بعد نحو أسبوعين على انطلاق التظاهرات في لبنان، أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته، وقدمها بشكل رسمي وخطّي إلى رئيس الجمهورية “ميشال عون”، الذي لا يجوز له دستوريًّا إعلان رفضها.
خطوة طرحت الكثير من التساؤلات، لا سيما فيما يخص توقيتها ونتائجها، فالحريري ومنذ اليوم الأول لانتفاضة الشارع، كان قد أعرب عن خوفه من دخول البلاد إلى الفراغ، واجتاحت تعليقات المقربين من دائرته وسائل الإعلام المحلية والدولية، للتدليل على أنه كان يريد أن يتقدم باستقالته فورًا ودون تردد لولا مخافته من هذا المجهول.
أما عن النتائج، فيمكن القول إنها تصطدم بحسابات قوى السلطة التي كانت سببًا في منع التعديل الوزاري الذي دفع الحريري باتجاهه، والقائم على تشكيل حكومة تكنوقراط تتخلّص تمامًا من سطوة تلك الحسابات، لتطرح استقالة الحريري سيناريوهات مفتوحة للأزمة على المستويين السياسي والأمن، وتضع الشارع اللبناني أمام اختبار الإرادة تحت شعاره الأول برحيل كل الطبقة السياسية “كلن يعني كلن” .
وبكلمات مقتضبة، أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري عن استقالته من رئاسة الحكومة نزولًا على رغبة الشارع، وقال الحريري: إنه استمع لصوت الناس، وإن محاولاته إيجاد مخرج للأزمة باءت بالفشل ووصلت إلى طريق مسدود.
الاستقالة التي شكلت بطريقة أو بأخرى انتصارًا للمحتجين لن تقترن باتفاق سياسي على حكومة جديدة، بل أغلقت الباب أمام مساعيه لإجراء تعديل حكومي يقوم على أساس غير حزبي في بلد المحاصصة والتوريث.
قناة “مكملين” ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، مستجدات الانتفاضة اللبنانية وتداعيات استقالة الحريري على مستقبل الأزمة السياسية في البلاد.
وقال حسن شقير، الباحث والمحلل السياسي: إن استقالة الحريري تعد هروبًا من المسئولية، خاصة وأنها جاءت دون تنسيق مع الرئيس اللبناني “ميشال عون” والشركاء السياسيين في الحكومة.
وأضاف شقير أنه رغم وجود إمكانية في إعادة تكليف الحريري، لكنه يبدو أن الحريري يريد العودة بشروط جديدة، وهذه الشروط لا يمكن قبولها دون وجود توافق في البلد، فلبنان يُحكم بديمقراطية توافقية، وهذه الديمقراطية لا يمكن أن تُغلّب وجهة نظر على أخرى.
وأوضح شقير أن الحريري أراد إحداث نوع من الصدمة والإيحاء بأنه الوحيد القادر على إدارة دفة السفينة خلال المرحلة المقبلة، لكن بشروطه هو وليس بالتوافق مع باقي الشركاء السياسيين.
بدوره قال وائل نجم، الكاتب والمحلل السياسي: إن أهم ما يميز الحراك اللبناني أنه وللمرة الأولى كان عابرًا للمربعات الطائفية والمذهبية وللقوى السياسية والمناطق، مضيفًا أن كل المحافظات والمناطق وكل المكونات الطائفية والمذهبية شاركت في هذا الحراك.
وأضاف نجم أن الأزمة اللبنانية طالت كل اللبنانيين واكتوى الجميع بنارها، ما دفع جموع الشعب للخروج رفضًا لفرض ضرائب جديدة، وتطورت المطالب لتغيير كل الطبقة السياسية بلا استثناء؛ بسبب مسئوليتهم عما آلت إليه الأمور في البلاد، وأنه لا يثق بإصلاحاتها.
بدورها قالت أمل أبو فرحات، الناشطة السياسية: إن هناك قوى خارجية تسعى جاهدة للاستفادة من الانتفاضة اللبنانية، مؤكدة أن الشعب انتفض ضد السلطة الفاسدة وسيكمل مشواره.
وأضافت أمل أن الوضع الاقتصادي لن يتحمل طويلا دون حلول أو حكومة، موضحة أن الوضع الاقتصادي اللبناني هش بسبب تردي السياسية الاقتصادية للمسئولين والفساد والسرقة.
