أوجاع الأطباء بين وباءين: كورونا وبطش السيسي

- ‎فيأخبار

كبقية فئات الشعب المصري، يعيش آلاف الأطباء المصريين أوجاعا مأساوية، وسط غلاء فاحش وضرائب متصاعدة وبينهما القتل بفيروس كورونا، الذين يعدون حائط الصد الأول أمامه، في ظل أجواء وظروف غير مواتية من تدني مستوى الخدمات والتجهيزات الطبية بالمستشفيات.

وأمام ذلك، يستمر بطش السيسي ونظامه العسكري في رفض تحقيق مطالب الأطباء، سواء بتوفير بدلات عدوى مناسبة للمخاطر التي يتحملونها، أو معاملة أسر شهدائهم  الذين قتلوا بالعدوى في الصفوف الأولى دفاعا عن الشعب المصري، كضحايا الجيش والشرطة الذين يقتلون في سبيل النظام وحمايته وتكريس وجوده وبقائه.

وفي هذا السياق، دعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى معاملة الأطباء الراحلين بكورونا معاملة ضحايا الجيش والشرطة، والذي يتحاوز عددهم ٦٠٠ طبيب أثناء تأدية واجبهم. وأصدرت "المبادرة" ورقة سياسات بعنوان (قبل كورونا وبعده.. محنة الأطباء المصريين)، والتي تستعرض المشكلات التي يواجهها الأطباء بشكل خاص والفرق الطبية عموما في مصر، وتقدم توصيات لتحسين أوضاع الأطباء بما يساعد على الحفاظ على مقدمي الخدمة الطبية داخل البلاد، وزيادة أعدادهم، في ظروف تضمن لهم حقوقهم وتضمن للمصريين التمتع بالحق في الصحة.

وتابعت المبادرة: “تصدر هذه الورقة بعد مرور ما يزيد على عام من بداية جائحة كورونا، التي وضعت الأطباء والفرق الصحية على خط المواجهة، وفقدت مصر خلالها ما يقرب من ٦٠٠ من أطبائها أثناء تأدية واجبهم، في الوقت الذي تراجع فيه عدد الأطباء العاملين المتواجدين في البلاد عما يحتاج إليه القطاع الصحي نتيجة ظروف عملهم غير الملائمة"..

وكانت أوضاع وظروف عمل الأطباء في حاجة إلى تدخلات جذرية منذ زمن، وطُرحت الدعوة إلى تدخل منهجي وتشاركي لتطوير المنظومة الصحية كثيرا، وفي ظل الأزمة الحالية اتضحت آثار تأخر تلك المناقشات والتدخلات، في الوقت الذي تتخذ فيه مصر خطواتها الأولى نحو تطبيق تأمين صحي شامل، وتتعرض كذلك لوباء عالمي خطير.

وحذرت الورقة من الصعوبات التي تواجه العاملين في قطاع الصحة المصري، والتى تجعل الاحتفاظ بهم داخل البلاد مسألة صعبة. وتمثل جائحة كوفيد-19 فرصة لإعادة التفكير في النظام الصحي ، وهو ما يتطلب صورة أوضح عن الأطباء. فلماذا توجد حاجة إلى مزيد من الأطباء في مصر رغم تزايد أعداد الخريجين كل عام ؟ ماذا يخبرنا هذا عن البيئة التي يعملون فيها؟ كيف يمكن تحسين ذلك؟ ماذا يقدم نظام التأمين الصحي الجديد؟ وما هي أدوار أصحاب المصلحة الآخرين؟ .

وعقدت المبادرة ندوة رقمية يوم 28 يونيو، بعنوان “قبل كورونا وبعده.. محنة الأطباء المصريين”، لمناقشة القضية، بحضور كل من د. فريدي البياضي عضو مجلس النواب، ود. أسامة عبد الحي الأمين العام لنقابة الأطباء، ود. علاء غنام مدير برنامج الحق في الصحة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

واتفقت الآراء في الندوة على عدد من الخطوات المطلوبة لتحسين أوضاع الأطباء، خاصة في الظروف الضاغطة التي يمر بها القطاع الصحي، وعلى رأسها زيادة مخصصات الصحة في ميزانية الدولة، وتحسين أجور الأطباء التي لا تسمح لهم حاليا بحياة كريمة، وحماية الأطباء والفرق الطبية من العنف، وتوفير نظام محاسبة يحفظ حقوقهم وحقوق المرضى، ومعاملة الأطباء الذين فقدوا أرواحهم أثناء تأدية واجبهم معاملة شهداء الوطن من الجيش والشرطة.

وذكرت المبادرة: يعد عدم القدرة على الإبقاء على الأطباء المصريين داخل البلد قضية حاسمة، وتستلزم معرفة جذور هذه المشكلة تحليلا شاملا للأوضاع في بيئة عمل الأطباء وظروفهم، والتي تمس الأعمدة الأساسية الأخرى للنظام الصحي، مثل: التمويل والحوكمة والقيادة وسهولة الحصول على الأدوية وتقديم الخدمات.

وتابع البيان: أوجه القصور في هذه الأعمدة الأساسية تقلل من حوافز بقاء الأطباء في القطاع العام خصوصا، وفي مصر عمومًا. لذلك فإن المراجعة النقدية لهذه الجوانب المختلفة، من وجهة نظر الأطباء، تكشف عن السياسات اللازمة للاحتفاظ بالجيش الأبيض داخل البلاد.

وتستهدف الورقة بدء حوار بين أصحاب المصلحة من أجل إيجاد مسارات مختلفة لتحسين ظروف الأطباء المصريين، وتشمل مراجعة مكثفة للأدبيات المتاحة ومقابلات مركزة مع مصادر مهمة للمعلومات، ومع الأطباء، الذين هم الموضوع المركزي للورقة.

وكانت دوائر نقابية قدرت أعداد الأطباء المهاجرين من مصر بنحو 225 ألف طبيب ما يعادل نصف قوة الأطباء بمصر، بسبب ضعف الرواتب وتدني ظروف التدريب والتجهيزات الطبية بالمستشفيات ما يعرقل عملهم، بجانب الصعوبات التي تضعها وزارة الصحة في نظم التعيين والتدريب والزمالات الطبية والعديد من الإدارات الطبية.