“هويدي”: صار التدين شبهة في بلد الأزهر

- ‎فيأخبار

كتب رانيا قناوي:

كشف الكاتب الصحفي فهمي هويدي عن حالة الهرج التي يعمل من خلالها نظام الانقلاب على إسكات أي صوت خيري أو حزبي أو مدني في خدمة المجتمع، تحت الزعم بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما تلجأ إليه سلطات الانقلاب بعد 2013، وانتهى بخلط الأوراق ووضع الجميع فى سلة واحدة صار الإرهاب عنوانا لها، ولم يقف الأمر عند حد شيطنة الجميع وشن حرب الإبادة عليهم، وإنما وصل الحال أن صار التدين شبهة فى بلد الأزهر، وصار الدين ذاته هدفا للتجريح وموضوعا للازدراء من جانب البعض.

وقال هويدي، خلال مقاله بصحيفة "الشروق" في عددها المنشور صباح اليوم الثلاثاء، إن دعوات الازدراء تكون مرة بدعوى تجديد الخطاب الدينى الذى تحمس له الخصوم الذين لا يرجون لله وقارا، فتصدوا للإفتاء فيه بكل جرأة، ومرة أخرى بدعوى إلغاء الديانة من الهوية أو حظر تدريس الدين فى المدارس بحجة أنه يفرق بين المسلمين والأقباط، ومرة ثالثة عبر المطالبة بحذف أسماء رموز وأعلام الحضارة الإسلامية من مناهج التعليم واستبدالهم بعظماء الفراعنة ونوابغ المصريين. ومرة رابعة من خلال الدعوة إلى "تطهير" مناهج التعليم من بعض البطولات التاريخية والآيات القرآنية التى قيل إنها تشجع على التطرف والإرهاب.

وأشار إلى أن أحد المثقفين تساءل: "هل يمكن الثقة فيمن لا يؤمن بالدولة القومية ويعتبرها كفرا وخروجا عن الإسلام فى العملية السياسية؟"، وهو سؤال يعبر عن بعد آخر للشيطنة لا يجرح الهوية الدينية فقط وإنما يجرح الهوية الوطنية أيضا. ولا يرى فى العقل الإسلامى سوى التكفير والقتل وإنكار الانتماء الوطنى لصالح التعلق بحلم الخلافة الكبرى،  إلى غير ذلك من الصور النمطية التي جرى الترويج لها، وحولت الاستثناء إلى قاعدة والشذوذ إلى قيم وأعراف مستقرة.

وأكد هويدي أن أخطر وأسوأ ما ابتلينا به فى مصر أن الخلاف السياسى أصبح صراعا على الوجود. إذ أفسد ما بيننا، بحيث صار مبررا لإبادة الآخر وإلغائه من خرائط الواقع. وتلك مذبحة سياسية عبثية، خصوصا إذا استهدفت حملة الإبادة أفكارا لها جذورها ضاربة الأعماق فى الضمير الدينى. ذلك أن الإبادة فى هذه الحالة تكرر أسطورة طائر الفينيق عند الإغريق، الذى كلما احترق انبعث من رماده حيا من جديد.

وأعرب هويدي عن سخريته أن نجد أنفسنا ذات يوم نلجأ لشهادة مستشار الأمن القومى الأمريكى فى الدعوة إلى الفرز والتمييز بين فصائل وجماعات العمل الإسلامي، إذ بعدما أطلق الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب حملته الشعواء ضد ما أسماه «الإسلام الراديكالى» فى تعميم جهول، وهلل له بعضنا وصفقوا، فوجئنا بمستشار الأمن القومى الجديد الجنرال هاربد ماكمستر يعترض على المصطلح بدعوى أن استخدامه لا يخدم مكافحة الإرهاب، ونقلت عنه صحيفة نيويورك تايمز فيما نشرته الصحف المصرية أمس الاثنين (٢٧/٢) قوله إن الذين يرتكبون الأعمال الإرهابية يشوهون الدين الإسلامى.

وقال "إذا كان مستشار الأمن القومى الأمريكى قد صوب حماقة رئيسه ورعونته، فلا أعرف كيف يمكن أن نفعلها فى مصر، بحيث نميز بين الذين تثبت التحقيقات النزيهة -وأضع عشرة خطوط تحت الكلمة الأخيرة- أنهم تورطوا فى العنف وبين غيرهم ممن سحقهم القطار المندفع الذى تعطلت كوابحه، وللعلم فإن الفرز المطلوب لا يراد به فقط رفع الظلم عن البعض -رغم أهمية ذلك- كما لا يراد به فقط التفرقة بين ما هو سياسى مثير للجدل وما هو خيرى ينفع الناس ويخدم المجتمع، ولكن ينبغى أن ننتبه إلى أن الفراغ الناشئ عن حملة الإبادة هو هدية مجانية لتمدد التطرف والإرهاب".