“المهنيون” ورجال الأعمال وسكان المدن الجديدة فريسة تنهشها ضرائب “السيسي” لتغطية عجزه المالي

- ‎فيتقارير

وسط عجز مالي كبير ، تسبب فيه السيسي وطريقته العنجهية في الإنفاق البذخي، على مشاريع بلا عائد اقتصادي، ودون دراسات جدوى اقتصادية وعلمية، ما فاقم العجز المالي خلال العام المالي الحالي إلى نحو 33 مليار دولار، لم يجد السيسي ونظامه الفاشل سوى جيوب المواطنين لجباية الأموال منها، من أجل سد الفجوات المالية المتراكمة عليه.

وقد خرج السيسي مؤخرا، وفي نهاية أكتوبر الماضي، ليطالب نظامه بتوفير أفكار لتحصيل الأموال من الشعب وبأي طريقة كانت، ومن يومها وقبلها يتفنن السيسي وصعاليكه من مسئولي الدولة العميقة في ابتكار طرق الجباية لتحصيل الأموال من جيوب الشعب المصري.

ووسط ذلك النهم، تصدرت المشهد معاناة الكثير من فئات المجتمع المصري ، وفي مقدمتهم المهنيون من الأطباء والمهندسين والمحاسبين والفنانيين، حيث يسود غضب عارم في أوساط المهنيين، بعدما اندلعت أزمة بين وزارة المالية ونقابات المحامين والأطباء والمهندسين والتجاريين والفنانين والإعلاميين ، بسبب إلزام مصلحة الضرائب أصحاب المهن الحرة بالتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية على جميع تعاملاتهم مع العملاء الأفراد والشركات، اعتبارا من منتصف ديسمبر المقبل.

ووفق بيانات مصلحة الضرائب، فإن  الفاتورة الإلكترونية ستطبق على جميع أرباب المهن الحرة في إطار تعميم المنظومة الإلكترونية، التي سيخضع لها جميع المتعاملين مع المصلحة، والتي بدأت بالشركات الصناعية والتجارية، بما يضمن تحقيق الشمول الضريبي وتوسيع دائرة الممولين أفقيا، اعتبارا من العام 2023. 

وبررت المالية خضوع المحامين والأطباء إلى المنظومة بالقضاء على شكوى الممولين من وضع تقديرات جزافية من قبل مأموري الضرائب، وتحقيق المساواة بين المجتمع الضريبي، الذي سيخضع لنظام موحد يجري التعامل معه عبر تطبيق خاص لإصدار الفواتير، وإلغاء التعامل النقدي في المعاملات التي تخضع للضرائب. 

فيما أبدت نقابتا الأطباء والمهندسين معارضتهما لتسجيل أعضائهما في منظومة الفاتورة الإلكترونية، وقررتا رفع قضايا للطعن على قرار وزارة المالية، بعدما تعثرت أعمال لجان مصلحة الضرائب التي عقدتها مع نقيب الأطباء وإدارة العلاج الحر بنقابة الأطباء، في التوصل إلى حل يسمح ببدء خضوع الأطباء للفاتورة الإلكترونية.

وطلب أعضاء بمجلس نقابة المحامين تشكيل لجنة تنسيقية تحت إشراف نقيب المحامين، وحضور مجالس النقابات الفرعية في دوائر الاستئناف التابعة لها بالمحافظات، لاستطلاع آراء المحامين ومجالس النقابات، في خضوع الأعضاء للنظام الضريبي الجديد.

وعبر أعضاء بالمجلس عن غضبهم من قرار وزارة المالية، ودعوا إلى الاحتجاج رسميا على النظام الجديد، وتنظيم وقفات احتجاجية للتعبير عن حالة الغضب التي تسود أوساط المحامين، واعتبار مجالس النقابات الفرعية في حالة انعقاد دائم، وفتح قنوات اتصال مع المسؤولين بالحكومة والدول، والاستعانة بذوي الخبرة في مجال الضرائب لعرض وجهة نظر نقابة المحامين في معارضتهم للفاتورة الإلكترونية.

وقرر مجلس نقابة الأطباء تكليف المستشار القانوني للنقابة بالطعن على قرار مصلحة الضرائب ، ومطالبة رئيس الوزراء استثناء الأطباء من دفع رسوم التسجيل للفاتورة الإلكترونية، مشيرا إلى أنها تتضمن معلومات غير مفهومة، وأضافت تكاليف مالية باهظة على الأطباء والممولين من أصحاب المهن الحرة، تقيد أعمالهم التي يستهدفون بها خدمة المواطنين، وأشارت دعوى قضائية رفعها أطباء ومحامون إلى أن أرباب المهن الحرة لا يبيعون سلعا مثل التجار أو الصناع، وأن خضوعهم للنظام الجديد، يمس مراكزهم المالية المستقرة، ويؤثر على أداء مهمتهم.

وتعتبر مصلحة الضرائب أن الأطباء والمحامين والمهندسين والمحاسبين والفنانين وأصحاب المهن الحرة جزء من المجتمع الضريبي الملزم بالتسجيل في نظام الفاتورة الإلكترونية في موعد أقصاه 15 ديسمبر، وإرسال فواتير إلى مكاتب مصلحة الضرائب، عبر المنظومة الإلكترونية، وفي حال تعاملهم مع العملاء، عليهم إصدار إيصال إلكتروني.

وسادت مخاوف لدى المحامين والأطباء من أن توظف مصلحة الضرائب الأذرع الأمنية للدولة لملاحقة المعترضين على النظام الجديد، وإحالتهم لمحاكمات بتهمة التهريب الضريبي، وفقا للعقوبات الجنائية الواردة في القانون رقم 206 لسنة 2020.

 

أزمات الجباية من رجال الأعمال

إلى ذلك ، وفي إطار الأزمة المجتمعية مع نظام الجباية الضريبية التي يستهويها السيسي ، شن أعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين هجوما شديدا على وزارة المالية والهيئات التابعة لها، لوضعها تقديرات ضريبية جزافية تصيب المستثمرين بصدمات، وملاحقة الشركات بملفات ضريبية سبق حسمها، مر عليها أكثر من 15 عاما.

ودق الأعضاء خلال اجتماع في مقر الاتحاد أمس الاثنين، ناقوس الخطر أمام الحكومة، من زيادة الأعباء الضريبية على المنشآت الصناعية، إلى نسب تراوح ما بين 45% إلى 52% في المتوسط، بما يجعلها من أعلى نسب الضرائب في العالم، تزيد على السائدة بأوروبا وتقترب من معدلات الضرائب بالولايات المتحدة، تجعلها عنصرا طاردا للمستثمرين.

وأكد الأعضاء خلال الاجتماع الموسع الذي ترأسه محرم هلال، رئيس اتحاد المستثمرين، لجوء المالية إلى تحصيل ضرائب، بفرض 22.5% ضريبة أرباح صناعية وتجارية و10% ضريبة توزيع أرباح، وضرائب تكافلية وتأمين، بخلاف القيمة المضافة على مدخلات الإنتاج بنسبة 14%، مشيرين إلى أن التعسف الضريبي يشجع على توسيع دائرة الاقتصاد الموازي، الذي تصل حجم تعاملاته حاليا إلى ما بين 2 إلى 3 تريليونات جنيه، لا تستطيع الحكومة دمجه في الاقتصاد الرسمي.

واتهم الأعضاء وزارة المالية بعدم تنفيذ الحافز الضريبي الذي يمنحه قانون 2017 للمستثمرين، والخاص بمنح المنشآت الجديدة حسما من الوعاء الضريبي يصل إلى 50% من حجم المال المستثمر بالمشروعات.

تواصل محمد معيط وزير المالية مع رئيس الاتحاد خلال الاجتماع، لامتصاص غضب رجال الأعمال، الذين يعزفون منذ أشهر عن حضور اجتماعات رسمية، مع مسؤولي المالية والجهات الحكومية، لعدم قناعتهم بقدرة المسؤولين على حل مشاكلهم.

قال الأعضاء للوزير "إذا كنت تريد استعادة علاقة الثقة بين المستثمرين والحكومة، عليك أن تنزل بنفسك ورجالك إلى أرض الواقع، وخاصة في المناطق الاستثمارية بالصعيد، لتعرف الصعوبات التي تدفع أغلبية المصانع للتوقف عن العمل، وعزوف رجال الأعمال عن حضور اجتماعات لا طائل من ورائها".

كما أعلنت وزارة المالية تجهيز تطبيق إلكتروني لدفع الفواتير وتحصيل الضرائب من المحلات الصغيرة وأصحاب المشروعات غير القادرين على القراءة والكتابة، سيعمّم استخدامه، خلال العام المقبل، لتوسيع نطاق المجتمع الضريبي. تمثل الضرائب 77% من موارد الموازنة العامة للدولة، وتجاوزت العام الحالي تريليون جنيه.

 

إشهار إجباري لشقق المدن الجديدة لأجل الجباية

إلى ذلك، وافق مجلس نواب الانقلاب بصفة نهائية، الثلاثاء، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 27 لسنة 2018، في شأن تنظيم بعض أحكام الشهر العقاري في المجتمعات العمرانية الجديدة، والذي قضى بإلزام سكان المدن الجديدة بشهر عقاراتهم خلال 30 يوما من إصدار لائحته التنفيذية بحد أقصى.

ونص مشروع القانون على أن يلتزم المتصرف إليه من قبل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بتقديم طلب الشهر، وفقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في القانون خلال ثلاثين يوما من تاريخ العمل بلائحته التنفيذية، أو تاريخ التصرف اللاحق على العمل بها.

وفي حال عدم تقديم الطلب، أو تقديمه بعد الميعاد المحدد سلفا، أو عدم استكمال إجراءات الشهر لسبب يرجع إلى المتصرف إليه، يكون لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة شهر التصرف على نفقته، سواء كان صادرا منها مباشرة، أو من الغير.

وتمتد آثار التشريع الذي أقره البرلمان إلى الوحدات الإدارية والتجارية، بخلاف الوحدات السكنية، وقطع الأراضي السكنية وغير السكنية، إذ أناط بهيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان شهر التصرف على نفقة المتصرف إليه، في مواجهة تقاعسه عن تقديم الطلب، أو تقديمه بعد الميعاد المحدد لذلك، بما يحمل المواطنين المزيد من الأعباء المالية، من خلال إلزامهم بتسجيل الوحدات والأراضي السكنية وغير السكنية المملوكة لهم.

وتسعى الحكومة لإجبار المواطنين على توثيق ملايين الوحدات السكنية في الشهر العقاري، وهو جهة تابعة لوزارة العدل منوط بها توثيق العقارات، الأمر الذي يكلفهم أعباء مالية ضخمة لارتفاع رسوم التوثيق من ناحية، وإخضاعهم لضريبة التصرفات العقارية بمجرد إتمام إجراءات الشهر من ناحية أخرى، والمحددة بنسبة 2.5% من قيمة العقار أو الوحدة السكنية. وهو ما يزيد من معاناة المصريين الذين بات أكثر من 80% منهم تحت خط الفقر.