ارتفاع جنوني في الأسعار.. تصدير الذهب إلى الخارج وتعطيش السوق المحلي لمصلحة من؟

- ‎فيتقارير

يشهد سوق الذهب ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار رغم حالة الركود والكساد التي يعاني منها التجار والصاغة بسبب ضعف القدرة الشرائية للمصريين وتوجيه ما بأيديهم من أموال لتلبية الاحتياجات الضرورية اليومية في ظل ارتفاع الأسعار غير المسبوق في زمن العسكر.

وسجلت أسعار المعدن الأصفر على مدار الـ 48 ساعة الماضية ارتفاعات قياسية ، حيث زاد سعر الجنيه الذهب نحو 400 جنيه، رغم انخفاض سعر خام الذهب عالميا.

وقفز سعر عيار 14 من 936 جنيها إلى 950 جنيها للجرام، وعيار 18 من 1200 جنيه إلى 1221 جنيها للجرام، عيار 21 من 1400 إلى 1425 جنيها للجرام، ووصل سعر الذهب عيار 24 إلى 1629 جنيها للجرام بدلا من 1600 جنيه.

وبسبب ما تشهده الأسواق امتنعت شعبة الذهب والمجوهرات عن عرض أسعار التداول على صفحتها الرسمية.

يشار إلى أنه تزامن مع الزيادة الأخيرة في أسعار المعدن الأصفر محليا، هبوط أسعار الذهب عالميا ليسجل أدنى مستوى في أكثر من أسبوع، ويرجع ذلك إلى ارتفاع سعر الدولار، حيث هبط سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.6 في المئة إلى 1739.31 دولار للأوقية (الأونصة) بعد أن تراجع في وقت سابق إلى أدنى مستوى منذ العاشر من نوفمبر إلى 1738.35 دولار، مما أدى إلى انخفاض العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 0.7 في المئة إلى 1742 دولارا.

الخبراء والعاملون في مجال الذهب كشفوا أن عصابة العسكر اتجهت إلى تصدير الذهب إلى الخارج ما أدى إلى تعطيش السوق المحلي وبالتالي جاء الارتفاع الجنوني في الأسعار.

وقال الخبراء إن "دولة العسكر لا يهمها الآن إلا الحصول على الدولار ولذلك تبيع كل شيء في مصر من أجل تحقيق هذا الهدف".

وحذروا من أن هذه السياسة سوف تتسبب في تبديد موارد البلاد وتضييع ثرواتها بجانب إفقار المصريين وتجويعهم وجعلهم عاجزين عن شراء احتياجاتهم سواء الضرورية أو الكمالية والترفيهية .

 

شح المعروض

من جانبه أرجع إيهاب وصفي رئيس شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات، ارتفاعات أسعار الذهب المحلي إلى شح المعروض من خام المعدن الأصفر بما لا يواكب حجم الطلب داخل السوق، نظرا لتراجع حركة الاستيراد بسبب أزمة الدولار وتوقف المواطنين عن بيع الذهب المستعمل بسبب تذبذب الأسعار، ما أحدث فجوة مؤقتة بين العرض والطلب.

وقال وصفي في تصريحات صحفية إن "إنتاجية المصانع في مصر تراجعت بنسب كبيرة بسبب الأزمة الحالية والتي انعكست على أسعار المعروض التي فاقت قدرات شريحة كبيرة من المواطنين، مشيرا إلى أن الشعبة تدرس حاليا الاتجاه للتوسع في تصدير المشغولات الذهبية المصرية للخارج، بطلب من العسكر لجذب عملة صعبة ودعم الاقتصاد المصري".

وأشار إلى أن حكومة الانقلاب وعدت الشعبة بتذليل معوقات التصدير من جانب وزيري التجارة والصناعة والتموين والتجارة الداخلية بحكومة الانقلاب من أجل أن يسهم الذهب في زيادة الصادرات وتحقيق موارد دولارية .

 

التصدير للخارج

وقال المهندس هاني ميلاد رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن "أسباب ارتفاع الذهب بالأسواق المحلية جاء نتيجة تذبذب في أسعار الذهب بعد الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب أسعار صرف الجنيه مقابل الدولار والذي يؤثر على سعر الذهب في السوق المحلي".  

 وأضاف "ميلاد" في تصريحات صحفية أن ارتفاع نسبة الطلبات مقابل المعروضات؛ أحد أسباب ارتفاع سعر الذهب أيضا، مطالبا من يوجد لديه ذهب بالحفاظ عليه وعدم بيعه .

وأشار إلى أن اقتناء الذهب كمدخر يحتفظ بقيمته، ومن الوارد أن يرتفع سعر الذهب مجددا، وهو أمر قد يحدث عند ارتفاع سعره عالميا، مشيرا إلى أن سعر الذهب محليا محكوم بالسعر الداخلي.  

وأكد "ميلاد" أن عدم سهولة الاستيراد والتصدير جعلت سعر الذهب محكوما بالسوق المحلي، وعمليات العرض والطلب في الإدخار أو البيع.   

وكشف أن شعبة الذهب تسعى حاليا إلى التحول من تصدير خام الذهب إلى المشغولات الذهبية، مشيرا إلى أنه من المقرر إقامة معرض دولي للذهب في مصر خلال الفترة من 10-12 ديسمبر المقبل بهدف عقد شراكات واتفاقات مع تجار الذهب للترويج للمشغولات الذهبية في الخارج.

وأشار "ميلاد" إلى أن حركة البيع في الأسواق حاليا بين متوسطة إلى ضعيفة، لكن تصدير الذهب الخام من خارج القطاع يعد نذيرا غير مرغوب فيه يحد من الطلب داخل أسواق غير مستوعبة، وبالتالي حدث ارتباك نتيجة طلب لا يجابهه عرض بنسبة موازية، ما يؤثر بالسلب على القطاع ككل.

 

استثمار

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور أشرف غراب نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية إن "الكثير من الناس يلجأون للاستثمار في الذهب بشراء سبائك الذهب ثم الانتظار لحين ارتفاع سعره ثم يقومون ببيعه كنوع من الاستثمار، مشيرا إلى أن الاستثمار في الذهب ليس استثمارا كبيرا على المستوى المحلي ، لكنه نوع من الادخار بحفظ قيمة المدخرات ويحقق هامش ربح".

وأضاف غراب في تصريحات صحفية أن الذهب معروف عنه أنه مخزن القيمة فهو استثمار طويل المدى بديلا عن النقد حفاظا على الممتلكات.

وأوضح أن أسعار الذهب تعتمد على عوامل معينة منها سعر البورصة العالمية، إضافة إلى سعر صرف الدولار ، لافتا إلى أنه من المفترض أنه كلما ارتفعت قيمة الدولار عالميا انخفض سعر الذهب لأن الذهب مرتبط بسلة عملات ثابتة، إلا أننا اعتدنا على المستوى المحلي كلما ارتفع سعر الدولار يرتفع سعر الذهب ، لأن بعض التجار يلجأ إلى شراء الدولار من السوق السوداء ثم يضيف هذه الزيادات على سعر الذهب فينعكس هذا على رفع سعره.

وتوقع غراب استمرار ارتفاع أسعار الذهب خلال الفترة القادمة لأن أسعاره عالميا لم تصل لأقصى ارتفاع، مشيرا إلى أن توقعه يرجع إلى عدد من الأسباب أولها زيادة الإقبال على الاستثمار في الذهب، إضافة إلى تقرير الفيدرالي الأمريكي الأخير برفع سعر الفائدة بشكل طفيف خلال اجتماعه في ديسمبر القادم، حيث أن خفض سعر الفائدة على الدولار يشجع على الاستثمار في الذهب كملاذ آمن وبديل عن الاستثمار في الدولار، مشيرا إلى أن ارتفاع الذهب في مصر نتيجة تحركات سعر الدولار مقابل الجنيه .

ونصح بعدم بيع الذهب خلال الفترة الحالية، مشيرا إلى أن إنتاج مصر من الذهب يقدر بـ 15.8 طن سنويا أغلبه من منجم السكري.

وأوضح غراب أن التقارير الدولية تشير إلى أن سعر الأوقية قد يرتفع في نطاق ما بين 1،790 و1،820 دولارا بنهاية ديسمبر المقبل نتيجة الطلب عليه كملاذ آمن وذلك مع تراجع قيمة الدولار نتيجة إبطاء الفيدرالي الأمريكي وتيرة التشديد النقدي، لافتا الى أنه بعد اجتماع الفيدرالي الأمريكي وتصريح بعض أعضائه باحتمال رفع أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في اجتماعه القادم في ديسمبر حقق الذهب أرباحا نتيجة تراجع حاد في قيمة الدولار مقابل سلة من 6 عملات أخرى وتراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، لأن تراجع الدولار يؤدي لزيادة جاذبية الذهب للمشترين فيزيد الطلب عليه ويحقق أرباحا.