تعليقًا على حادثي إطلاق النار المروعين، السبت الماضي، في الولايات المتحدة الأمريكية في "إل باسو" بولاية تكساس، ودايتون في ولاية أوهايو، واللذين أسفرا عن مقتل أكثر من 30 أمريكيًّا وإصابة العشرات، حذرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية من أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف بالحزب الجمهوري- تقود البلاد إلى الخراب والدمار.
وبحسب المقال الذي كتبه ماكس بوت، كاتب العمود الشهير بالصحيفة، فإن ترامب يشعل جذوة الكراهية عبر التحريض المستمر ضد من وصفهم بالمعتوهين في أمريكا. وطالب ماكس الرئيس الأمريكي بالعمل على وضع حد للعنف الذي يضرب البلاد.
ويرى ماكس بوت، أن تفشي النزعة نحو إطلاق النار الجماعي تتزامن مع تنامي أيديولوجية عنصرية تقول بتفوق العرق الأبيض، وضرب الكاتب أمثلة للتدليل على ما ذهب إليه، منها ما حدث في مدن مثل شارلستون بولاية كارولينا الجنوبية، حيث قتل تسعة أشخاص داخل كنيسة للأميركيين السود عام 2015، وحين قُتل ثمانية أشخاص في معبد يهودي بمدينة بيتسبرغ في 2018، هذا بالإضافة إلى حادثة إطلاق نار خلال مهرجان الثوم في غيلروي بولاية كاليفورنيا، التي لقي فيها أربعة أشخاص مصرعهم الأسبوع الماضي.
ويعتقد ماكس بوت أن الأميركيين "محظوظون"؛ ذلك لأن تلك الهجمات التي شنها أنصار اليمين الأبيض المتطرف في الولايات المتحدة كان من الممكن أن تكون أسوأ من ذلك بكثير.
ويقارب الكاتب بين موقف ترامب من حادثة برناردينو بولاية كاليفورنيا، حيث لقي 14 شخصا حتفهم في هجوم شنه اثنان من المسلمين في الثاني من ديسمبر 2015. حيث كان ترامب وقتها مرشحا للرئاسة؛ ودعا إلى فرض حظر تام وشامل على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية مبررا ذلك بأن يعرف نواب (الكونغرس) ما الذي يجري بحق الجحيم".
لكن رد فعل ترامب- بحسب ترجمة شبكة الجزيرة- جاء مختلفا حيال حادثة إطلاق النار الجماعي في مدينة إل باسو مؤخرا، التي وصفها بأنها من أعمال الكراهية دون أن يُبدي أي تصرف تجاهها.
ويعلق الكاتب على هذا التناقض بأن اقترح على ترامب أن يكف "بشكل تام وشامل عن التحريض والخطب العنصرية"، وفرض حظر "تام وشامل" على مبيعات الأسلحة الهجومية كتلك التي استخدمها الجاني الذي ارتكب جريمة إل باسو. وتابع قائلا "أيها الرئيس، إن كنت تهتم أصلا برفاه الشعب الأميركي فعليك أن تفعل ما أقوله لك، لكنك مستمر في إثارة الكراهية".
وضرب الكاتب مثلا آخر بتحريض ترامب وعنصريته، وذلك حين دعا الشهر الماضي نائبات "ملونات" في الكونغرس إلى العودة إلى بلدانهن الأصلية، ومطالبته في مايو الماضي أمام حشد بولاية فلوريدا إلى وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى بلاده. وفي تلك المناسبة، صاح أحد أنصار ترامب وسط الجماهير بأعلى صوته قائلا "أطلق عليهم النار". وبدل أن يعاقبه– كما يقترح بوت- ابتسم ترامب وهزّ رأسه وأجاب مازحا "في بانهاندل فقط يمكنك الإفلات بمثل هذه الأفعال، في إشارة إلى المدينة الواقعة بولاية فلوريدا.
وواصل الكاتب توجيه النصائح لترامب بقوله: "سواء كنت تدري أو لا تدري، أيها الرئيس، فإنك تثير بتهورك معتوهي أميركا.. كما أنك ترفض التصدي لسهولة حيازة أسلحة الحرب في أميركا". واستطرد مشيرا إلى أن ترامب يرفض كذلك أن يطلب من الكونغرس حظر بيع الأسلحة الهجومية، أو حتى شراء كل الأسلحة الموجودة في المتاجر مثلما فعلت أستراليا من قبل، رغم أنها لم تشهد مجزرة شبيهة بما وقع في الولايات المتحدة. وعلى النقيض من أستراليا، فإن الولايات المتحدة كانت مسرحا لـ249 حادث إطلاق نار جماعي هذا العام فقط. وختم ماكس بوت مقاله بتحذير الرئيس الأميركي من أنه سيقود بلاده إلى الهلاك ما لم يهبّ لوقف عنف الأسلحة النارية، ويكف عن إلهاب حماس أنصاره بخطاب الكراهية.
وهزت أصداء حادثي القتل العشوائي بولايتي تكساس وأوهايو السبت الماضي الساحة السياسية الأميركية، ودعا مرشحون ديمقراطيون الرئاسة إلى تشديد قوانين حيازة الأسلحة، واتهموا الرئيس دونالد ترامب بتأجيج التوتر العرقي. وتعرضت الولايات المتحدة لحادثتي إطلاق نار خلال 24 ساعة، أسفرا عن مقتل 29 شخصا -على الأقل- وجرح العشرات في كل من "إل باسو" بتكساس و"دايتون" بولاية أوهايو.
وفي تصريح لشبكة "سي إن إن" قال السيناتور كوري بوكر: إن "دونالد ترامب مسئول عن هذا؛ إنه مسئول لأنه يؤجج الخوف والكراهية والتعصب". وذهب المرشح الديمقراطي بيتو أوروركي إلى أبعد من ذلك، عندما اعتبر أن ترامب "لا يحض على الخطابات العنصرية فحسب، بل يحض على العنف الذي يليها أيضا".
من جانبها، قالت المرشحة إليزابيث وارن: إن "الرئيس ترامب يحض شخصيا على العنصرية وعلى تفوق العرق الأبيض". وأرجع المرشح للانتخابات التمهيدية الديمقراطية بيت بوتيجيج-في تصريح لشبكة فوكس نيوز- ما حصل إلى "ضعف سياسات ضبط سوق السلاح من جهة، وارتفاع وتيرة إرهاب محلي تحركه نوازع قومية بيضاء من جهة ثانية".
وتشير منظمات حقوقية إلى زيادة غير مسبوقة في عدد مجموعات الكراهية وحوادث الناتجة عن ذلك في فترة رئاسة ترامب.
