دراسة: الجزائر تقود التمرد على بيت الطاعة الخليجي

- ‎فيتقارير

 

قالت ورقة لموقع (الشارع السياسي Political Street) بعنوان “القمة العربية بالجزائر، السياقات والتوافقات والتحديات” إن “حالة الغياب عن قمة الجزائر كغت عليها الصبغة الخليجية، وكأن المراد من هذا الغياب معاقبة الجزائر على خياراتها، وأحد أهم هذه الخيارات المطالبة بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية تحديدا، علما بأن حالة الغياب تصبح غير مبررة في وقت تقيم الإمارات مثلا علاقات مباشرة مع سوريا”.

وأضافت أن “الحقيقة الأخرى المرتبطة بالموقف الخليجي من الغياب عن قمة الجزائر، هو أن الدول الخليجية خلال السنوات القليلة الماضية سعت إلى تحقيق مخطط لإدخال من سمتهم بالدول العربية المتمردة إلى الطاعة الخليجية، وبالتالي من الواضح أن كل المواقف باتت تؤخذ في هذا الإطار، وللهدف ذاته، إذ تعد الجزائر من هذه الدول من وجهة النظر الخليجية، وتعززت هذه الصورة أكثر بعد رفض الجزائر الواضح التطبيع الخليجي مع “إسرائيل”.
 

السبب الثالث الذي طرحته الورقة يتعلق بانزعاج دول الخليج من التقارب الجزائري الإيراني، والتمكين لحزب الله في المنطقة وتوظيفه لخدمات عسكرية إقليمية (تدريب جبهة البوليساريو) كما أن دول الخليج تقف على نقيض موقف الجزائر الداعم لجبهة البوليساريو.

وتعلق السبب الرابع بتفسير غياب قادة الصف الأول والثاني (الملك أو ولي العهد) في السعودية بوجود غضب على الدولة المستضيفة، لعدة أسباب منها منافسة الجزائر للدور السعودي في قضايا يرى القائد الفعلي للسعودية أنها قد تضعف نفوذها، خاصة في ملف فلسطين (العنوان الأبرز للقمة) بعد فشل وساطتها بين الفصائل الفلسطينية قبل سنوات، وما لذلك من رمزية لإفلات قضية المقدسات الإسلامية من بلد يرى نفسه ممثلا للإسلام السني، ويمثل دوله.

وأضافت أنه “يدور الحديث عن غضب سعودي على الجزائر التي رفضت وساطة الرياض لخفض التوتر مع المغرب في القضية الصحراوية، عقب زيارة وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة للسعودية، في أغسطس 2021”.

ولفتت خامسا إلى جزئية التطبيع وأن البعض يرجح “أن الحرج السعودي حاصل في كل الأحوال، فيما يخص ملف التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، خاصة بعد ما راج عن تمسك الجزائر بالتنصيص في مخرجات القمة على رفض التطبيع العربي دون الالتزام بالمبادرة العربية للسلام (مبادرة الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز) التي تم الإعلان عنها في قمة بيروت 2002.

وأوضحت أن الأمر يثير حرجا للقيادة السعودية مع الكيان، في ظل التطبيع غير المعلن، وهو ما تجسم في زيارات خامات للسعودية وزيارات أخرى لوسائل إعلام إسرائيلية آخرها كان للبقاع المقدسة، والأهم من ذلك فتح السعودية مجالها الجوي صيف العام الحال، أمام طيران الكيان.
 

أبرز التحديات
وناقشت الورقة بشكل كثيف  التطبيع كأبرز التحديات أمام تنفيذ ما توافق عليه بالقمة، وهو مواجهة الجزائر لما عرفته المنطقة العربية في السنتين الأخيرتين من موجة تطبيع غير مسبوقة مع الكيان الصهيوني، إذ طبعت كل من الإمارات والبحرين علاقاتهما مع “الإسرائيليين” ولحق بهما كل من السودان والمغرب، وتتحدث تقارير عن وجود محادثات تجمع الإسرائيليين بدول عربية أخرى مستعدة للتطبيع.

 

ولفتت الورقة إلى جهود الجزائر في؛ طرد ممثل الاحتلال بالاتحاد الإفريقي، الذي رغب في الترشح كعضو ملاحظ، وواصلت جهودها نحو إقامة تحالف مضاد للتطبيع، بدأته مع دول الجوار، فساعدت تونس في الخروج من مأزقها كما وصفه تبون، خلال زيارته الأخيرة لإيطاليا، بعد إقراض تونس مبلغ 300 مليون دولار، مخافة التغلغل الاقتصادي للاحتلال.
 

وأضافت أن الجزائر دعمت حكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس ضد حكومة فتحي باشاغا المتحالفة مع خليفة حفتر في ظل عزم الأخير إقامة علاقات دبلوماسية مع الاحتلال، وهو ما كشفته وسائل إعلام عبرية بعد زيارة لصدام نجل حفتر، لطلب السند السياسي والمالي.
 

وأشارت إلى أن الجزائر قبل أسبوعين من انطلاق القمة، احتضنت اجتماعا للفصائل الفلسطينية أفرز “إعلان الجزائر” الذي تلتزم بموجبه الفصائل المتناحرة منذ 15 عاما، بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام لوضع حد للانشقاق الذي يمزق صفوفها.

وأبانت أن الجزائر قدمت مساعدات مالية لدعم الموازنة الفلسطينية، ويثير الدور الجزائري المتصاعد في القضية الفلسطينية انزعاج دول عربية مثل مصر والسعودية اللتين تخشيان سحب البساط من تحتهما، بعدما كانتا تقودان جهودا إقليمية في مسار القضية الفلسطينية وتحددان توجهات السياسة العربية عموما، في المنطقة والعالم.
 

ونبهت إلى تقارير إعلامية تناولت خلافات اندلعت بين وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم التحضيري للقمة العربية في الجزائر، 31 أكتوبر الماضي، وتمحورت حول قضايا التطبيع مع دولة الاحتلال.

وعن مؤيدي الجزائر وضعت كل من الكويت والعراق وتونس وفلسطين ولبنان الذين دفعوا باتجاه تضمين بند في البيان الختامي للقمة لإدانة التطبيع، لكن الإمارات والبحرين والمغرب رفضت الأمر تماما، بينما تحفظت السعودية وسلطنة عمان والسودان على الأمر.
 

وقالت الورقة إنه “في ظل محاولة المحور المضاد للتطبيع والتي تقوده الجزائر إحياء القضية الفلسطينية وإعطائها موقع الصدارة على الأجندة العربية، وتأكيده علي أن مبادرة السلام العربية هي المرجعية العربية المتفق عليها أي ربط العلاقات مع إسرائيل بالحقوق الفلسطينية، ومناداته أخيرا بتشكيل لجنة اتصال وتنسيق عربية لحشد الدعم من أجل تقديم طلب للأمم المتحدة لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة بالمنظمة”.

وأن محور التطبيع والتي تقوده الإمارات يعمل علي تنحية القضية الفلسطينية من قمة القضايا العربية، وإقامة علاقات مع إسرائيل دون شرط حل الدولتين.

لقاءات بديلة
وانعقدت في العاصمة الجزائرية على مدار يومين ، الأول والثاني من نوفمبر 2022 القمة العربية العادية الحادية والثلاثين والتي أُطلق عليها قمة “لم الشمل”.
وقالت الورقة إنه “في ظل صعوبة التوصل إلى توافق عربي جماعي عبر جامعة الدول العربية إزاء أزمات المنطقة المختلفة، فقد برز اتجاه لدى عدد من القادة العرب المتوافقون في الرؤى والأهداف نحو عقد لقاءات مصغرة”.

وأوضحت أنه بالإشارة إلى مارس 2019 بوصفه انطلاقة بدء اعتماد هذه الصيغة الجديدة للعمل العربي المشترك، حيث عقد بالقاهرة في 24 مارس أول لقاء ثلاثي بين قادة مصر والأردن والعراق، تعددت اللقاءات الثلاثية منذ ذلك الحين سواء على مستوى القادة أو على مستوى وزراء الخارجية، وصولا إلى اللقاء الخامس للقادة الثلاث في بغداد يونيو 2021 وفي مارس 2022، انضمت الإمارات إلي هذه اللقاءات، وتبعتها البحرين في يونيو 2022.