“فاينانشال تايمز”: السيسي يقمع رجال الأعمال “صفوان ثابت” نموذجا

- ‎فيأخبار

نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" تقريرا سلطت خلاله الضوء على الحملة التي شنها  زعيم عصابة الانقلاب عبدالفتاح السيسي على عدد من رجال الأعمال بهدف الاستحواذ على شركاتهم تحت مزاعم الإرهاب.

وقال التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" إن "حكومة الانقلاب والجيش مارست ضغطا على صفوان ثابت وشركته جهينة للألبان؛ لإجباره على بيع الشركة أو الاستحواذ على حصة فيها".

وبحسب التقرير، يتمتع صفوان ثابت منذ فترة طويلة بسمعة كواحد من أنجح رجال الأعمال في مصر، حيث رعى شركته العائلية الصغيرة لتصبح أبرز منتج لمنتجات الألبان في البلاد على الرغم من أن الدولة  تعرضت لاضطرابات اجتماعية وسياسية على مدى العقد الماضي.

ولكن الآن تخيم سحابة هائلة من عدم اليقين على شركة "جهينة للصناعات الغذائية" حيث يقبع الرجل البالغ من العمر 75 عاما، في سجن طرة سيئ السمعة في القاهرة بعد اعتقاله في ديسمبر بتهمة التمويل والعضوية في منظمة إرهابية.

وأعربت الشركة المُدرجة في القاهرة، والتي تضم مديري صناديق عالمية من بين مستثمريها، عن أملها في أن يقوم سيف الدين ثابت، نجل صفوان والرئيس التنفيذي، بقيادة السفينة لكن في فبراير، احتُجز القائم بأعمال الرئيس ووجهت إليه نفس الجرائم، تاركا قيادة الشركة في طي النسيان.

ومنذ ذلك الحين، اضطر مديرو الشركة إلى أن يشرحوا للبنوك والمستثمرين والعملاء ما يجري في الشركة، التي تملك عائلة ثابت 51 في المائة منها، في حين يشعر موظفو جهينة الذين يبلغ عددهم 4000 موظفا بالقلق إزاء المستقبل. 

وبالنسبة للمحللين، تجسد الملحمة عدم القدرة على التنبؤ التي يواجهها القطاع الخاص في مصر، حيث استخدم نظام عبد الفتاح السيسي الاتهام بالإرهاب لاستهداف النشطاء والأكاديميين والصحفيين وقطاع الأعمال، منذ الانقلاب على جماعة الإخوان المسلمين في عام 2013.

وفي الوقت نفسه، وسع السيسي، وهو قائد سابق للجيش، من نطاق تواجد الجيش في جميع أنحاء الاقتصاد، مما أرعب القطاع الخاص حيث تجد الشركات نفسها مضطرة للتعامل مع أقوى مؤسسة في الدولة.

ضحايا حملة قمعية

وقال فرانسوا كونرادي، كبير الاقتصاديين السياسيين في شركة NKC African Economics، وهي شركة أبحاث تابعة لـ أكسفورد إيكونوميكس "بالنسبة لمستثمري المحافظ الاستثمارية، فإنه يشير إلى عدم اليقين في جميع المجالات، وشركة جهينة هي مخزون رائع، والجميع يحب شراء أسهمها، إنها شركة تدار بشكل جيد، وتلعب دور المستهلك في سوق يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة، كل شيء كان يسير على ما يرام، ثم يحدث شيء من هذا القبيل".

وأضاف أن "ما حدث يلقي بظلال من الشك على جاذبية سوق الأسهم المصرية ناهيك عن الذهاب إلى مصر كمستثمر في الحقول الجديدة ومحاولة إعداد شيء ما".

ويعتقد أصدقاء عائلة ثابت أن الأب والابن كانا ضحية حملة استهدفت في البداية أعضاء ومؤيدي الحركة الإسلامية التي تولت السلطة لفترة وجيزة في الانتخابات التي تلت الانتفاضة الشعبية في عام 2011، ولكنها تحولت منذ ذلك الحين إلى حملة واسعة ضد جميع أشكال النقد أو المعارضة.

وهم يعترفون بأن والد صفوان ثابت وجده كانا من كبار أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، لكنهما يصران على أن رجل الأعمال لا تربطه أي علاقات بالجماعة ولا مصالح له في أي نشاط سياسي. ثابت ونجله لم يحاكما بعد ولم ترد حكومة الانقلاب على طلبات التعليق.

مصادرة أموال الشركة

وقال صديقان للعائلة لصحيفة فاينانشال تايمز إنه "قبل أيام من اعتقال سيف حذره رجال الأمن من أنه يواجه مصير والده ما لم يتنازل عن الشركة بأكملها، ورد سيف بأنه ليس حرا في التوقيع نيابة عن العائلة أو مستثمرين آخرين، وبعد 48 ساعة كان خلف القضبان، على قولهم.

وهم يعتقدون أن "مفاوضات تجري بين الأجهزة الأمنية وعائلة ثابت المحتجزين  ويعني ذلك أن حكومة السيسي تسعى إلى مصادرة الأعمال مقابل الإفراج عنهم".

وأضافا "نظريا، يمكن للشركة البقاء على قيد الحياة، ولكن إذا قررت الحكومة أن هذه الشركة لا ينبغي أن تعمل، فإن لديها كل الأدوات اللازمة لوقفها"، وأشارا إلى أنه "يجب أن يكون هناك نوع من التسوية أو الاتفاق، أي نوع من الصفقات هو، الأمر متروك للرجال في الداخل".

وبعد استيلاء السيسي على السلطة، صنفت حكومته جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية وصادرت أصول مئات الشركات التي يزعم أنها مرتبطة بالحركة، كما أغلقت المنظمات غير الحكومية والمستشفيات والمدارس المرتبطة بالجماعة وقد سُجن عشرات الآلاف من مؤيدي الإخوان وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين.

ترهيب عمال الشركة

بدأت متاعب صفوان ثابت في عام 2015، عندما تم تجميد أصوله الشخصية بسبب صلاته المزعومة بجماعة الإخوان المسلمين؛ لكنه استمر كرئيس لـ (جهينة)، وقبل ذلك بثلاثة أشهر، كان قد أبرم مشروعا مشتركا مع شركة آرلا فودز، أكبر منتج لمنتجات الألبان في الدول الإسكندنافية، وفي الوقت الذي جُمدت فيه أصوله تقريبا، زادت شركة أبردين لإدارة الأصول، وهي واحدة من أكبر مديري الصناديق في المملكة المتحدة، حيازتها في الشركة إلى 5 في المائة.

وتولى سيف منصب الرئيس التنفيذي في عام 2016 وعين نائبا للرئيس، وكان كل من ثابت ونجله أعضاء في مجالس إدارة جمعيات الأعمال، بما في ذلك اتحاد الصناعات المصرية وغرفة الصناعات الغذائية.

وعلى الرغم من تجميد الأصول قبل أكثر من خمس سنوات، إلا أن اعتقال صفوان لا يزال يصدم المقربين منه، وقال صديق للعائلة  "ليس من المنطقي أن يكون لدى الحكومة والاستخبارات شخص يزعم أنه يقود ويمول جماعة إرهابية، وأنت تتركه فقط على مدى السنوات الست الماضية للقيام بأعمال تجارية، ومقابلة الرئيس، ومقابلة مسؤولين رفيعي المستوى، والاستثمار في البلاد".

بعد احتجازه، أوقفت الشرطة شاحنات جهينة، وسحبت تراخيص المركبات وهددت السائقين بالقول لهم "إذا كنت تقود سيارة جهينة، فسوف توضع في السجن"، على حد قول مقربين من عائلة ثابت.

فرض السيطرة

ومنذ ذلك الحين، انخفضت القيمة السوقية لجهينة، التي بلغت 13 مليار جنيه إسترليني (828 مليون دولار أمريكي) في عام 2019، إلى 330 مليون دولار بانخفاض نسبته 60 في المائة، وفقدت سوق الأسهم المصرية، التي كان أداؤها ضعيفا أمام نظيراتها في الأسواق الناشئة، نحو 30 في المائة من قيمتها خلال الفترة نفسها.

وقد باع بعض المستثمرين الأجانب أسهمهم، ولم تعد "أبردين ستاندرد إنتمنتس"، كما أعيدت تسميتها منذ ذلك الحين بعد اندماجها مع "ستاندرد لايف"، تحمل "جهينة"، في حين قالت "آرلا فودز" إنها قررت العام الماضي "تقليص تعاونها" مع الشركة المصرية "بسبب ظروف السوق الصعبة"، غير أن صندوق النفط النرويجي كان لا يزال يملك 4 في المائة في نهاية العام الماضي.

وقال مدير صندوق دولي إن "مصر سوق ذات فرص نمو كبيرة وشركات تدار بشكل استثنائي"؛ لكنهم أضافوا أنه  في الوقت نفسه ارتفعت المخاوف المتعلقة بالحوكمة بشكل جوهري في السنوات الأخيرة وحيث أدى تضاؤل السيولة في البورصة إلى جعل الاستثمار احتمالا أكثر خطورة من الناحية المادية".

وقال مصرفي آخر " كان هناك الكثير من الأمل في مصر بعد أن دفعت الحكومة بإصلاحات اقتصادية مؤلمة في عام 2016 للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، ولكن الآن، "هناك الكثير من خيبة الأمل من المستثمرين".

وأضاف "في نهاية المطاف، النظام لا يريدون التخلي عن السيطرة، لذلك فهم غير مرتاحين لخلق الظروف التي يمكن أن يزدهر فيها القطاع الخاص".

 

https://www.ft.com/content/40d3c573-54df-43fe-b9f7-19be04a3e1f4