هاجمت 11 منظمة حقوقية التعديلات الدستورية واعتبرتها مهددة للاستقرار وركيزة لحكم السيسي مدى الحياة، ورفضت المنظمات منح المؤسسة العسكرية وصاية سياسية بدعوى حماية الديموقراطية ومدنية الدولة، والتي جرى العصف بهما منذ تولي السيسي.
ويأتي بيان منظمات؛ مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم، وكوميتي فور چستس، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز بلادي للحقوق والحريات، ومصريون ضد التمييز الديني، ومبادرة الحرية، ومركز عدالة للحقوق والحريات، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ضمن خطوط عريضة ترفض “التعديلات الدستورية” وما تعتبره “انقلابا على الدستور”.

وأعربت المنظمات والمؤسسات الحقوقية المستقلة الموقعة على البيان عن رفضها التام والقاطع للتعديلات الدستورية المقترحة- بدعم السيسي- والمطروحة للنقاش مؤخرًا أمام البرلمان، والتي عدت خصيصًا حتى يتمكن عبد الفتاح السيسي من الاستئثار بحكم البلاد مدى حياته، منفردًا بسلطات أكبر.
ورفض الموقعون؛ منح المؤسسة العسكرية وصاية سياسية وعسكرية، تشرعن لتدخلها اليومي في الحياة السياسية، بدعوى حماية الديموقراطية ومدنية الدولة، على نحو يحمل الكثير من التناقض، متساءلين عن “كيف تحمي مؤسسة عسكرية- غير ديموقراطية بطبيعتها- مدنية الدولة ونظامها الديمقراطي؟ علمًا بأن كلاهما -مدنية الدولة والديموقراطية- قد تم العصف بهما منذ تولي السيسي.
ووصفت المنظمات “التعديلات” بالمشئومة وأنها تعصف بما تبقي من هامش استقلال محدود للسلطة القضائية، وتمنح حصانة للتشريعات الاستثنائية الصادرة عن مجلس النواب -ممثلاً عن السلطة التشريعية- بتوجيهات من السيسي، بهدف ترسيخ ركائز حكم ديكتاتوري وقمع كافة الأصوات المعارضة. موضحة أنها بذلك تلغي التعديلات مبدأ الفصل بين السلطات، وتمنح جميعها للسيسي منفردًا.
وأضافت أن السيسي يسعى من خلال هذه التعديلات إلى دسترة انفراده باختيار وتعيين رؤساء وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بالنص على تنصيب رئيس الجمهورية رئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء، ينوب عنه وزير العدل في حالة غيابه، وانفراد الرئيس بتعين النائب العام دون الرجوع للمجلس الأعلى للقضاء، ومنح السيسي سلطة مطلقة في اختيار رئيس المحكمة الدستورية، فضلاً عن إلغاء الاستقلال المادي للسلطة القضائية.
وعن تمديد ولاية منصب رئيس الجمهورية إلى ست سنوات بدلاً من أربعة لولايتين رئاسيتين، مع منح السيسي – استثناءً شخصيًا- يتيح له الترشح لمدتين إضافيتين بعد انتهاء مدتيه، بموجب مادة دستورية خاصة جري تفصيلها له وحده، اعتبرت المنظمات والمبادرات الحقوقية أن ذلك يمثل عصفًا تامًا بطابع العمومية والتجريد كأحد الأبجديات الواجب توافرها في القاعدة القانونية، وانقلابًا على أحد أهم المبادئ الدستورية التي ثار الشعب لأجلها في 2011 بشأن التداول السلمي للسلطة، حتى لا يتكرر سيناريو مبارك وحكمه الممتد لـ30 عامًا.
وعن المادة الدستورية التي تعمد السيسي هدمها نبه البيان إلى أن الدستور وضع ضمانة خاصة لعدم التعدي على هذا المطلب الشعبي بموجب المادة 226 التي حظرت مطلقًا المساس بالنصوص الخاصة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية. وعليه اعتبرت أن المساعي الحالية لإعادة انتخاب السيسي رئيسًا بعد انتهاء ولايته الثانية والأخيرة في 2022 يمثل انقلابًا على الشرعية الدستورية، وهدمًا عمديًا لدولة القانون، التي يتعين على مؤسسات الدولة- في المقام الأول- احترامها.
ورفضت المنظمات ما اعتبروه تلاعب بالنص الدستوري الخاص بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري (المادة 204)، على نحو يتيح التوسع في محاكمة المدنيين عسكريًا، في محاولة لدسترة قانون حماية المنشآت العامة الذي أصدره السيسي في2014، والذي يقضي بتوسيع اختصاص المحاكم العسكرية الاستثنائية في محاكمة المدنيين.
وعما ذره السيسي وبرلمانه في العيون أكد الحقوقيون أن اقتراح التعديلات تخصيص نسبة لا تقل عن 25% من مقاعد مجلس النواب للمرأة، والتمثيل الملائم للأقباط، والشباب وذوي الإعاقة والمقيمين بالخارج، ما هي إلا محاولة للترويج للتعديلات الدستورية دوليًا، والتسويق لها داخليًا، في توظيف مشين لهذه الفئات الأضعف في المجتمع، والتي يتحمل السيسي ومؤسسات الدولة المسئولية عن ما تعانيه من تهميش وتعد سافر على حقوقها يوميًا، وخاصة الأقباط الذين تعرضوا في عهد الرئيس الحالي لاعتداءات منهجية وسط تواطؤ سلطات الدولة وممثليها المختارين في البرلمان من قبّل أجهزة الأمن.