الشئون المعنوية وجهت سلاحَي الإعلام والاقتصاد لإجهاض الثورة

- ‎فيتقارير

منذ اليوم الأول لثورة يناير لاعبها العسكر بسلاحين مهمين: الأول الإعلام ليشوّه ويخلط الحق بالباطل ويخصم من رصيد قوى الثورة وما يزال وفي طليعتها جماعة الإخوان المسلمين، ثم الاقتصاد من خلال عدة مستويات تتعلق بأموال الدولة وإهدار نحو 15 مليار دولار من خزينة البنك المركزي بقيادة حكومة الجنزوري التي شكلها المشير حسين طنطاوي، والأموال في يد المواطنين التي ما هنأهم عليها وأموال القروض ما استلمه البنك المركزي منذ استبدال الحكومة بحكومة رئيس الوزراء هشام قنديل، سواء من تركيا أو قطر أو قروض صندوق النقد التي كانت سلاحا ضد الرئيس.

إعلام مجند

خلف هذا التخطيط كانت تقف المخابرات الحربية والعامة وإدارة الشئون المعنوية كمسئولة عن برامج الفضائيات ومنشورات الصحف والمجلات وترويج الشائعات، فكانت بادية للرخص عنوان.

حتى إن باسم يوسف مقدم “البرنامج” وأحد أذرع السخرية من الرئيس الشرعي اعتبر بعد أن أغلق دكانه بعد أداء مهمته بقوله “مصر بعد عزل مرسي أصبحت دكتاتورية عسكرية وإعلامها إعلام السبوبة”.

وهذا كان واضحا للمحللين فيقول ياسر الزعاترة: “باسم يوسف لم يكن نتاج مناخ الحرية أيام مرسي، بل كان جزءا من المؤامرة عليه.. الإعلام كان يُدار من مؤسسة الأمن، وأي كلام غير ذلك هراء”.

فيما كتب الروائي أحمد خالد توفيق مقالا قال فيه إن “مرسي كان هو الرئيس الوحيد في التاريخ الذي مارس عمله بلا شرطة ولا قضاء ولا إعلام.. ولو رحل فلأن المؤامرة ضده قد نجحت بكفاءة، وهي مؤامرة شارك فيها الجميع بما يشبه السعار المتوحش”.

ووصف الدكتور عصام العريان الموقف الإعلامي ودخوله في المؤامرة فقال: “الإعلام في مصر أحد أركان المؤامرة في الانقلاب على شرعية الرئيس”.

حرب من اليوم الأول

استخدم العسكر بأجهزتهم الأمنية الاقتصاد لقمع الثورة فكانت إنجازات الرئيس التي كانوا يتفكهون بها في الإعلام إضرابات وطوابير وسحلا وحرقا وقطع الطرق والسرقات واقتحام الفنادق، فضلا عن أزمات مفتعلة للدولار والسولار والبنزين والكهرباء مع ترك المعارضة الرئيس والمدافعين عنه دون ساعد من المعارضة.

يجمع المراقبون أن الأزمات التي أسهمت في الانقلاب كانت الكهرباء والوقود والأمن، ومع ذلك لم يتغير وزراء الداخلية والطاقة والكهرباء بحكومة الانقلاب، فبقي محمد إبراهيم ليقود بنفسه مذبحة رابعة، وبقي شريف إسماعيل ليرقيه العسكر لاحقا رئيسا للوزراء كما بقي وزير الكهرباء محمد شاكر الذي ما فتئ السيسي مدافعا عنه ويعترف بأنه من عصابته، يقول السيسي عن مشكلة الكهرباء منذ 3 سنوات: “قالوا لي شيل وزير الكهرباء.. ودا كلام لا يليق بالشرفاء واللي بيفهموا والراجل بيقف جمب رجالته”.

حشدت الثورة المضادة الفلول من كل اتجاه ووقف معهم من أمسكتهم فضائحهم وكشفتها المخابرات وأمن الدولة وكان قمة حشدهم والأزمات التي افتعلوها ترجمت لحشود 30 يونيو وينفلق بعدها ما عمي عن البعض رؤيته بانقلاب صريح واضح.

انفراج الأزمات

ومن أبرز ما يمكن أن نرد به على من يشيع أن الرئيس مرسي كان ضعيفا اقتصاديا وفشل في حل المشكلات الاقتصادية يمكن أن يكون مقالا نشرته نيويورك تايمز في 13 يوليو 2013، كفيلا بتوضيح أين الخلل، فكتبت الصحيفة درسا لما نحن فاعلون.

كتب “بين هوبارد” و”ديفيد كيركباتريك” مراسلا الصحيفة أن ما كشفته الأحداث الأخيرة بمصر, عن وجود مؤامرة حاكها فلول نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك للإطاحة بمحمد مرسي، مدللا على ذلك بتغير الحياة بطريقة أو بأخرى إلى الأفضل لدى كثير من الناس منذ عزل الجيش لرئيس مصر المنتخب؛ إذ اختفت الطوابير أمام محطات البنزين، وتوقف انقطاع التيار الكهربائي، وعادت الشرطة إلى الشارع.

وأوضحت الصحيفة أن انتهاء أزمة نقص الطاقة بهذا الشكل الخارق، وعودة ظهور الشرطة مجددا، يكشف حقيقة أن “جحافل” الموظفين والمسؤولين الذين تركوا في مناصبهم بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2011 قد لعبوا دورا مهما – بقصد أو من دون قصد – في تقويض الحياة تحت الحكم الإسلامي للرئيس محمد مرسي.

أدوار ملعوبة

وكشف التقرير عن أشخاص، منهم أعضاء في النظام القديم، وبعضهم مقرب من مبارك وكبار الجنرالات في الدولة، قال إنهم عملوا من وراء الكواليس وأسهموا في تمويل وتقديم المشورة وتنظيم مؤامرة إسقاط القيادة الإسلامية.

وذكرت الصحيفة منهم نجيب ساويرس، الملياردير والعدو الصريح لجماعة الإخوان المسلمين, وتهاني الجبالي العضو السابق في المحكمة الدستورية العليا والمقربة من الجنرالات الحاكمين، وشوقي السيد المستشار القانوني لأحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، والذي خسر سباق الرئاسة أمام مرسي.

وقالت الصحيفة: إن ساويرس، أحد أكثر المصريين ثراء وأحد جبابرة النظام القديم؛ حيث نقل اعترافه أنه من وقف وراء حركة “تمرد”، التي أدت حملتها العريضة إلى تدخل الجيش لعزل مرسي. وقالت إنه تبرع باستخدام المكاتب والبنى التحتية لحزبه السياسي المصريين الأحرار، فضلا عن تقديمه الدعاية من خلال شبكته التلفزيونية الشعبية واستغلال نفوذه داخل أكبر الصحف الخاصة في مصر, كما تكفل بإنتاج كليب موسيقي شهير تم بثه على شبكته.