تناقض السياسة الإماراتية نحو “الدوحة”.. توزيع أدوار أم مقدمة تصالح؟

- ‎فيعربي ودولي

على الرغم مما رآه بعض المراقبين من فشل قمة التعاون الخليجي الأخيرة التي انعقدت بالرياض في رأب الصدع في المنظومة الخليجية، وأن المجلس دخل في حالة موت سريري بعدما كان هدفا من السعودية في طرح مبادرة لتحويل المجلس من “التعاون إلى الإتحاد”، فكانت المفاجأة أنها ذهبت عكس الإتجاه بزعزعة المجلس عبر صيغ ثنائية مع الإمارات وتبني سياسة عزل قطر الجمعة.

الجديد هو عدم استقرار دول الحصار وعلى رأسها السعودية والإمارات اعتماد صيغة محددة في التعامل مع قطر وبالأخص الإمارات هل تعتمد صيغة التعاون مع قطر أو تهيئة الأمور سعيا لصلح أم السياسة التي يعبر عنها الوزير الإماراتي قرقاش باستمرار اتهام الدوحة وانقرة باستهداف المملكة، بعد قرار مجلس الشيوخ الأمريكي تحمّيل ولي العهد السعودي المسؤولية عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي في إجماع بصورة غير مسبوقة..

الخلاف سينتهي

وهو ما ذهب إليه الخميس الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبدالخالق عبدالله غندما قال إن “الخلافات مع قطر ستنتهي مهما طال الزمن”، مؤكدا أن الدوحة جزء لا يتجزأ من الجسد الخليجي.

وأكد أستاذ العلوم السياسية، والمقرب من ولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد” خلال استضافته ببرنامج حديث الخليج على قناة الحرة الأمريكية، أن الأزمة الحالية “قطرية وصورها إعلام الدوحة على أنها خليجية”، إلا أنه استدرك بالقول: “لا يمكن لها (قطر) أن تترك الخليج، وتذهب إلى تركيا أو إيران”، منوها إلى الحضور القطري للقمة الخليجية الأخيرة، وإن لم يكن على مستوى الأمير.

وأضاف: “لماذا لم تنسحب قطر من مجلس التعاون الخليجي كما انسحبت من منظمة الأوبك؟”، لافتًا إلى أن هذا دليل على أنها جزء من الجسد الخليجي، ولا يمكنها أن تتخلي عنه.

ونوه قائلاً: “دائمًا نقول إن أزمة قطر ستؤثر على المسار الاقتصادي والعسكري، ولكن هذا لم يحدث خلال العامين الماضيين”.

واعترف الأكاديمي المقرب من ولي عهد أبوظبي بأن مجلس التعاون الخليجي لم يكن في أفضل أيامه خلال العامين الماضيين بسبب أزمة قطر، والسعودية والإمارات والبحرين في الجانب آخر، لكنه نوه إلى أنه “مر أيضا بظروف صعبة قبل أزمة قطر، وتم تجاوزها” حسب قوله.

وسبق لـ”عبدالله” أن صرح لصحيفة “اليوم السعودية”، بأن دعوة أمير الكويت الشيخ “صباح الأحمد الجابر الصباح” إلى تجنب الحملات الإعلامية المتبادلة، في قمة دول مجلس التعاون التاسعة والثلاثين، رحب بها أكثر من 36 مليون خليجي، مضيفا: “الجميع يدرك أن الحملات الإعلامية هي أساس تأجيج الخلافات بين الشعوب”.

وبرأيه : “الحملات الإعلامية يجب إيقافها من كافة الأطراف والدول لأنها زادت عن حدها، وكل خليجي وكل عربي يريد إيقافها”.

وأردف “عبدالله”: “يجب اتخاذ قرار سياسي لوقفها رسميا، بما في ذلك قنوات التواصل الاجتماعي التي يمكن إيقافها بسن عقوبات صارمة”.

تسلط قرقاش

في المقابل عبر أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، عن مزيد من التسلط على الدوحة مدعيا أن الحملة القطرية الممنهجة ضد السعودية منهج مسجل للدوحة في استهداف جيرانها.

وقال، في تغريدة على حسابه على تويتر مساء الجمعة،: “الحملة القطرية الممنهجة ضد السعودية وقيادتها ليست بالجديدة أو بالمستغربة بل إعادة إنتاج لمنهج مسجل وموثق في استهداف الدوحة لجيرانها، والمنطقي أن الدور التركي في سعيه لاستهداف الرياض سيضر بموقع أنقرة في المنطقة وسيساهم في انحسار نفوذها”.

وكان “قرقاش” أشار قبل يومين أيضاً إلى انتهازية السياسة القطرية. وأوضح قائلاً: “اعتدنا على ازدواجية وانتهازية السياسة القطرية وشهدناها في قمة الرياض، فهي مستمرة في الأذى والتحريض على الجار وفي الآن ذاته تبحث عن صلح “حب الخشوم”، موقف يتجاهل معاناة المواطن القطري، وجل همه إرث الأمير السابق حين كان الملعب الإقليمي مشاعا لمؤامراته وأحلامه”.

نموذج للتناقض

وفي نموذج للتناقض في السياسة والخطاب الإماراتي كشف الصحفي القطري صادق العماري رئيس جريدة الشرق عن كواليس ليلة القمة الخليجية التي أقيمت في الرياض الأحد الماضي، قائلا أن القمة حملت كل أوجه التناقض ابتداءا من إرسال ساعي بريد مجلس التعاون الزياني موضحا أن استقباله كان كرم أخلاق من قطر بعد صمته وسكوته على جرائم دول الحصار منذ بدء الأزمة الخليجية.

واضاف العماري خلال حوار على تلفزيون قطر مساء أمس: في ليلة القمة كانت قناة “سكاي نيوز أبو ظبي” تبث برنامجا وثائقيا يتهم قطر بالإرهاب، متسائلا: إذا كانت قطر دولة إرهابية كما يزعم إعلام الحصار فكيف تدعونها لقمة التعاون؟

وأعلنت الإمارات والسعودية والبحرين وانقلابيو مصر، في 5 يونيو 2017، قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر، بما في ذلك غلق الحدود البرية ومنع رحلات الطيران من وإلى الدوحة، بزعم دعم الأخيرة لجماعات التطرف والإرهاب، وهو ما نفته قطر، واعتبرته محاولة لانتهاك استقلالها ومحاولة لإجبارها على الخط السياسي لدول الحصار.