قانون “الدفع غير النقدي”.. جباية مقنعة تقوضها ضعف البنية التحتية

- ‎فيأخبار

دائما ما يعلن نظام الانقلاب العسكري عن بعض المشروعات أو القرارات الاستثنائية في العمل والاستعانة بالتقنية الحديثة، رغم عدم توافر الظروف والبنية المناسبة لذلك، ومنها الاستعانة بالتابلت أو الأجهزة اللوحية في التعليم لطلبة الثانوية العامة، رغم عدم صلاحية الفصول المدرسية والبرامج التعليمية للعمل بمثل هذه التقنية، ومع ذلك أصدر نظام الانقلاب قرارا بتسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي رغم الانتقادات العديدة التي طالت هذا القرار، ودفاع نظام الانقلاب عنه بفوضى تسهيل الغش في امتحانات الصف الأول لإقناع المواطنين بنجاحه.

وفي مفاجأة جديدة على “الشو الإعلامي” للعمل بالتقنية الحديثة مع حكومة السيسي، وافق برلمان العسكر، أمس الأحد، من حيث المبدأ، على مشروع قانون تقدمت به حكومة الانقلاب لتعميم استخدام وسائل الدفع غير النقدي، بعد جدل شهدته الجلسة العامة للبرلمان حول طلب الحكومة مهلة لتنفيذ القانون والتدرج الجغرافي في تطبيقه، نظرًا لعدم توافر البنية التحتية الكافية لتغطية كافة أنحاء الجمهورية في الوقت الحالي.

ويلزم مشروع القانون، جميع سلطات وأجهزة الدولة، والأشخاص الاعتبارية العامة، والشركات التي تملك الدولة كل أو أغلبية رأس مالها، بسداد المستحقات المالية لأعضائها والعاملين بها والخبراء ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارات واللجان، واشتراكات التأمينات الاجتماعية، بوسائل الدفع غير النقدي، باستثناء بدلات السفر للخارج.

في الوقت الذي لا توجد فيه البنية المؤهلة لاستخدام هذه الطريقة، خاصة في ظل العشوائية التي تتسم بها المؤسسات الحكومية، وفشل تطبيق العمل التقني في أكثر مؤسسات الحكومة، نتيجة وقوع السيستم بشكل دائم في البنوك ومكاتب البريد، وغيرها، الأمر الذي يربك ويعطل مصالح المواطنين بشكل دائم، إلا أن نظام السيسي يعتمد على الشكليات دون علاج أوجه القصور والتخلص من الفوضى والعشوائية.

ومع موافقة البرلمان على مشروع القانون، كشفت مصادر أن تحصيل الخدمات المدفوعة عبر وسائل الدفع غير النقدي، هدفها التجسس على حسابات المواطنين، خاصة وأن مشروع القانون ألزم بتحصيل الضرائب والجمارك والرسوم والغرامات مقابل الخدمات والمبالغ المستحقة للجهات وأقساط التمويل النقدي وأقساط وثائق التأمين واشتراكات النقابات واشتراكات صناديق التأمين الخاصة وقيمة المساهمة أو الاكتتاب في رؤوس أموال الشركات أو صناديق الاستثمار بمختلف أنواعها، باستخدام وسائل الدفع غير النقدي.

كما ينص على التزام الأشخاص الاعتبارية الخاصة والمنشآت التي تقدم خدمات عامة للجمهور أو تدير مرافق بأن تتيح للمتعاملين معها وسائل للدفع غير النقدي في جميع منافذ التحصيل مقابل الخدمة دون تكلفة إضافية.

وكشف تقرير أن القاسم المشترك في الكثير من انتقادات النواب لمشروع القانون جاء بسبب عدم توافر البنية التحتية اللازمة لتطبيق القانون.

وزعم وكيل برلمان العسكر، السيد الشريف، إن مشروع القانون من التشريعات الهامة التي تضع مصر في مصاف الدول المتقدمة، لكنه أشار إلى أن الحكومة كان عليها أن توفر البنية التحتية المطلوبة لتنفيذه قبل عرضه على البرلمان.

إلا أن عضو برلمان العسكر محمد المصري رد عليه بإن البنية التحتية لنظام الاتصالات غير موجودة.

ورفض رئيس برلمان العسكر، علي عبد العال، النص على استثناء بعض المناطق من تطبيق مشروع القانون: «هذا الكلام مرفوض جملة وتفصيلًا، فعند الحديث عن الحدود سنجد سيناء منطقة سياحية، وبالنسبة للصعيد أقصى نقطة فيها أبو سمبل أيضا منطقة سياحية، ولا مبرر على الإطلاق لهذا الاستثناء، ويجب أن يعمم الدفع النقدي».

وينص مشروع القانون في المادة الثالثة أن «على جميع المخاطبين بأحكام القانون المرافق توفيق أوضاعهم، طبقًا لأحكامه خلال سنة من تاريخ العمل بلائحته التنفيذية. ويجوز لرئيس مجلس الوزراء، بناء على عرض وزير المالية وموافقة كل من محافظ البنك المركزى ومجلس الوزراء، مد المدة المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة لمدة أو لمدد أخرى لا يجاوز إجماليها سنتين، أو استثناء بعض المناطق الجغرافية من تطبيق أحكام هذا القانون كليًا أو جزئيًا لمدة محددة في حالة تعذر استخدام وسائل الدفع غير النقدي أو وقوع حادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو تحقيقًا لمتطلبات الأمن القومي أو غير ذلك من الحالات الطارئة».

وطالب عمر مروان، وزير شؤون البرلمان، بإمهال الحكومة مدة قبل تنفيذ نصوص مشروع القانون لعدم مد خدمة الاتصالات حتى الآن إلى عدد من مناطق الجمهورية، وقال: «لسه الخدمة لم تمد في بعض المناطق، ولحين مد الخدمة التقنية لهذه المناطق نضع أجل لتنفيذه؛ طبقًا لما نراه في الواقع العملي.. وحتى يتم تطبيقه ولا يكون نصوص على الورق»، ليرد عبد العال: «أي استثناء يجعله هو والعدم سواء».

كما رفض عدد من الأعضاء المدد الزمنية المذكورة لتوفيق الأوضاع بالنسبة للمؤسسات المخاطبة بمشروع القانون. وحاول مروان أن يكون مدها لسنة بحد أقصى بحجة أن الحكومة تستطيع إجبار المؤسسات التابعة لها ولا تستطيع ذلك بالنسبة للقطاع الخاص.

واستقر على نص المادة التالي: «على جميع المخاطبين بأحكام القانون المرافق توفيق أوضاعهم، طبقًا لأحكامه خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بلائحته التنفيذية. ويجوز لرئيس مجلس الوزراء، بناء على عرض وزير المالية وموافقة كل من محافظ البنك المركزى ومجلس الوزراء، أن يستثني بعض المناطق الجغرافية من تطبيق أحكام هذا القانون لمتطلبات الأمن القومي أو غير ذلك من الحالات الطارئة».