شؤم السيسي وتصفية صيدليات 19011

- ‎فيأخبار

منذ ظهورها المفاجئ وسيطرتها الواسعة على سوق الأدوية، وتداول معلومات حول ملكية محمود السيسي لسلسلة صيدليات 19011، وتلاعب الإعلامي عمرو أديب بالجماهير بإعلانه استضافة نجل السيسي في حوار إعلامي، ثم بدا أن الذي يستضيفه عمرو أديب هو صيدلي يدعى محمود السيسي، وتحدثت تقارير عن ملكية جهات سيادية لتلك السلسلة بغرض التحكم في سوق الدواء المربح في مصر، خاصة بعد إنشاء هيئة الشراء الموحد المتحكمة في استيراد وشراء الأدوية من الخارج ومن الدخل، وإمداد المستشفيات والصيدليات بما تحتاجه. وجاء الربط بين الصيدليات الصاعدة بقوة وتاريخ ميلاد السيسي 19/11.

وعلى أية حال سواء أكان مشروع السلسلة المخالف بالأساس لقوانين الصحة والصيدلة بمصر، تابعا للسيسي وابنه أو لجهة سيادية، يبدو أن المشروع كما صعد بقوة الصاروخ يعود أدراجه للهاوية بسرعة فائقة أيضا.

فبدأت الشركة المتحدة للصيادلة من خلال صيدليات كير التابعة لها، في اتخاذ خطوات جادة للاستحواذ على نسبة من سلسلة صيدليات 19011، التي حاصرتها ديون بمليارات الجنيهات، وذلك رغم نفي «المتحدة»، في يناير الماضي ما أثير بشأن صفقة الاستحواذ.

صفقة الاستحواذ

وتؤكد مصادر طبية لوسائل إعلام محلية أن "صفقة الاستحواذ الرسمية في طريقها للتنفيذ، بعدما شكّلت «المتحدة» لجنة تنفيذية لجرد الأصول والمديونيات والبضاعة المتوفرة في المخازن والصيدليات حاليا، ولإعادة الهيكلة، وهو ما تسبب في فصل المئات من موظفي الأمن وأقسام التجميل، وخفض أعداد عمال الدليفري، فيما قال عاملون في صيدليات 19011 إن "اللجنة اكتفت بوجود ثلاثة موظفين بأقصى حد في الفروع الكبيرة".

كما أن مُلاك الشركة المتحدة وصيدليات كير بدأوا في ضخ سيولة نقدية كديون على «19011»، من أجل سداد المتأخرات من إيجارات ومرتبات للعاملين، كما اتفقوا مع ملاك الصيدليات على مهلة لدفع الإيجارات مدتها ثلاثة أشهر بدأت في مايو الماضي، أما نسبة الاستحواذ التي لم تحددها «المتحدة» بعد، فتتوقف على تقييم الشركة الذي تنفذه شركتان مستقلتان خلال الوقت الحالي.

سلسلة صيدليات 19011 التي أسسها سبعة صيادلة في 2017، بدأت عملها بعشر صيدليات فقط، تضاعف عددهم في أشهر قليلة، وانتشرت إعلاناتهم في كل مكان، قبل أن ينهاروا في وقت قصير، بعد أشهر قليلة من صفقة استحواذ على سلسلة صيدليات رشدي عام 2020، حين ظهر نقص حاد في توفير الأدوية بالصيدليات، فضلا عن تأخر لصرف مستحقات العاملين، وتدريجيا تكشف امتناع شركات الدواء عن توريد بضائع لهم، ولاحقهم الدائنون بعد تراكم ديون بمليارات الجنيهات لشركات الأدوية ومخازنها، وحتى للبنوك، ووصلت الأزمة ذروتها بعدما حجزت شركة ابن سيناء للأدوية على مقرهم الإداري.

وظهر الانهيار إلى العلن بعد إخفائه لأشهر بعدما تظاهر جموع من الموظفين احتجاجا على تأخر صرف مرتباتهم، وفصلهم تعسفيا.

بعض هؤلاء الموظفين السابقين، نجحوا بعد أكثر من عام في انتزاع حقوقهم بعد فصلهم تعسفيا، دون حصولهم على مستحقاتهم المادية، وتمكنوا من الحصول على حكم نهائي، بالحجز على منقولات بمقر إدارة «19011»، لحين سداد مستحقاتهم، بعد أكثر من عام.

مأساة الموظفين

وبحسب محمد محي، موظف سابق بمخازن صيدليات رشدي والتي انتقلت لإدارة «19011» بعد صفقة الاستحواذ، فإن "الإدارة الجديدة أخرت رواتب العاملين لمدة  تزيد على ثلاثة أشهر، وهو ما دفعه واثنان من زملائه لتقديم شكوى إلى مكتب العمل، في أغسطس 2020، ومع إصرارهم على عدم التنازل عن الشكوى فصلتهم الإدارة تعسفيا، ما دفعهم إلى اللجوء إلى القضاء، الذي حكم لهم بإلزام «19011» بتعويض كل موظف من الثلاثة بمبلغ 35 ألف جنيه، في يناير الماضي، وهو ما رفضت الشركة تنفيذه، فقررت المحكمة الحجز على بعض أثاث الشركة، وحددت تاريخ الخامس من أكتوبر المقبل، لسداد الشركة المبالغ المطلوبة أو إعلان مزاد لبيع هذه المنقولات لصالح الموظفين الثلاثة.

وتتواصل الأحكام الصادرة ضد سلسلة 19011، والتي يبدو أنه جرى التخلي عنها من قبل جهات ما  كانت تدعمها ، وتمثل سلسلة 19011، مثالا صارخا على انهيار الاستثمارات في مصر، إثر تحكم العسكر في مفاصل الاقتصاد المصري، حيث باتت سلطات الجيش المتحكم الأبرز في أسواق السلع الإستراتيجية في مصر، سواء الأدوية أو ألبان الأطفال أو الغذاء، وهو ما يجعل العسكر المانح الأكبر في السوق وأيضا المانح الأبرز، ما يجعل مجمل الاقتصاد المصري في يد طغمة ضيقة يتحكم بها النظام الانقلابي للاستيلاء على خيرات المصريين.