“الدولة اتعاملت مع أزمة كورونا كالعادة بمنتهى الشفافية”، هذا ما أكده السيسي أمس في أول ظهور له منذ دخول فيروس كورونا البلاد، قبل أن ترد عليه أرقام الضحايا عقب الخطاب بساعات، فتفقده ما سعى إلى تعزيزه من ثقة ومصداقية.
قيادتان رفيعتان بالقوات المسلحة يصارعان الموت، وحديث عن آخرين، حصيلة ضحايا كورونا خلال الساعات القليلة الماضية.
قادة كبار لا يمكن التشبث بخيار الإنكار في التعامل مع ذويهم، ليبقى ما حذرت منه كثير من التقارير، وما تردده ألسنة العامة بأنّ ما خفي يبدو أعظم.
الحديث عن الغلابة حيث تتحدث التقارير نفسها عن إصابة 4 مجندين في إحدى كتائب الجيش الثاني الميداني بمحافظة الإسماعيلية، وما أكدته مصادر متواترة عن إخضاع طلاب الكلية الحربية للحجر الصحي منذ 10 أيام، بعد ظهور 5 حالات اشتباه في داخلها.
يحدث هذا وسط أبناء القوات المسلحة التي تتخذ إجراءات صارمة للحد من انتشار الوباء، حسبما تؤكد، أما المدنيون فقد أعلنت وزارة قطاع الأعمال عن بدء تطبيق عزل ذاتي بالمنازل لعمال شركتي مصر المحلة والنصر للغزل العاملتين بالمنسوجات، وذلك بعد الاشتباه في حالتي إصابة حتى الآن.
لم يعد الحديث عن بيانات وزارة الصحة، فالجيش يعلن عن صفوفه، والقطاع العام يعلن عن نفسه، حتى الطواقم الطبية اضطرت إلى تسريب المعلومات عن أزمتها، إذ تؤكد مصادر بنقابة الأطباء إصابة 26 طبيبا وممرضا على الأقل من مجموع الإصابات المعلن عنها حتى اللحظة.
نتيجة منطقية لإدارة اعتمدت الإنكار ردا وخيارا وحيدا على كل دراسة حاولت تقدير حجم الأزمة، وآخرها وأحدثها دراسة معهد روبرت كوخ، المؤسسة المرجعية المسئولة عن تقييم مخاطر الوباء في ألمانيا، بتصنيف مصر من أكبر البؤر المحتملة لتفشي الفيروس في العالم.
واقع يتماشى أيضًا مع البنية الصحية المتراجعة في مصر، سواء على مستوى الكادر الطبي الذي خسر جهود عشرات الآلاف في الأعوام القليلة الماضية بسبب رفض الاستجابة لتحسين أوضاعه المادية وكرامتهم الإنسانية، أو على مستوى منشآت تئِن من إهمال التجديد وتتداعى أمام كثافة المرضى.
سنوات بل عقود من إهمال القطاع الصحي، تضع الآن هذه الطواقم الطبية أمام امتحان صعب قبل انفجار الأزمة في وجه الجميع .
أعلنت وزارة قطاع الأعمال عن بدء تطبيق عزل ذاتي بالمنازل لعمال شركتي مصر المحلة والنصر للغزل، العاملتين في قطاع المنسوجات، بعد الاشتباه في حالتي إصابة بفيروس كورونا المستجد.
الوزارة نشرت بيانا في وقت متأخر من مساء الأحد، أعلنت فيه عن منح العاملين في الشركتين، والذين يصل تعدادهم إلى نحو 18 ألف عامل، إجازة مدفوعة الأجر من الاثنين وحتى نهاية مارس الجاري، مع التزامهم بالعزل الذاتي في منازلهم .
إلى ذلك أكدت وكالة الأنباء الرسمية وفاة مدير إدارة المشروعات الكبرى بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة، اللواء شفيع عبد الحليم داود، فجر اليوم، متأثرا بإصابته بالفيروس، ليكون بذلك ثاني قائد كبير في الجيش يعلن عن إصابته في غضون ساعات، بعد إعلان وفاة اللواء أركان حرب خالد شلتوت، فيما تفيد تقارير عن إصابات جديدة في صفوف عسكريين بينهم ضباط كبار .
تقارير أعادت الحديث من جديد عن أزمة الثقة في البيانات والتصريحات الرسمية المعلنة بشأن أزمة الفيروس في مصر، كما تتحدث وتدحض حديث السيسي، أمس، حول التزام الدولة بالشفافية منذ بداية الأزمة.
قناة مكملين ناقشت، عبر برنامج قصة اليوم، تطورات أزمة انتشار كورونا في مصر، وتداعيات الأرقام المعلنة من وزارة الصحة.
هيثم غنيم، الناشط الحقوقي، نفى ما تم تداوله حول وفاة اللواء محمود أحمد شاهين، رئيس أركان حرب إدارة المهندسين العسكريين، مؤكدا أنه يخضع للعلاج في الرعاية المركزة جراء إصابته بفيروس كورونا، مضيفا أن اللواء حسن عبد الشافي، مدير إدارة المهندسين العسكريين، يشتبه في إصابته بكورونا.
وأضاف غنيم أن اللواء شفيع أصيب عن طريق مخالطته ضابطا في الهيئة الهندسية كان في زيارة عمل إلى إيطاليا، مضيفا أن “شفيع” حضر اجتماع المجلس العسكري، في 3 مارس، واجتماعات أخرى بعد ذلك، خلال فترة حضانة الفيروس وأثناء حضوره اجتماعا مع اللواء خالد شلتوت، واللواء محمود شاهين أصيب بإغماء، فتم الاشتباه في إصابته بالفيروس، وتم تأكيد إصابة عدد من المخالطين له.
وأوضح غنيم أن منظمة “نحن نسجل” نشرت تقريرا حول إصابة عدد من كبار الضباط بالقوات المسلحة، في 13 مارس الجاري، وذكرت تفاصيل دقيقة عن إصابتهم وكيف حدثت الإصابة، لافتا إلى أن اللواء شفيع خرج من المستشفى، أمس، بعد تأكيد الأطباء تعافيه من الفيروس ومر على مكتبه بالهيئة الهندسية، واحتفل به الضباط، قبل أن يعلن وفاته فجر اليوم، وهو ما يكشف فساد المنظومة الطبية بالقوات المسلحة.
بدوره قال الدكتور عمرو عادل، رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، إن فيروس كورونا له طريقة معينة في التحرك والانتشار والعالم كله توصل إلى هذه الطريقة، مضيفا أن طريقة القياس والاختبار في مصر تشكك في النتائج المعلنة حتى الآن بشأن إصابات كورونا.
وأضاف عادل أن التجارب السابقة أثبتت غياب الشفافية في تصريحات مسئولي حكومة الانقلاب، مضيفا أن الدول البوليسية والقمعية تفضل الاحتفاظ بالمعلومات وعدم نشرها للرأي العام كما حدث في الصين وإيران ومصر.
وأوضح عادل أن إعلان القوات المسلحة وفاة ضابطين كبيرين دون الإعلان عن إصابتهما بالفيروس قبل ذلك ضرب مصداقية القوات المسلحة في الصميم، مضيفا أن النظام يرى أن الشعب ليس له الحق في المعرفة، مضيفا أن العقلية الأمنية هي التي تسيطر على تصرفات قيادات الانقلاب .
وأشار عادل إلى أن الكثير من الأطباء والعلماء الذين يقبعون في السجون يمكنهم المساعدة في التصدي لفيروس كورونا، بالإضافة إلى احتمال تعرض حياتهم للخطر جراء إصابتهم بالفيروس، ومع ذلك يرفض النظام الإفراج عنهم، كما أن وزارة التعليم رفضت تعليق الدراسة على الرغم من المناشدات المستمرة، حتى ظهرت حالات إصابة بالمدارس واضطرت إلى تعليق الدراسة، وهو ما يكشف فشل المنظومة الأمنية.