تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورة يعود تاريخها إلى عام 1943 وتظهر مهاجرين يونانيين مصطفين لتناول الطعام من أهالي مدينة حلب السورية بعدما حلّوا كلاجئين هربا من ويلات الحرب العالمية الثانية.
كانوا ضيوف الرحمن كما يقول تراثنا العربي والإسلامي حلوا كراما لدى السوريين في حلب وإدلب وضيوفا عندنا في القاهرة والإسكندرية، أكلوا من طعامنا وتزودوا حتى عادوا للحياة عمارا وتجارا بلا قيد أو شرط.
واليوم تنتهي القصة بصورة أبطالها اليونانيين أيضا وهم يحاصرون بفرقاطة عسكرية زورقا مطاطيا للاجئين سوريين فيهددونهم بالإغراق حتى يعودوا إلى حيث جاؤوا إلى ويلات الحرب في سوريا إلى المكان الذي آوى أسلافهم اليونانيين في حلب وإدلب.. هناك حيث تشتد المعارك بين النظام وداعميه الروس والإيرانيين وبين آخر قلاع المعارضة السورية في إدلب وداعميها الأتراك.
معارك كر وفر تواصلت على مدار الساعات الماضية تمكنت معها قوات نظام الأسد الدموي بمساندة مقاتلي شركة فاجنر الروسية والمليشيات الإيرانية من السيطرة على مدينة سراقب لتعيدها مرة أخرى إلى مناطق نفوذها فيما كان الطيران التركي يواصل غاراته على منصات القصف ومدفعيات النظام.
تلك المواجهة التي أعادت الدب الروسي إلى مربع الأزمة بعد أن اعتلى سدة الحكم على المستقبل السوري آمرا وناهيا تماما كما أعادت لأبناء الثورة السورية آمالهم بأن يحمل لهم هذا المستقبل مكانا للعيش في بلدهم بدلا من تجرع مرارات الانتقام الأسدي أو الهوان والذل على بوابات الساحل الغربي.
كبدنا النظام السوري أكبر خسارة في تاريخه يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هذه الخسائر ما هي إلا بداية إذا لم ينسحب إلى الخطوط التي حددتها تركيا في أقرب وقت ممكن ليجدد الوصف التركي الشهير “لن تبقى لهم رؤوس فوق الأكتاف إن لم يعودوا خلف نقاط المراقبة التركية المشمولة باتفاق سوتشي “.
وعيد يعيد التأكيد على الهدف التركي من مباحثات القمة المزمعة بين بوتين وأردوغان يوم الخميس المقبل، سيكون هذا بلا شك لقاء صعبا يقول المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف وإن كانا يؤكدان رغبتهما في تسوية الوضع في إدلب مؤكدا أن موسكو تولي أهمية كبرى للتعاون مع تركيا.
لكن العدسات التي ترقب أطراف الحرب في إدلب ومشاهد النازحين منها إلى أوروبا عبر الأراضي التركية لم تكشف بعد عما ينفذه النظام الدموي من عملية تهجير جديدة في محافظة درعا جنوب سوريا بعد هجوم شنته قواته على مدينة الصنمين وأسفر عن وقوع قتلى وجرحى من المدنيين ليعيد التأكيد على رسالته بأن شيئا لن يزيحه عن كرسي الرئاسة طالما وجد هذا الدعم في مواجهة مواطنيه.
أعلنت وزارة الدفاع التركية إسقاط مقاتلة جديدة للنظام السوري من طراز L39 في إطار عملية درع الربيع الجارية بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا في وقت قتل فيه مدنيين وجرح 21 آخرون على الأقل بينهم أطفال ونساء جراء انفجار يرجح أنه ناجم عن قصف صاروخي من قوات النظام السوري طال مناطق سكنية في مدينة إدلب.
مصادر عسكرية أوضحت أن إسقاط الطائرة جرى أثناء تنفيذها عمليات فوق مدينة سراقب المدينة الإستراتيجية التي تمكنت قوات النظام من إعادة السيطرة عليها مرة أخرى خلال أقل من شهر بعد معارك كر وفر عنيفة خاضتها قوات النظام بدعم كبير من مرتزقة شركة فاجنر الروسية ومليشيا الرضوان الإيرانية خلال ساعات الليل.
على الضفة الأخرى لا تزال أزمة تدفق اللاجئين إلى أوروبا برا وبحرا مع تصاعد أعمال العنف ضدهم من قبل قوات حرس الحدود وخفر السواحل اليونانية في ظل محاولات الاتحاد الأوروبي الخروج باتفاق جديد مع أنقرة يضمن كبح جماح هذه الموجة الجديدة من النزوح.
قناة “مكملين” ناقشت عبر برنامج “قصة اليوم”، تطورات الحرب في إدلب وموجة اللجوء الجديد وجرائم الغرب.
حمزة تكين، المحلل السياسي التركي، رأى أن عملية درع الربيع التي أطلقها تركيا في سوريا تسير بشكل ناجح وفق ما أكده سياسيون وعسكريون أتراك، مضيفا أن القوات التركية والمعارضة مصرة على استعادة سراقب لما لها من بعد استراتيجي كبير في السيطرة على الطريق الرئيسي m5.
وتوقع تكين استعادة المعارضة السورية لبلدة سراقب إلى جانب قرى ومناطق أخرى، مضيفا أن درع الربيع مستمرة على كل الجبهات وتم إسقاط طائرة للنظام السوري ومسيرة إيرانية، لكن ليس هناك تأكيد حول إسقاط مسيرة تركية، مضيفا أن خسارة النظام السوري الكبيرة تؤكد نجاح العملية.
وأضاف تكين أنه على المسار السياسي تركيا تتحضر للقاء مع الجانب الروسي بين لرئيسين أردوغان وبوتين، ومن يكون له تقدم أكبر على أرض المعركة سيكون لو موقف أقوى على طاولة المباحثات.
وأشار تكين إلى أن روسيا والنظام السوري تريد الدخول إلى المباحثات وهي تسيطر على سراقب، لكن تركيا أيضا في موقف قوة فعلى الرغم من أنها كانت تعلم بموعد القمة الروسية قبل بدء عملية درع الربيع لكنها أطلقت العملية لتأكيد أن القرار التركي حاسم ولا جدال فيه بشأن تراجع قوات النظام إلى حدود اتفاق سوتشي.
وأوضح تكين أن أردوغان لن يذهب إلى موسكو لمفاوضات جديدة وحال عدم تراجع بوتين والنظام السوري ستكون الكلمة الأخيرة لساحة المعركة، مضيفا أن تركيا لها تجارب سابقة ناجحة في الشمال السوري وهناك توقعات كبيرة أن تكلل عمليتها الحالية أيضا بالنجاح.
العقيد فهد أبو صخر، المحلل العسكري والاستراتيجي، رأى أن السيطرة الجوية مهمة جدا بالنسبة لقوات المعارضة حيث تمكنت خلال 48 ساعة من استعادة ما استولى عليه النظام في عدة أيامـ مضيفا أنه بعد استعادة النظام لسراقب بدأت قوات المعارضة بدعم من القوات التركية في التمهيد لاستعادتها مرة أخرى.
وأضاف أبوصخر أن السيطرة الجوية في إدلب حاليا للقوات التركية ونجحت في منع قوات النظام من التقدم واحتلال مناطق جديدة، مضيفا أن القمة المتوقع بين أردوغان وبوتين يوم 5 مارس ستتطرق إلى عودة قوات النظام إلى حدود سوتشي وهذا لا يرضى المقاومة.
وأوضح أبوصخر أن إعلان روسيا عن انتشار الشرطة العسكرية الروسية في سراقب بداية من الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي كان خدعة للمعارضة وأسفرت عن استيلاء النظام على البلدة لكن الثوار الآن امتصوا الصدمة ويتأهبن للانقضاض على قوات النظام لاستعادة البلدة.