شاهد| علماء: قانون الإفتاء هدفه إسكات صوت الأزهر

- ‎فيتقارير

“لو أن لي دعوة مستجابة ما صيّرتها إلا في الإمام”، اقتباس مأثور للزاهد التقي “الفضيل بن عياض”، أحد أعلام أهل السنة والسلف الصالح، لم يكن يرقى إلى مسامع الكثيرين حتى قدَّمته دار الإفتاء، منتصف العام الماضي، حين بدأت عهد إنتاج مقاطع الفيديو والرسوم المتحركة لمشاركة الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي بياناتها وتعليقاتها المثيرة للجدل، بما تحمله من تأييد مطلق لنظام السيسي وهجومٍ فج على معارضيه.

بيْن وسامة أبي لهب وجواز الاحتفال بالفلنتاين وضرورة التصدي لمسلسل أرطغرل.. موضوعات تصدَّرت فيها دار الإفتاء نقاشات الفضائيات وصفحات الواقع الافتراضي، فيما يبدو أن النظام يعدها لشغل حجم أكبر في الحياة المصرية.

مشروع قانون جديد ينظم عمل دار الإفتاء ويمنحها استقلالًا ماليًّا وإداريًّا، لكن مع منح الرئاسة سلطة اختيار المفتي من بين 3 يرشحهم الأزهر، بدلا من انتخابه المعتاد في اقتراع سري مباشر لهيئة كبار العلماء.

يبدو الهدف واضحًا من هذا الاستقلال، فهو من جهة يسهم في سحب البساط من تحت أقدام مؤسسة الأزهر وشيخه، المؤسسة الوحيدة غير الخاضعة لسيطرة النظام، ومن جهة أخرى يجعلها مؤسسة موازية ومنافسة إلى جانب الأوقاف، ليؤذن بعهد جديد يتوسع فيه التنافس بين المؤسسات الدينية الثلاث حول رؤية كل واحدة للحق في الفتوى، فضلا عن التنافس المفترض في كسب ثقة السلطة عبر دعاية تجديد الخطاب الديني.

تلك الدعوة التي لا يبدو أنها ستنتهي عند سجالات التراث بعدما كلفت المؤسسات الدينية الثلاث إقامة نحو 30 مؤتمرًا دوليًّا ومحليًّا لترديد الخطاب نفسه، خلال السنوات الخمس الماضية، وقد تحوَّلت إلى ضغط يمارس في كل توجه يحث عليه النظام، ولو كان بعيدًا عن طلب الفتوى، لتبدو معها المؤسسات الدينية كما لو كانت مؤسسات ناطقة باسم الحكومة وتوجيهاتها، لكنَّ الثابت أنها تفقد بذلك كل احترام ووقار يحفظ لها مكانتها بين جمهور الأمة.

قناة “مكملين” ناقشت- عبر برنامج “قصة اليوم”- المؤسسات الدينية ومساعي عبد الفتاح السيسي لتأميم الفتوى.

الدكتور محمد الصغير، وكيل اللجنة الدينية ببرلمان 2012، رأى أن اختيار مفتى الجمهورية هو “أمر مشايخي علمائي بحت”، ولا دخل للسيسي به، وما يحدث هو رغبة حقيقية في التكويش وجمع كل السلطات في يد العسكر.

وأضاف أنَّ حضور السيسي اختيار طلاب الكلية الحربية يؤكد أنه يريد أن يعوض ما فاته من كل مظاهر السلطة، مضيفا أن من يتدخل في اختيار طلاب الكلية الحربية لا يفوته تعيين مفتى الديار المصرية .

وأوضح الصغير أنه من المفترض أن تكون اللجنة الدينية في البرلمان ممثلة عن الشعب وليس عن النظام، وما يقوم به أسامة العبد، رئيس اللجنة، ووكلاؤه يثبت أنهم يأتمرون بأمر السيسي ولا يهدفون للمصلحة العامة.

وأشار الصغير إلى أن هيئة كبار العلماء عادت بعد ثورة 25 يناير، وأصبحت دستورية بدستور ما بعد الثورة، لكن المجلس العسكري استبق مجلس الشعب واستبق الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وعين 26 عضوًا من جملة 40 عضوًا هم أعضاء هيئة كبار العلماء.

بدوره رأى الدكتور عطية عدلان، أستاذ الفقه والسياسة الشرعية، أن قانون دار الإفتاء يدخل في سياق الحرب على الأزهر والدين الإسلامي، وهي محاولة لتقليص صلاحيات شيخ الأزهر وزيادة هيمنة الدولة على المؤسسات الدينية.

وأضاف عدلان أن الأزهر الشريف يمثل عقبة كبيرة بوجه مشروع العسكر، وأحد أبرز أهداف هذا المشروع الكبير القضاء على الصوت الإسلامي الكبير الصادر من الأزهر.

وأوضح عدلان أن الخوف يكمن في تمرير هذا القانون، ومن ثم يؤدي إلى صدور قوانين أخرى تقلص في النهاية الخطاب الشرعي للمؤسسات الإسلامية.