فعلية وليس رمزا تاريخيا متناقلا وأخلاقا من الثوار في حماية المرأة الفتاة والسيدة، التضحية بالنفس في سبيل الله رفعة للوطن، ثم عدم التفرقة بين الثوار على أساس التوجه الإيديولجي.

التنحي وآثاره

رأى كثير من النشطاء اليوم تنحي مبارك ما كان إلى تحية من المجلس العسكري ليس بالتحية العسكرية التي قدمها اللواء الفنجري –عضو المجلس العسكري بقيادة طنطاوي- بل كان تحية منه بأحد أصابعه، كدلالة على الفعل الفاحش الذي ارتكبه المجلس العسكري بحق المصريين، فحساب “ناشط مش سياسي” كتب اليوم “قرر المخلوع محمد حسني مبارك بالتخلي عن منصب رئيس الجمهوية وتكليف المجلس العسكري بالانتقام من الشعب المصري”.

وقالت “مي عزام”: “فى مثل هذا اليوم تنحى مبارك وترك لنا نظامه”.

وكتب أيمن نور “(اليوم) ذكري وفاه البطل الفريق#سعد_الدين_الشاذلي رئيس أركان الجيش المصري الذي سجنه مبارك في زنزانه انفرادية بالسجن الحربي هي-بذاتها-التي يسكنها اليوم الفريق #سامي_عنان عنان!!

(وغدا) ذكري تنحي مبارك الذي سجن في ذات الزنزانة بسجن مزرعه طره التي سجنني فيها٤سنوات!!

وقال آخر “الذكرى السابعة لخلع مبارك وليس نظامه .. تنحى مبارك عن المشهد لكنه ترك خلفه بقية عصابته المجرمه ليديروا المشهد ويدبروا المكائد للمصريين فقتلوا وحرقوا الشعب باسم الاستقرار وقسموا الشعب إلى طوائف متناحره فلا الشعب نال حريته ولا ظفر باستقرار”.