اقتصاد فاشل وشعب مُنهك وأولويات غائبة..كيف كان نتاج 8 سنوات عجاف فى دولة الانقلاب؟

- ‎فيتقارير

يواجه الاقتصاد المصري تحديات كبيرة دفعت بالمنقلب السيسي إلى اقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي فقط دون باقي مصادر التمويل، ورغم ذلك انتشر الركود الاقتصادي وارتفعت معدلات البطالة والتضخم لأعلى مستوى لها منذ سنوات طويلة، ولم يستفد من تلك الأموال التي ذهبت إلى رجال الجيش ومشاريعه الفاشلة.
وبمرور  8 سنوات على انقلاب عسكر مصر على أول رئيس مدني منتخب، تفاقمت نسب الفقر والجوع ونقص الرعاية الصحية والتعليمية، مع تضخم الأسعار، وانهيار سعر العملة، وانهيار مستويات دخول الأفراد، بجانب اعتقال أكثر من 60 ألف مواطن لاعتبارات سياسية فقط، وتشريد وتهجير مئات الآلاف داخل مصر وخارجها.
وعلى مستوى الحكم، تم تأميم كل المؤسسات ومختلف القطاعات لصالح العسكر، في إطار خطط ممنهجة لعسكرة الدولة، والسيطرة على كل أركان منظومة الحكم، والتعامل معها من منطلق أنها أدوات للحكم العسكري، وأذرع لفرض السيطرة والهيمنة والاستبداد والتسلط، ونشر الخوف والرعب في نفوس المواطنين.
وعلى مستوى السيادة، يبرز الانتهاك شبه الدوري للقوات والأجهزة الأمنية والعسكرية الصهيونية لشبه جزيرة سيناء تحت مظلة التنسيق الأمني والعسكري مع أجهزة النظام العسكري، كما يبرز هذا التفريط في الثروات الطبيعية مثل مياه النيل، ورهنها لصالح أطراف إقليمية ودولية، وإعادة ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط لصالح قبرص واليونان والكيان الصهيوني، وكذلك هذا الانهيار في مكانة مصر ودورها الإقليمي بحيث أصبحت تابعة في توجهاتها لأطراف أقل منها مكانة وقدرة، وتحول النظام إلى أداة وظيفية لصالح داعميه الإقليميين والدوليين، سواء الكيان الصهيوني أو النظام الحاكم في الرياض أو النظام الحاكم في أبو ظبي.

اقتصاد مصر الفاشل
تقول وكالة بلومبيرج إن: "أخطر الملفات كان الاقتصاد؛ إذ يواجه الاقتصاد المصري تحديات كبيرة دفعت بالسيسي إلى اقتراض أموال تصل إلى 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي".
ويرجع الركود الذي يشهده الاقتصاد المصري إلى انهيار القطاع السياحي منذ بداية الربيع العربي، وخاصة بعد إسقاط طائرة سياحية روسية في سيناء في العام الماضي، وكذلك إلى حادثة تحطم طائرة رحلة مصر للطيران في ظروف غامضة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، قبل نحو 5 سنوات.
ومما زاد الأمور سوءا أن البلاد تواجه نقصا خطيرا في النقد الأجنبي، وقد حاولت حكومة الانقلاب منذ 8 سنوات تدارك هذا النقص الحاد في العملة الأجنبية لكن فشلت كل الآليات المتبعة في تحقيق هذا الهدف.
وفشلت حكومة السيسي أيضا في تحقيق الإصلاح الاقتصادي؛ حيث سرعان ما توقفت كل الخطط التي وعدت باتخاذها، مثل التخفيضات على الوقود، الإعانات الزراعية، زيادة الضرائب وبرنامج للقضاء على الأنظمة البيروقراطية، ويطالب صندوق النقد الدولي حاليا، المنقلب السيسي بخفض قيمة الجنيه المصري وفرض ضريبة على القيمة المضافة.

تحت خط الفقر
ويمكن القول إن قرابة ربع سكان مصر، التي يبلغ عدد سكانها الإجمالي 102 مليون نسمة، يعاني من الفقر وحوالي نفس هذه النسبة تعاني من الجهل، فضلا عن نفاذ مخزون مصر للمياه خلال عقد من الزمن وذلك بفضل النمو السكاني السريع، والممارسات الزراعية المسرفة والاستغلال السيئ للموارد المائية، كما تعاني مصر من نظام تعليمي مُتردٍ، حيث اعترف السيسي في سنة 2014 أن بلاده بحاجة إلى 30 ألف معلم جديد، ولكن لم يتم تخصيص الأموال اللازمة لانتدابهم، وذلك على الرغم من أن 40 بالمائة من السكان تبلغ أعمارهم ما بين 10 و20 سنة.

حرمان المهمشين
أما في العنصر البشري فحدث ولا حرج، وفقا لتقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، فإن حكومة الانقلاب بمصر فشلت في منح الأولوية للسكان الأكثر للإصابة بكورونا في تلقي اللقاح، ومنهم السجناء واللاجئون والمهاجرون والذين يعيشون في العشوائيات.
يقول فيليب لوثر مدير أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "وقع الفساد في عملية طرح اللقاح في مصر بسبب افتقار السلطات لإستراتيجية واضحة وللشفافية، ما تسبب في العديد من التراكمات والتأجيلات، بالإضافة إلى الفشل في الوصول لمن هم في أمس الحاجة إليه، أو التعامل مع المترددين في تناول اللقاح من خلال حملات وعي مستهدفة".

طرح معيب بشدة
وصفت "منظمة العفو الدولية" طرح وتوزيع اللقاح في مصر، والذي أعُلن عنه يوم 24 من يناير الماضى، بأنه" معيب بشدة، فرغم أن التسجيل الإلكتروني كان مخصصا أولا للعاملين في مجال الصحة وكبار السن وأصحاب الحالات المرضية، فإن الأفراد من تلك الفئات ذات الأولوية اضطروا للانتظار وقت طويل كما لم يتمكن بعضهم من الحصول على موعد".

حرمان السجناء السياسيين من اللقاح
في شهر مايو الماضي كذلك، أعلن المسؤولون بحكومة الانقلاب عن حملة تطعيم داخل السجون تبدأ بنحو 5000 مسجون من كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، ومع ذلك فلم يتمكن المسجونون السياسيون في 9 سجون بمصر من الحصول على اللقاح وفقا لتصريحات أقاربهم والمحامين.
ورفعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية "EIPR" الشهر الماضي دعوة قضائية ضد وزارة الصحة بسبب فشلها في تطعيم المعتقلين السياسيين، يقول لوثر: "الحصول على الرعاية الصحية حق إنساني، يجب أن يحصل جميع المعتقلين على لقاح كورونا. 

العمال الأساسيون في خطر
في 3 من يونيو الماضي، أعلنت سلطات الانقلاب أن" مليون عامل في مجال السياحة حصلوا على اللقاح كجزء من حملة الحكومة لوضع مراكز تطعيم في الفنادق عبر المراكز السياحية، ومع ذلك فمثل هذه الحملات لم تعلن بعد عن استهداف العمال الأساسيين المعرضين لخطر كبير بمن فيهم العاملون في صناعة النقل والصناعات الغذائية".
في نفس الشهر ،أعلنت نقابة الأطباء وفاة 500 طبيب على الأقل جراء الإصابة بفيروس كورونا منذ بداية الجائحة في 2020".
كان الأمين العام للنقابة أسامة عبد الحي اشتكى يوم 20 إبريل من "بطء وتيرة تطعيم العاملين في مجال الصحة وحذر من العواقب الخطيرة لذلك، سجلت مصر بشكل إجمالي 281031 حالة إصابة حتى الآن و16148 حالة وفاة على الأقل".
يقول الخبراء إن: "الأرقام الرسمية لحالات فيروس كورونا تعكس فقط جزءا بسيطا من عدد الحالات الحقيقية، فاختبار تفاعل البوليمراز المتسلسل "PCR" منخفض نسبيا في مصر، أما الاختبارات الخاصة فلا تدخل ضمن الإحصاءات الحكومية".
أما أرقام الوفيات الحقيقة نتيجة الفيروس فهي أعلى بكثير من الأرقام الرئيسية، فالعديد من ضحايا الفيروس ماتوا في منازلهم وبعض الحالات لم تُسجل أساسا كوفاة نتيجة فيروس كورونا.