لغة المصالح.. أزمة سد النهضة تكشف فشل السياسة الخارجية للعسكر

- ‎فيتقارير

كشفت أزمة سد النهضة الإثيوبي عن فشل السياسة الخارجية لنظام الانقلاب ليس مع الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا والدول الكبرى فى العالم فقط بل حتى مع دول العالم الثالث فى إفريقيا وآسيا وأيضا مع الدول العربية التى من المفترض أنها ترتبط بمصالح مشتركة تدافع عنها تحت منظومة الجامعة العربية وحتى الدول التى دعمت الانقلاب الدموى للعسكر على أول رئيس مدنى منتخب فى مصر الشهيد محمد مرسي خاصة عيال زايد فى الامارات والأمير المنشار فى السعودية يدعمون اثيوبيا فى أزمة السد ويقيمون معها مشروعات مشتركة بعضها مشروعات زراعية فى المنطقة المحيطة بسد النهضة .
كان سامح شكري وزير خارجية الانقلاب قد قام بجولة فى الدول العربية، من أجل توحيد الموقف العربي تجاه التعنت الإثيوبي.
لكن هذه الزيارات كما يؤكد الخبراء جاءت مخيبة للآمال، ولم تسفر عن أي دور للدول العربية موضحين أن شكرى فشل فى دفعها للتحرك تجاه إحراج إثيوبيا دوليًا أو تمثيل ضغط دولي عليها. 
وقال الخبراء ان المصالح الاقتصادية للدول العربية تقف حائلًا أمام مساندة مصر فى الأزمة مؤكدين أن موقف هذه الدول ينبني على مصالحها الاقتصادية مع اثيوبيا .

لغة المصالح

فى هذا السياق كشفت تقارير حديثة أن استثمارات السعودية في إثيوبيا تبلغ حوالي 13 مليار دولار في مجالات الزراعة والتعدين.
وأشارت التقارير الى أن حجم استثمارات الإمارات في إثيوبيا تجاوز حاجز المليار دولار، موضحة أن تلك الاستثمارات تتنوع بين زراعية وصناعية، فهناك نحو 21 مشروعًا في مجال الزراعة، و37 في مجال الصناعة، و7 في حفر الآبار، و5 مشاريع في التعدين والسياحة.
وأكدت أن الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وإيطاليا، من أكثر الدول التي تربطها مصالح مشتركة مع الجانب الإثيوبي، حيث تأتي الصين على رأس الدول الممولة لسد النهضة، وهناك مشاركة واسعة للشركات الصينية في بناء السد كما تشارك شركة البناء الإيطالية المتخصصة في بناء السدود، في بناء سد النهضة، وهناك أيضا شركات فرنسية.

مواقف مريبة

حول هذه الأزمة تساءل الكاتب والشاعر فاروق جويدة : أين العالم من سد النهضة? وأين ردود الفعل العالمية من جريمة واضحة المعالم ضد مصر والسودان؟ أين الدول الصديقة التى تربطها بمصر مصالح تاريخية؟ أين أمريكا القوة العظمى التى انسحبت إثيوبيا ورفضت أن تعترف بها وسيطاً؟.. وأين الاتحاد الأوروبى وله علاقات تاريخية مع مصر أين ألمانيا وايطاليا وفرنسا واليونان؟.. بل أين الصين وهى اقرب الدول إلى مصر ولها مصالح كبيرة مع إثيوبيا؟.. وقبل هذا أين روسيا وقد أصبحت الآن صاحبة دور فى العالم كله؟.
وقال جويدة فى تصريحات صحفية :  من المؤكد أننا قصرنا فى التواصل مع هذه الدول والقوى ولم نستطع اقناعها بتعنت الموقف الإثيوبى الذى لا يراعى الالتزامات الدولية والقوانين التى تحكم قضايا المياه فى العالم.
وتابع إن غياب دول العالم بلا استثناء فى قضية سد النهضة يدعو للتساؤل خاصة أن أمريكا سكتت على فشل المفاوضات التى جرت على أراضيها وكانت شاهداً على المراوغة فى موقف إثيوبيا موضحا أن للصين مصالح كبيرة في إثيوبيا كما أن روسيا تورد السلاح لكل دول إفريقيا أما الاتحاد الأوروبى فلا صوت له رغم أن هناك شركة إيطالية هي التي أقامت السد وبيننا وبين إيطاليا اتفاقيات واستثمارات ضخمة.
وأشار جويدة إلى أن غياب الدعم العالمي لمصر والسودان في قضية سد النهضة يفتح أبواباً كثيرة للتساؤل والدهشة موضحا أنه حتى الدول العربية لا أحد يعلم شيئا عن استثماراتها فى إثيوبيا وفيها مشروعات زراعية تعتمد على المياه.
وأكد أن هناك أشياء كثيرة غامضة تجاه سد النهضة وهناك مواقف مريبة معتبرا إن هذه المواقف الغامضة دولياً وإقليمياً جاءت نتيجة الإهمال من جانب نظام السيسي . 

الموقف الأمريكيوطالب الدكتور عبد الله الأشعل، استاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، نظام الانقلاب بأن يفهم أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على إعادة تحالفات ورسم خرائط سياسية، والعمود الفقري في هذا التغيير هو الصراع الأمريكي الإسرائيلي الإيراني، مشيرا إلى أن الخلافات بين كل من السعودية والإمارات والبحرين وبين إيران خلافات تبعية ستنتهي بانتهاء الخلاف بين إيران وكل من أمريكا وإسرائيل .

وقال الأشعل فى تصريحات صحفية ان اثيوبيا فى قضية سد النهضة نجحت فى تحييد أمريكا وأوروبا بل وحصلت على دعم دول عربية بالإضافة الى اسرائيل مشيرا الى ان نظام السيسي لن ينجح فى مواجهتها إلا بالقوة العسكرية من أجل الحفاظ على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل .
ولفت الى ان  الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تقود التغيير الذي يحدث في المنطقة، ولن تتم أي مصالحة في المنطقة بين دولتين دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة مشيرا إلى أن المصالح هي سبب التقارب الأخير بين مصر وتركيا .
وأضاف أن المنطقة العربية يتنافس عليها 3 مشروعات، الإيراني والتركي والإسرائيلي، مشيرا إلى أن العرب يستطيعون حرمان المشروعات الثلاثة من اللعب في المنطقة العربية ويصبحوا هم لاعبين اساسيين في المنطقة مع إيران وتركيا وإسرائيل .

خريطة جديدة

واعتبر الأشعل أن ما يحدث في المنطقة ليست مصالحات ولكن إعادة تحالفات وإعادة رسم للخرائط السياسية، مطالبا نظام الانقلاب بإعادة النظر في تحالفاته في المنطقة من أجل أن يكون له مكان في الشرق الأوسط الجديد، وأكد أن لغة المصالح هي التي تحكم وتتحكم في رسم الخريطة الجديدة في الشرق الأوسط.
وأشار الأشعل إلى أن السياسة الدولية تدار من خلال المصالح وليس من خلال أمزجة الحكام ،متوقعا أن تشهد الفترة القادمة إجراء مصالحة بين إسرائيل وتركيا بشرط أن تتخلى إسرائيل عن أوهامها الاستعمارية
وشدد على أنه لا مستقبل لإسرائيل في المنطقة رغم اتفاقيات السلام التي أبرمتها مع بعض الدول العربية، لافتا إلى أن الشعوب العربية هي من تحدد مستقبل إسرائيل في المنطقة وليس الحكام .
ولفت الأشعل الى أن إسرائيل ستبقى سرطان في المنطقة كما قال النقراشي باشا في مجلس الأمن عام 1947 طالما لم تتخلى عن مطامعها وعن قهر العرب بالقوة موضحا أن الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية كما قال الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما هو زوال الحكم الإسلامي في إيران، وإيران تفهم ذلك تماما لذلك هي دائما تهدد بتدمير إسرائيل