ردت منظمة “هيومن رايتس ووتش” على مزاعم السيسي الخاطئة في لقائه برنامج “60 دقيقة”، وطالب حكومة الانقلاب بإعلان عدد السجناء في مصر.
وفنّدت المنظمة الدولية بعض الحقائق، ووصفت السيسي بترديد مزاعم وهمية، من خلال تقريرها الذي عنونته بـ”الحقيقة البسيطة في ردود السيسي “60 دقيقة”.
ومن أبرز ما تحدث عنه التقرير “كشف أعداد السجناء”، وأنه “لا عدالة لضحايا رابعة منذ أكثر من 5 سنوات”، وهو تقرير مصور “فيديو” للمنظمة نشرته في الذكرى الخامسة للمذبحة، 13 أغسطس الماضي، وقالت المنظمة إن السلطات أخفقت في التحقيق مع عضو واحد من قوات الأمن أو مقاضاته بعد مرور خمس سنوات على القتل المنظم والواسع النطاق للمتظاهرين السلميين في ساحة رابعة في القاهرة، حيث أدين مئات من المتظاهرين بتهم غير منصفة في محاكمات جماعية ناشئة عن الاحتجاجات”.

السجناء السياسيون
ومن بين ادعاءات السيسي تصريحه للبرنامج بأن “حكومته” لا تحتجز أي سجناء سياسيين، على الرغم من الوثائق التي تفيد بأن آلاف الأشخاص قد تم اعتقالهم تعسفًا بسبب نشاطهم السياسي في السنوات الأخيرة.
وقال مايكل بايج، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “إن التضليل الفاضح للسيسي مثير للضحك”، معتبرا أن ادعاءه محاولة سيئة لإخفاء الانتهاكات الجسيمة تحت سلطته، بما في ذلك الجرائم المحتملة ضد الإنسانية”، حتى إن العديد من إجاباته كانت تتناقض مع التصريحات الرسمية لحكومته.
وردًّا على سؤال حول تقديرات هيومن رايتس ووتش بأن ما لا يقل عن 60 ألف شخص اعتقلوا في مصر لأسباب سياسية، قال السيسي: “لا أعرف من أين حصلوا على هذا الرقم. قلت لا يوجد سجناء سياسيون في مصر”.
وقال التقرير إنه منذ استحواذ السيسي على السلطة في يوليو 2013، والانقلاب على أول رئيس منتخب في مصر، محمد مرسي، اعتقلت السلطات المصرية عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين.
توثيق آخر
وقالت المنظمة إنه بالإضافة إلى ذلك، قد يكون قد تم القبض على 26000 آخرين في 2015 و2016، كما قال المحامون والباحثون في مجال حقوق الإنسان. واتسعت حملة القمع على نطاق البلاد بسرعة لتشمل العشرات من الكتاب والصحفيين والفنانين والمدافعين عن حقوق الإنسان بسبب انتقاداتهم السلمية.
واستغربت المنظمة تصريحه، في يونيو 2015، قائلا: إن “هناك أبرياء في السجون”. وقد أصدر عفوا رئاسيا عن أكثر من 1100 شخص، تم القبض على العديد منهم أثناء الاحتجاجات السلمية.
أرقام حكومية
وأضاف التقرير أن السلطات لم تفرج عن أي معلومات حول عدد السجناء في البلاد. لكن بعض التصريحات التي أدلى بها المسئولون إلى وسائل الإعلام أقرت بما لا يقل عن 34 ألف معتقل.
وطالبت “هيومن رايتس ووتش” حكومة السيسي بأن تقدم أرقاما شاملة حول عدد السجناء الذين تحتجزهم، وأن تنشئ قاعدة بيانات يمكن الوصول إليها للعائلات حتى يتسنى لهم العثور على أقاربهم المسجونين. كما ينبغي أن تكون قاعدة البيانات متاحة للمحامين والباحثين.
وأشار التقرير إلى الأرقام التي أشرفت عليها داخلية الإنقلاب حول عدد المسجونين المقدر بآلاف المعتقلين، لا سيما المحتجزين قبل المحاكمة، في مراكز الشرطة وفي أماكن الاحتجاز غير الرسمية. وفي أكتوبر 2018، قال مساعد وزير الداخلية للرقابة على السجون، اللواء زكريا الغمري: إنه تم الإفراج عن أكثر من 115 ألف سجين منذ 2014.
وأضاف أنه في مايو 2015، قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي ترعاه الحكومة، في تقرير: إن السجون تجاوزت 160% من سعة مراكز الشرطة، ومراكز الشرطة بنسبة 300% في الأشهر التي أعقبت الإطاحة بمرسي. وقد أدى الاكتظاظ وسوء ظروف الاحتجاز إلى حدوث “طفح” من الوفيات في الحجز التي وثقتها هيومن رايتس ووتش.
قتلى رابعة
وفي مقابلة “60 دقيقة” نفى السيسي أيضًا ارتكاب أي مخالفات في القتل المنظم والواسع النطاق للمتظاهرين السلميين إلى حد كبير في ساحة رابعة، في أغسطس 2013، حيث أشرف شخصيا على منصب وزير الدفاع.
وأضافت المنظمة أنه في يوم واحد، قتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 817 شخصا عندما فرّقت بعنف عشرات الآلاف من المتظاهرين الموالين لمرسي، الذين تجمعوا للاحتجاج على إبعاده القسري من قبل الجيش.
واعتبرت أن هذا أكبر حادث قتل جماعي للمحتجين في تاريخ مصر، وواحد من أكبر عمليات القتل في العالم في العقود الأخيرة، وربما تكون جرائم القتل بمثابة جرائم ضد الإنسانية، كما شاركت قوات الأمن في العديد من حوادث القتل الجماعي للمحتجين قبل وبعد تفريق رابعة.
وأوضحت أن السيسي قال في المقابلة: إن آلاف المتظاهرين كانوا مسلحين خلال تفريق ساحة رابعة، وهو ما يتناقض مع ما توصلت إليه هيومن رايتس ووتش. كما يتناقض هذا الادعاء مع التصريحات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية، التي قالت إنها احتجزت 15 بندقية فقط من متظاهري رابعة، بعد عدة سنوات، في محاكمة جماعية جائرة لأكثر من 730 متظاهرا من رابعة وقادة الإخوان المسلمين، وقدمت السلطات 13 بندقية و36 طلقة نارية كدليل.
واستدلت المنظمة بأرقام رسمية واعترافات حكومة السيسي، حيث لفتت إلى اتهام العديد من البيانات والتقارير الرسمية الشرطة باستخدام القوة المفرطة، وأن رئيس الوزراء السابق الذي أشرف على عملية الفض، حازم الببلاوي، قال في عام 2014: إن “كل من ارتكب خطأً يجب التحقيق فيه”.