خبراء: مبادرة الكونغو كارثية وتسمح لإثيوبيا بفرض أمر واقع على مصر والسودان

- ‎فيتقارير

نشرت صحيفة "المونيتور" تقريرا سلطت خلاله الضوء على الاقتراح الذي قدمته جمهورية الكونغو الديمقراطية، الرئيسة الحالية للاتحاد الإفريقي، كمبادرة جديدة لحل النزاع الدائر بشأن سد النهضة الإثيوبي. وقدم فيليكس تشيسيكيدي، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، مبادرة جديدة في 9 مايو بشأن النزاع حول سد النهضة الإثيوبي خلال جولة شملت مصر والسودان وإثيوبيا، لإحياء المحادثات المتوقفة منذ أكثر من شهر. واجتمع تشيسيكيدي مع مسؤولين من الدول الثلاث في محاولة لاستئناف المفاوضات الملائمة التي امتدت لعقد من الزمن حول السد الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق، وهو الرافد الرئيسي لنهر النيل.
وتحظى المبادرة بدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتشمل اتفاقا أوليا قصير الأجل بشأن مرحلة التعبئة الثانية لخزان السد، وينص على أن تقدم إثيوبيا معلومات عن جداول ملء المياه وحجم تدفقات المياه إلى البلدين اللذين يقعان في المصب. ويقترب موعد التعبئة المستهدف لإثيوبيا من شهرين فقط، ولا يوجد وقت كاف لتسوية جميع المسائل المعلقة.
وقال منصور بولاد، المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية، لـ"المونيتور" إن بلاده تدرس مبادرة الرئيس الكونغولي. وأضاف أن السودان يصر على وضع منهجية جديدة للتفاوض تقوم على الوساطة الدولية. وتدعو حكومة المنقلب السيسي والسودان إلى تشكيل لجنة رباعية دولية للتوسط فى المحادثات التى تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة إلى جانب الكونغو الديمقراطية بصفتها رئيسا للاتحاد الافريقى، وتصر إثيوبيا من جانبها على أن تقتصر الوساطة على الاتحاد الإفريقي.

فشل الهيئة الإفريقية
وقد فشلت جهود الهيئة الإفريقية للتوسط فى التوصل إلى اتفاق لإنهاء المأزق مرارا ولم تدم الجولة الأخيرة من المحادثات التى عقدت فى كينشاسا يومى 4 و 5 أبريل حيث اتهم كل طرف الآخر بعرقلة المحادثات. وفي حين لم تعلق سلطات الانقلاب بعد على خطة تشيسيكيدي، أعربت إثيوبيا عن دعمها لها. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي في مؤتمر صحفي في 8 مايو: "ليس لدينا اعتراض على توقيع اتفاق شامل، لكننا نريد في الوقت الحالي التوصل إلى اتفاق بشأن الملء الثاني لبحيرة السد".
وأضاف المفتي أنه يجب استئناف المحادثات تحت مظلة اتفاق عنتيبي الذي لا تعترف به مصر والسودان وتعتقد إثيوبيا أن مصر والسودان لديهما نصيب الأسد من مياه النيل بموجب اتفاقيات تعود إلى الحقبة الاستعمارية. وتضغط إثيوبيا على مصر والسودان لإدراج الحصص التاريخية للبلدين من مياه النيل فى الموضوعات المطروحة للتفاوض.
وبعد فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات في كينشاسا، رفضت حكومة الانقلاب والسودان اقتراحا إثيوبيا بتبادل البيانات بشأن الملء الثاني للخزان دون التوصل إلى اتفاق مسبق.

المبادرة الجديدة
واعتبر خبراء في المياه أن، المبادرة الجديدة المقترحة، ستسمح لإثيوبيا بفرض أمر واقع على البلدين الواقعين في المصب، مما يهدد سكانهما البالغ عددهم 150 مليون نسمة.
من جانبه أكد المنقلب عبد الفتاح السيسي ورئيس المجلس الحاكم في السودان عبد الفتاح البرهان أنهما ملتزمان باتفاق ملزم قانونا بشأن ملء وتشغيل السد المتنازع عليه.
ووفقا لبيان صادر عن رئاسة الانقلاب في 16 مايو، اجتمع السيسي والبرهان، اللذان يوجدان في باريس لحضور مؤتمر يركز على السودان، لمناقشة السد وقضايا إقليمية أخرى، حيث أكدا على التوافق حول أهمية قضية المياه لكلا البلدين من حيث الأمن القومي.

وعلى هامش المؤتمر نفسه، التقى السيسي والبرهان في 17 مايو مع الرئيس الإثيوبي سهل-وورك زودي لمناقشة هذه المسألة.
وتخطط أديس أبابا لملء خزان سد النهضة في موسم الأمطار المقبل في يوليو وأغسطس ب 13.5 مليار متر مكعب إضافية، بغض النظر عما إذا كان قد تم التوصل إلى اتفاق.
وكانت إثيوبيا قد أعلنت في عام 2020 أنها أنهت من جانب واحد المرحلة الأولى من التعبئة إلى 4.9 مليار متر مكعب، مما أثار غضب مصر والسودان، وتسعى الدولتان فى اتجاه المصب إلى التوصل إلى اتفاق ملزم قانونا حول ملء وتشغيل السد ، بما فى ذلك آلية فعالة وملزمة لتسوية النزاعات المستقبلية ومع ذلك، تريد إثيوبيا التوصل إلى اتفاق يتضمن مبادئ توجيهية غير ملزمة. وتتعلق القضايا الفنية العالقة بشكل رئيسي بتشغيل السد خلال سنوات الجفاف، عندما تنخفض كمية المياه التي تطلقها إثيوبيا إلى مصر والسودان.

مبادرة كارثية
ووصف أحمد المفتي، العضو السابق في وفد السودان إلى مفاوضات سد النهضة، المبادرة الكونغولية بأنها كارثية ودعا السودان ومصر إلى رفضها. وقال المفتي ل "المونيتور" إن الحجة القائلة بأن الوقت ينفد باطلة. بدورها أشادت أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، في حديث ل"المونيتور"، برفض دول المصب المستمر لأي اتفاق جزئي وإصرارها على التوصل إلى اتفاق شامل وملزم رغم الضغوط الدولية.
وقالت إن "إثيوبيا تمكنت من تعزيز رؤيتها حول السد داخل مراكز الأبحاث الأمريكية بفضل الدعم والمساعدة من إسرائيل، التي لديها مصلحة إستراتيجية للحد من قدرات مصر في المنطقة، وستكون مياه النيل واحدة من أبرز الأدوات في هذا الصدد".

دعم أمريكي
وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى القرن الإفريقي جيفري فيلتمان يقوم بجولة إفريقية بين الرابع و13 مايو، وهي الأولى له منذ تعيينه في أبريل الماضي، وعقد فيلتمان اجتماعات مع مسؤولين من الحكومات الثلاث مع تزايد المخاوف من تصعيد عسكري قد يشعل المنطقة المضطربة بالفعل. ويحمل السيسي إثيوبيا مسؤولية الفشل في التوصل إلى اتفاق، وخلال اجتماعه مع فيلتمان يوم 5 مايو، قال إن قضية السد قضية وجودية لبلاده التى لن تقبل أن تتضرر حصصها المائية أو تعرض مصالح الشعب للأذى أو المساس بها. ودعا المجتمع الدولى إلى تحمل مسؤولية حل الأزمة، وقال إن الولايات المتحدة لها دور حيوى تلعبه فى هذا السياق.
وبعد جولة فيلتمان الأفريقية حثت الولايات المتحدة يوم 14 مايو على استئناف المفاوضات بوساطة الاتحاد الافريقى بين مصر وإثيوبيا والسودان.
وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية فى بيان صحفى أن "مخاوف مصر والسودان بشأن الأمن المائى وسلامة وتشغيل السد يمكن التوفيق بينها وبين احتياجات التنمية الإثيوبية من خلال مفاوضات جوهرية وموجهة نحو تحقيق النتائج بين الأطراف تحت قيادة الاتحاد الافريقى والتى يجب استئنافها على وجه السرعة". وجاء في البيان أن "الولايات المتحدة ملتزمة بتقديم دعم سياسي وتقني لتسهيل التوصل إلى نتيجة ناجحة".
وأضافت الطويل أن الولايات المتحدة لا تولي قضية سد النهضة الاهتمام الذي تستحقه، مشيرة إلى أن التركيز الأساسي ل "فيلتمان" لم يكن قضية "سد النهضة"، مضيفة أن فيلتمان لديه شاغلان رئيسيان آخران، هما الصراع في منطقة تيجراي الإثيوبية والتوترات بين السودان وإثيوبيا حول المنطقة الحدودية المتنازع عليها. ودعا المفتي، العضو السابق في الوفد السوداني، دول المصب إلى تقديم اقتراح مضاد لاستئناف المفاوضات، داعيا إثيوبيا إلى تأجيل ملء المرحلة الثانية إلى حين الانتهاء من المفاوضات التي تشمل أيضا تعويض أديس أبابا في حال تكبدها أي خسائر مادية.
https://www.al-monitor.com/originals/2021/05/congo-proposes-new-initiative-break-nile-dam-deadlock