قالت دراسة: إن قرار منع سفر كبار المسؤولين النظام دون تصريح شخصي منه ما هو إلا نموذج عملي غير مسبوق وواضح على “عقلية قائد الكتيبة” المسيطرة على الحياة السياسية في مصر منذ انقلاب 3 يوليه 2013، وعودة مصر للحكم العسكري للعام الـ66 على التوالي منذ الغاء الحكم الملكي عام 1952 وتولي الجيش الحكم، باستثناء عام واحد حكم مدني حكمها فيه الدكتور محمد مرسي، فهو أشبه بالحصول الي إذن في الجيش (أورنيك) إجازة او راحة او مرض، ما يعزز سيطرة الحكم العسكري علي كافة نواحي الحياة.
وأشار التقرير الذي نشره صفحة “الشارع السياسي” بعنوان “أبعاد قرار السيسي منع سفر “الكبار” دون تصريح” إلى أن القرار معناه “توسيع صلاحيات السيسي”، وزيادة قيود “الحاكم بأمره على الحكومة بالمخالفة للدستور، بعدما زاد القيود على المعارضة والشعب كله، لأنه أعطى لرئيس السلطة التنفيذية سلطة التحكم في السلطة القضائية، بمنع سفر قضاة أو رؤساء للجهات الرقابية، تضاف الي منعه من قبل سفر الصحفيين رؤساء المؤسسات الحكومية إلا بإذن.
وأضاف التقرير أنه من المفترض في الأجهزة الرقابية أنها “مستقلة” وغير تابعة للرئاسة، كي يمكنها ممارسة دورها الرقابي في حيده وسرية، ولكنها بهذه القرار باتت “غير مستقلة”، وهذه ثان خطوة على طريق استلاب “استقلالية” هذه الأجهزة الرقابية؛ حيث كانت الخطوة الأولى هي تعديل القانون ليسمح للسيسي بتعيين رؤساء هذه الأجهزة الرقابية، والثانية هي منعهم من السفر إلا بإذن السيسي!!.
تاعب السيسي
واستغرب التقرير عن ازدواج التقديرات التي ستخذها السيسي بشأن شيخ الأزهر لا سيما وهو من اعتبره البعض المقصود بالقرار، فقال التقرير في إشارة لدلالات القرار “إذا كان شيخ الازهر “تاعب” السيسي، كما قال بنفسه في مؤتمر علني سابق، فلماذا لا يمنعه السيسي من السفر ويحدد حركته؟ ما يعني تقييد خروجه من مصر، رغم أنه ممثل هيئة إسلامية تمثل (القوة الناعمة) وكثير السفر بناء على هذا الدور، ومنعه من حضور أي اجتماعات رسمية بصفته اعلي هيئة سنية ما لم يوافق السيسي” بعبارة أخري: إذا كان السيسي غير قادر علي السيطرة عليه وتطويعه لقبول قراراته فهو قادر علي تقييد حركته ومنعه من السفر وعزل عن صفته ومحيطة الإسلامي”.
وقال التقرير إن خطورة قرار السيسي لا تقتصر على سعيه لتقييد حركة شيخ الازهر ضمن سلسلة خطوات تستهدف تهميشه، مثل بناء مسجد “الفتاح العليم” الموازي للأزهر الشريف، وتعيين الشيخ “أسامة الأزهري” الذي يعده السيسي ليكون بديلا لشيخ الازهر إماما له، عقابا له علي رفضه خطاب السيسي الديني، وعلي أمل أن يكون الحل هو فرض تجديد الخطاب الديني عن طريق أخر وهو علماء وخطباء مسجد السيسي الجديد.
ونوه التقرير إلى أن قرار السيسي مخاطر أخرى تتعلق بالسعي للسيطرة على الاجهزة القضائية والرقابية المستقلة وجعلها تحت قدميه يتحكم فيها، فمنع النائب العام نفسه من السفر حتى يأذن له السيسي، معناه زيادة السيطرة على رمز الدفاع عن الشعب ولن يجرؤ أحد من القضاء على مجرد الاعتراض بعدما قبلوا الاصطفاف مع السلطة في إصدار أحكام سياسية، وقبلوا تنازلات أخرى لصالح السيسي مثل قانون الهيئات القضائية التي بات يعينها السيسي لأول مرة في تاريخ مصر لا القضاة أنفسهم وفق الاقدمية، ما يعني المزيد من اهدار القضاء المستقل.
اتصالات خارجية
ومن أهم الدلالات التي رآها التقرير أنه قد يكون له معاني تتعلق باحتمالات اكتشاف إجراء مسئولين ووزراء اتصالات بأطراف خارجية لا ترضي السيسي، أو يحظون بشعبية أو قبول خارجي أكثر من السيسي، لهذا صدر، أو أن هناك من يسافر ويقابل مسئولين اجانب من وراء السيسي؟ وهناك مثال سابق على هذا حين تردد أن سبب عزل السيسي صهره ورئيس أركان الجيش “محمود حجازي” من منصبه عقب عودته من أمريكا مباشرة كان له علاقة باتصالات اجراها الأخير في أمريكا لم ترضي السيسي.
وحذرت من أن قرار منع مسئولي الجهات الرقابية المستقلة تساؤلات حول الهدف من المنع؟، فهؤلاء “مستقلون” دستوريا كي يمكنهم مراقبة المسئولين ومنهم السيسي ومنع أي عمليات فساد أو رشوة، ومنع منعهم من السفر بدون إذن، تقييد حركتهم لو كان الهدف من السفر جمع معلومات او التحقق من اتهامات للسيسي نفسه أو غيره من مسئولي نظامه.
وأشار التقرير إلى أن السيسي منع سفر بعض مسئوليه أو اجراءهم مقابلات من خلف ظهره خارج مصر؟! أو لديه تصور أو معلومات عن سفريات ومقابلات مستقبليه تضر بنظامه؟ وما هي؟
وتساءل التقرير هل يعني هذا أن نظام السيسي مهلهل ومسئولي نظامه غير متجانسين ولا متفقين معه جميعا؟ أو أن هناك من يعمل ضده أو اكتشف السيسي ذلك أو يخشى ذلك فأغلق الباب بمنع السفر دون اذن؟
