في سيناء 2018 نكبة لا تقل عن نكبة فلسطين عام 1948، نكبة سيناء يقودها السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وفي خلفية المشهد تحركه واشنطن وتل أبيب، أما نكبة فلسطين فقد قام جلوب باشا بما يقوم به السفيه السيسي حرفياً، حيث يواجه اتهامات تاريخية بسوء إدارة الجيوش العربية مجتمعة والتي كانت تحت يده، ومساعدته لليهود في قيام كيانهم، وهو ما يفسره إصراره على الموافقة على الهدنة الأولى، التي تسببت في تقوية جبهة اليهود وإضعاف الجبهتين الأردنية والمصرية.
إعلان قيام كيان العدو في فلسطين يتزامن اليوم مع تهجير أهل سيناء وإفساح الطريق لما يسمى بـ”اتفاق القرن”، حيث أن إعلان الكيان دولته أتي من خسارة جيوش عربيه الحرب، هذا ما تعلمناه ولكن ما لا نعلمه هو أن القائد العام للجيوش العربية جلوب باشا ورئيس الأركان نورمان لاش بريطانيين، وبريطانيا هى التي منحت اليهود وعد بلفور، ومن فصول الخيانة إصدار النقراشي باشا رئيس وزراء مصر وقتها قراراً باعتقال المتطوعين والإخوان وقت الحرب بعد هزيمة الجيوش العربية، وجمع سلاحهم..وقد حدث.

مقاومة حتى النصر
يقول الناشط محمود مهران:” غداً سأرتدي السواد حداداً على شهداءك وحزناً على آلاف الرجال والنساء والأطفال الذين قضو على دوروبك. غداً سأضيء الشموع ليبعث الأمل بأطفالك. أفلسطين لا تقنتي أرواحنا تهفو إليك ولاتيئسي أن وعد الله آت. عهداً الى الله لن نتخلى عنك رغم الجراح. ولن نخضع لكل متجبر وطاغ وسفاح. ومهما فعلو وهددو لن نترك السلاح”.
ورغم مرور سبعة عقود على تهجيرهم القسري من أراضيهم، يصر الفلسطينيون على حقهم بالعودة، حيث نظموا اليوم الاثنين والأمس الأحد مسيرات في الضفة الغربية تمهيدا لمسيرات كبرى في الذكرى السبعين للنكبة الموافقة للثلاثاء، كما يستعد عشرات الآلاف من الفلسطينيين بقطاع غزة للمشاركة في مليونية العودة.
وما زال بعض الفلسطينيين يحتفظون بشاحنات قديمة نقلت آباءهم وأجدادهم من قراهم ومدنهم عام 1948، على أمل العودة بها يوما إلى ديارهم، حيث نظموا اليوم مسيرة وسط شوارع مدينة رام الله في الضفة ورفعوا عليها الأعلام الفلسطينية والرايات السوداء وخريطة فلسطين.
كما رفع المتظاهرون الملصق الرئيسي لإحياء الذكرى السبعين للنكبة، وهو يتضمن رسما لسيدة مسنة تحتضن ابنها الشاب الذي يحمل طفلا يرفع مفتاح منزل، وكتبت عليه عبارة “70 عاما على النكبة.. من جيل إلى جيل.. عن العودة والقدس ما في بديل”.
وتشن سلطات الانقلاب في مصر حرب تهجير موسعة علي سيناء وأهلها دخلت شهرها الثالث تحت عنوان “سيناء 2018″، وطبقا لتقرير “هيومن رايتس ووتش” فإن الحملة التي بدأت في التاسع من فبراير الماضي تمثل مأساة إنسانية لأكثر من 420 ألف شخص بشمال ووسط سيناء، حيث فرضت سلطات الانقلاب قيودا صارمة على حركة الأشخاص والسلع في جميع أنحاء المحافظة مما أدى انخفاض حاد في الإمدادات المتاحة من المواد الغذائية، والأدوية، وغاز الطهي، وغيرها من السلع التجارية الأساسية.
ونقلت المنظمة الحقوقية عن شهود عيان حجم المعاملة السيئة التي يتعامل بها الجيش المصري مع السكان، ومنع الغذاء والدواء والاتصالات والتنقل، مما جعل المحافظة الحدودية في عزلة تامة عن العالم، تمهيداً لتفريغها من السكان وتنفيذ ما بات يعرف بـ”اتفاق القرن”.
سيناء توأم القدس
من جهة أخرى قال الطالب السيناوي أحمد مجدي أنه كان في زيارة لأقاربه بالقاهرة؛ وعندما حاول العودة لأهله بمدينة العريش أخبرته سلطات الانقلاب بأنه تم غلق سيناء لبدء العملية العسكرية، موضحا أنه لم يتواصل مع أهله إلا بعد 25 يوما كاملة، ولكنه مازال موجودا في القاهرة لأنه لم يسمح له حتى الآن بدخول المحافظة.
ويؤكد أستاذ الجغرافيا السياسية الدكتور هادي عبد الملك أن السفيه السيسي يريد إحداث تغيير جيوسياسي في سيناء وهو التغيير الذي لا يسعى للتنمية أو الارتقاء بهذه المنطقة، وإنما يهدف لأمور أخرى متعلقة بالوضع الإقليمي والدولي، مشيرا إلي أن الواقع لابد أن يفرض كلمته أيضا في هذه المحاولات، لأن التركيبة السكانية لأبناء سيناء وطبيعة النظام القبلي والتسلسل العائلي لهم سيكون عائقا أمام أهداف ترحيلهم، وإلا كانت نجحت هذه المنظومة مع أبناء غزة خلال الاحتلال الإسرائيلي.
ويضيف الأكاديمي المصري أن جنرال العسكر خسر كثيرا من هذه العملية، وأصبح هناك تشكيكا في قدرته علي حسم أي مواجهة مع جيوش منظمة بعد فشله مع مجرد جماعات وأفراد مسلحين، وهو ما ينعكس علي أزمة السفيه السيسي نفسه في سد النهضة، وفكرة الحل العسكري لإنقاذ مصر من العطش.
وفيما يبدو أن ما بين القدس وسيناء حبلا سري ممتد من 1948 وحتى 2018، وأن النكبة لم تنتهي وهي مستمرة، آخر فصولها اقتناع القطيع الخليجي والعربي بأن إسرائيل ليست عدوا، فهل من نكبة أكبر من أن نتصرف كالقطيع مع عدو مثل إسرائيل؟!