سخرية صهيونية وفلسطينية على “السلطة” بعد وصفها عودة التنسيق الأمني بالانتصار

- ‎فيأخبار
A handout picture provided by the Palestinian Authority's press office (PPO) on on March 29, 2017 shows Palestinian leader Mahmud Abbas attending talks of the Arab League summit in the Jordanian Dead Sea resort of Sweimeh. Arab leaders are set to meet in Jordan for their annual summit with no expected breakthrough on resolving conflicts or "terrorism" in the region. / AFP PHOTO / PPO / THAER GHANAIM / === RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY CREDIT "AFP PHOTO / HO / PPO " - NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS ===

أقامت وسائل إعلام صهيونية حفلة سخرية على السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس أبو مازن، وذلك بعد أن وصفت السلطة قراراها بعودة التنسيق الأمني مع الاحتلال بأنه "انتصار". وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن تصريحات وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ، التي اعتبر فيها عودة العلاقات والتنسيق الأمني "كما كان" مع "إسرائيل" بمثابة "الانتصار"، هي خداع من جانب السلطة وحركة فتح لنفسها وشعبها.
وفي اليوم التالي لإعلان السلطة إعادة التنسيق الأمني مع الاحتلال، أعلن مسؤول فلسطيني بناء على قرار صدر من الرئيس محمود عباس، بإعادة السفيرين عصام مصالحة إلى الإمارات وخالد عارف إلى البحرين. وبحسب مراقبين فإن السلطة  تجاوزت "مرحلة الصدمة" من التطبيع، وباتت مقتنعة بعدم جدوى "فتح أية معارك مع دول عربية". وفي  13 أغسطس2020م، استدعت وزارة الخارجية الفلسطينية، سفيرها في أبو ظبي للتشاور؛ ثم في11 سبتمبر استدعت سفيرها في المنامة، وذلك احتجاجا على تطبيع البلدين علاقتهما مع إسرائيل. وبذلك فإن السلطة تتجه نحو التعايش والتكيف مع هذا الواقع، الذي قد يمتد فيه قطار التطبيع لدول أخرى، في وقت لا تملك فيه القيادة الفلسطينية أي أوراق ضغط لوقفه".
وفي التقرير الذي  أعدته الكاتبة المختصة بالشؤون العربية عميرة هاس، سلطت الضوء على أن السخرية من مزاعم السلطة امتدت إلى الشارع الفلسطيني حتى كتب أحد الفلسطينيين: "ربما أصبت بكورونا وأصبحت غير قادر على تذوق هذا الانتصار".

سخرية واسعة 
السخرية من السلطة لا تقف عند الإعلام الصهيوني والفصائل الفلسطينية بل تجاوزت ذلك إلى أعضاء وقيادات داخل حركة فتح نفسها، واستشهدت "هآرتس" على ذلك بما كتبه أحد أعضاء الحركة بعد قرار السلطة يوم الثلاثاء 17 نوفمبر 2020م بعودة التنسيق الأمني مع جيش الاحتلال وجهاز الشاباك حيث سخر عضو فتح قائلا: «أخشى من أن يعلنوا بأن استئناف التنسيق هو انتصار على الاحتلال، وأن يحولوا هذا اليوم إلى عيد وطني».
ما كتبه هذا العضو الفتحاوي كان بصورة ساخرة، إلا أنه بحسب "هآرتس"، "أظهر أنه يعرف بشكل جيد قيادته، فبعد بضع ساعات ظهر في التلفاز حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية، وأعلن عن استئناف التنسيق"، وقال الشيخ: "هذا انتصار استثنائي لصمود الشعب وعظمة رئيس الشعب محمود عباس". وزعم الشيخ، في حديثه على تلفزيون فلسطين، أن "هذه هي المرة الأولى في فترة حكومة نتنياهو التي يقوم فيها مصدر إسرائيلي (منسق أعمال الحكومة في المناطق كميل أبو ركن) بالتعهد وبتوقيعه بأن إسرائيل تلتزم بالاتفاقات".
ورأت "هآرتس" أن "المشكلة الآن ليست في استئناف التنسيق، بل في الكذب الصارخ عن "انتصار" يحاول كبار قادة فتح بيعه للجمهور"، معتبرة أن "هذا الكذب هو استخفاف واستهزاء بالجمهور". وتساءلت باستهجان: "هل حقا بعد 25 عاما، يمكن لعباس والشيخ مباركة الاتفاقات التي يعتبرها "أبو ركن" إطارا قانونيا؟".
ونوهت "هآرتس" إلى أن قرار السلطة بعودة التنسيق الأمني يأتي متزمنا مع توسع "إسرائيل"  في عمليات هدم المنازل الفلسطينية وتوسع النشاط الاستيطاني. وأن الاتفاقيات بالنسبة للاحتلال ليست سوى إطار قانوني لإملاء اتفاق استسلام على الفلسطينيين، وليس مخجلا أن تكون العنصر الضعيف والمخدوع، لكن من المخجل أكثر ومن الخطأ السياسي خداع شعبك ونفسك".  

خطاب مصطنع

وعدَّ التقرير حديث السلطة وحركة فتح عن المصالحة الفلسطينية والانتخابات الداخلية خطابا مصطنعا ومضلل تستهدف السلطة من وراء التكتيك للادعاء بالصمود والتقدم في محاولة لطمس وإخفاء الحقيقية بأن السلطة تحولت إلى جيوب منفصلة تغيب عنها الاستراتيجية أو الرؤية، مؤكدة أن عودة التنسيق كان متوقعا تماما من جانب "إسرائيل". وبحسب التقرير فإن ما تقوم به سلطة محمود عباس أبو مازن هو مجرد عرض مزيف لنشاط القيادة الفلسطينية، التي تدور في دورات يائسة لا تراوح المكان، مشيرة إلى أن اقتصاد السلطة مرهون بأن تدفع لإسرائيل المقابل والاحتلال لا يعترف سوى بعملة واحدة هي التنسيق الأمني.
وفي مقال آخر نشرته صحيفة "هآرتس" للصحفي جاكي خوري، فإن "إعلان السلطة استئناف التنسيق مع إسرائيل، يشكل اعترافا بفشل السياسة الفلسطينية، وهو رسالة أيضا للجمهور الفلسطيني والمجتمع الدولي، أن قيادة السلطة تتصرف بدون استراتيجية واضحة ومبلورة".

وأشار الكاتب إلى السلوك البهلواني للسلطة والتي رفعت من سقف تصريحاتها بعدم التراجع عن مواقف السلطة إزاء سلوك الاحتلال لكن الواقع أن السلطة لم تدعم هذه الادعاءات بأي تحرك عملي على المستويين السياسي والاقتصادي. وفي هذه الأثناء دخلت عواصم خليجية ثرية في اتفاق تطبيع مع "إسرائيل" بدعم سعودي ومباركة مصرية، وبدا إخفاق السلطة في استصدار قرار إدانة من الجامعة العربية للتطبيع بمثابة رسالة تؤكد أن السلطة بقيت وحيدة. وحتى التحرك نحو المصالحة الداخلية لم يحقق شيئا لأن مؤشرات نجاحها لم ينضج بعد؛ وبالتالي لم يبق أمام السلطة سوى العودة إلى الأدوات المعروفة ،  وهي التنسيق وتحويل الأموال وانتظار عملية سياسية معينة، مثلما يحدث منذ 25 سنة".