كما كان توقيع السيسي اتفاق سد النهضة في مارس 2015 مع إثيوبيا والسودان ثمنا لعودة عضوية مصر بالاتحاد الإفريقي بعدما عُلقت في أعقاب الانقلاب العسكري في 2013، لمخالفة الانقلابات العسكرية مواثيق ومبادئ الاتحاد. تقف إسرائيل في نفس الموقف قابضة ثمن دعمها لإثيوبيا في ملف سد النهضة وتأمينه وتقديم منظومات الحماية الصاروخية والأمنية للسد، بجانب دعم إفريقيا في توجهاتها الانفصالية عن العرب في إفريقيا. وبعد 19 عاما من العزلة والسعي تمكنت إسرائيل من العودة مرة أخرى إلى الاتحاد الإفريقي كعضو مراقب، بحسب بيان أعلنته وزارة الخارجية الإسرائيلية، الخميس.
صفة مراقب هي امتياز تمنحه بعض المنظمات لغير أعضائها لمنحهم القدرة على المشاركة في أنشطتها، وغالبا ما تُمنح صفة المراقب من قبل المنظمات الحكومية الدولية للأطراف غير الأعضاء والمنظمات الدولية غير الحكومية التي لها مصلحة في أنشطة المنظمات الحكومية الدولية.
ويتمتع المراقبون عموما بقدرة محدودة على المشاركة في المنظمات الحكومية الدولية، حيث يفتقرون إلى القدرة على التصويت أو اقتراح القرارات.
أوراق اعتماد صهيونية
وقالت الخارجية الإسرائيلية في بيان «لأول مرة منذ عام 2002، قدم سفير إسرائيل لدى إثيوبيا أدماسو إلالي، أوراق اعتماده عضوا مراقبا لدى الاتحاد الإفريقي»، دون أن توضح خلفيات الخطوة.
وأشارت إلى أن «الاتحاد الإفريقي هو أكبر وأهم منظمة في القارة السمراء ويضم 55 دولة».
وفكرة انضمام إسرائيل إلى الاتحاد الإفريقي كمراقب ليست وليدة اللحظة؛ بل سبق وطرحت في أيام منظمة الوحدة الإفريقية، وكانت تل أبيب تسعى حينها لتكون عضوا دائما بالاتحاد وليس مراقبا.
ويعبر الانضمام عن أن إسرائيل استطاعت في الفترة الأخيرة تحسين علاقاتها بالدول الإفريقية بعد فترة جفاء، وكانت البداية بتشاد وأوغندا، وبدأ التحسن والتوسع مع باقي دول القارة وعلى عكس العرب المأزومين بعلاقتهم مع الأفارقة، يأتي حجم الزيارات المتعددة ورفيعة المستوى من قادة إسرائيل إلى دول القارة الإفريقية منهم، بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء السابق، مسؤولون بالمخابرات الإسرائيلية، إضافة إلى بعض رؤساء إدارات الشركات، ورجال المال والأعمال، في العامين الماضيين، كان يشير إلى تطور كبير وخطير في العلاقات بين إسرائيل والدول الأفريقية وخاصة منطقة حوض النيل وما يجاورها.
ويمثل دخول إسرائيل إلى الاتحاد الإفريقي مرة أخرى بصفة مراقب خطرا داهما على مصر والعرب، حيث سيترتب عليه أمران، أولهما، تدخلها في كل التفاصيل المتعلقة بالاتحاد الإفريقي، خاصة وأن العلاقات الإسرائيلية الإفريقية جيدة.
أما الأمر الثاني: فإن إسرائيل تسجل حضورها في الساحة الأفريقية بصفة كاملة وصورة رسمية، وهذا مدعاة للخطر؛ لأن هناك قضايا إفريقية خاصة بالشأن الأفريقي إسرائيل لا علاقة لها بها.
ويكمن الخطر الأكبر في اشتراك إسرائيل في الترتيبات الأمنية في أفريقيا، خاصة فيما يتعلق بسد النهضة الأثيوبي، خاصة في ظل هيمنة إثيوبيا على الاتحاد الإفريقي وعلاقتها القوية بتل أبيب.
وهو ما تتأكد معه حقيقة أن وجود إسرائيل في الاتحاد الإفريقي يمثل خطورة لا نقاش فيها، ويمثل تحديا للدول العربية وليس مصر فقط؛ بل إن توقيت دخول إسرائيل الاتحاد الأفريقي يثير علامات استفهام ليس في قضية الأمن المائي ولكن في مجمل القضايا الإفريقية العربية.
مشروعات خطيرة
سبق وطرحت تل أبيب مشروعات خطيرة لإعادة بلورة الاتحاد الإفريقي وتحديد مهامه وصلاحياته، وكان لها رؤية. وفي هذا السياق قال موقع «تايمز أوف إسرائيل» الإخباري، الخميس: «حتى عام 2002، كانت إسرائيل عضوا مراقبا في منظمة الوحدة الإفريقية حتى جرى حلها واستبدالها بالاتحاد الإفريقي».
وقال وزير الخارجية يائير لابيد، معلقا على الخطوة «هذا يوم احتفال بالعلاقات الإسرائيلية الإفريقية».
وأضاف في البيان الصادر عن وزارة الخارجية «هذا الإنجاز يصحح الحالة الشاذة التي كانت موجودة منذ قرابة عقدين، وهو جزء مهم من تعزيز نسيج العلاقات الخارجية لإسرائيل».
وتابع لابيد «هذا الإنجاز سيساعدنا على تعزيز أنشطتنا في القارة الإفريقية، ومع الدول الأعضاء في الاتحاد».
يذكر أن العلاقات بين إفريقيا وإسرائيل توترت منذ ستينيات القرن الماضي على خلفية اندلاع حركات التحرر الوطني في القارة السمراء وتصاعد الصراع العربي الإسرائيلي.
وفي وقت لاحق، دفعت الحروب الإسرائيلية مع الدول العربية عامي 1967 و1973، إلى قطع الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى علاقاتها مع إسرائيل، قبل أن تبذل تل أبيب على مدار السنوات التالية مساعي كبيرة لتحسين العلاقات مع العديد من دول القارة.
وحسب بيان الخارجية، «تتمتع إسرائيل بعلاقات مع 46 دولة في إفريقيا، ولديها شراكات واسعة النطاق وتعاون مشترك في العديد من المجالات المختلفة بما في ذلك التجارة والمساعدات».
وأضاف «في السنوات الأخيرة، جددت إسرائيل علاقاتها الدبلوماسية مع تشاد وغينيا، كما أعلن السودان، بعد انضمامه إلى اتفاقات إبراهام، تطبيع العلاقات مع إسرائيل».
وتابع «بعد الحصول رسميا على صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي، ستكون الأطراف قادرة على التعاون، من بين أمور أخرى، في مكافحة كورونا ومنع انتشار الإرهاب المتطرف في جميع أنحاء القارة».
ويبقى الأخطر في الأمر غياب الإستراتيجية المصرية والعربية في حماية مصالحهم وعلاقتاهم الاقليمية في إفريقيا الامتداد الطبيعي والأول للعرب ومصر، ما يجعل الخلفية العربية والمصرية في قبضة الاسرائيليين.