كالعادة، يفشل السيسي القائد الأعلى لكل المجالس والهيئات والوزارات في حل مشاكل القطاعات المختلفة، فبعد أن هيمن السيسي على رئاسة المجلس الأعلى للاستثمار، الذي أخضعه لرئاسته المباشرة، تعلن الحكومة عن فشل قرارات المجلس الأعلى للاستتثمار في حل مشاكل الاستيراد، ومن قبلها الفشل الذريع في حل أزمة هروب الأموال من مصر، وعجز تام في جذب استثمارات جديدة لمصر، أو حتى بيع أصول الدولة ، نظرا للارتباك المالي والإداري والفساد البيروقراطي في هيكلة الشركات التي تعاني من قوائم مالية محكمة ، تقبلها أسواق المال.
وفي هذا السياق، أعلن رئيس وزراء الانقلاب، مصطفى مدبولي، مؤخرا، حزمة من القرارات والتوجيهات الصادرة عن المجلس الأعلى للاستثمار، في صورة تحفيزات لعمل القطاع الخاص، وذلك في مؤتمر صحفي وصفه مدبولي بـ«العالمي».
هل يشارك القطاع الخاص؟
وقال مدبولي: إن "قرارات المجلس استهدفت بشكل أساسي زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات بالمشروعات التنموية، والحرص على الجرأة الشديدة في اتخاذ القرارات، بينما اعتبر العديد من المسئولين والخبراء في قطاع الصناعة والاستثمار أن القرارات اﻷخيرة لم تعالج المشكلة اﻷبرز التي تواجه القطاع الخاص حاليا، وهي إتاحة المواد الخام المستوردة اللازمة للإنتاج.
وضمن 22 قرارا اتخذها المجلس، كان نصيب استيراد مستلزمات الإنتاج قرارين، هما: السماح للمستثمر الأجنبي بالاستيراد لمدة عشر سنوات، حتى وإن لم يحمل الجنسية المصرية، وأيضا السماح للشركات بالاستيراد طالما تأسست في مصر حتى لو كانت ملكيتها تعود بنسبة 100% لأجانب، عكس الوضع الحالي الذي لا يسمح بتسجيل الشركات في سجل المستوردين، إلا في حال كانت 51% من ملكيتها تعود للمصريين.
يشار إلى أن الإجراءات الحكومية السابقة قد تيببت في تقييد الاستيراد ، وقد عرقلت بالفعل في أحيان كثيرة العمل من الأصل، ووصل الأمر لتوقف مصانع بكاملها.
كما لا يمكن التعامل مع أزمة الاستيراد، عبر إجراءات مرتبطة بمصلحة الجمارك أو وزارة المالية، لأن الأزمة لا يُمكن حلها إلا بإجراءات من شأنها توفير العملة الأجنبية، وهو أمر لا دخل لوزارة المالية أو الجمارك فيه.
وجاءت مصر في المرتبة 114 عالميا على مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، الصادر عام 2020 عن البنك الدولي، في حين سجلت أسوأ أداء لها على المؤشر الفرعي للتجارة عبر الحدود، والذي يشمل تفاصيل الاستيراد والتصدير، وحلت في المرتبة 171 عالميا.
بدوره، رأى الرئيس السابق للجمعيتين المصرية والعربية للاستثمار المباشر، هاني توفيق، أن «القرارات والتوجيهات المعلنة أمس الأول تنقصها الإجابة عن سؤال خاص بكيفية تيسير حركة استيراد مدخلات الإنتاج والمرتبطة بشكل مباشر بالتشغيل، بالإضافة إلى وضع برنامج زمني لتخارج الدولة عبر أجهزتها السيادية من النشاط الاقتصادي".
بخلاف القرارين المتعلقين بمستلزمات الإنتاج، شملت قائمة القرارات التوجيه بالإسراع بإتمام برنامج الطروحات، دون الإعلان عن جدول زمني، من خلال تأسيس وحدة خاصة تابعة لمجلس الوزراء، لتحديد ملكية كل وحدة تابعة للدولة، والجهات العامة التي تشترك في ملكيتها، تمهيدًا لاتخاذ قرارات بدمجها أو تصفيتها أو بيع أنصبة الدولة فيها.
وفي حين اعتبر رئيس وزراء الانقلاب أن القرار اﻷهم الذي تم اتخاذه هو أن الدولة تفتح للأجانب تملُّك العقارات داخل مصر، شملت القرارات أيضا وضع مدى زمني للحصول على كل الموافقات اللازمة لتأسيس الشركات، لا يتجاوز عشرة أيام عمل، ووقف أي معاملة خاصة للجهات التابعة للدولة تميزها عن القطاع الخاص.
كما شملت القرارات والتوجيهات الجديدة، تعديل بعض المواد في اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار، بما يسهم ويشجع على التوسع في إنشاء المناطق الحرة الخاصة، وأيضًا تسهيل معاملة المستثمر الأجنبي مع البنوك خلال فترة تأسيس الشركة، من بينها تعديل نص المادة رقم 34 من قانون الاستثمار؛ لتشجيع الصناعات القائمة على الغاز الطبيعي كمُدخَل في الإنتاج وتعزيز استفادتها من نظام المناطق الحرة الخاصة، وتعديل بعض مواد قانون المناطق الاقتصادية، وخاصة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتعزيز جاذبية هذه المناطق عبر حوافز وتيسيرات جديدة.
السيسي يقود الاستثمار!
يعود إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار إلى عام 1977، وجعله رئيس الجمهورية وقتها برئاسة رئيس مجلس الوزراء وينوب عنه نائبه للشؤون الاقتصادية، وعضوية وزراء، الاقتصاد والزراعة والصناعة، ونائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار، وعضوين معينين من ذوي الخبرة.
في أكتوبر 2016، أعاد السيسي إنشاء «اﻷعلى للاستثمار»، برئاسته وعضوية رئيس مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزى، ووزراء، الدفاع، والمالية، والاستثمار، والداخلية، والعدل، والتجارة والصناعة، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس الرقابة الإدارية، والرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ورئيس اتحاد الصناعات، ورئيس اتحاد جمعيات المستثمرين.
وشملت اختصاصات المجلس، الذي كان يفترض انعقاده مرة كل شهرين، متابعة تحديث الخريطة الاستثمارية للدولة، ومتابعة تنفيذ خطط وبرامج الاستثمار، فضلا عن وضع الإطار العام للإصلاح التشريعي والإداري لبيئة الاستثمار. وتزامنا مع إعادة إنشائه، اجتمع المجلس في نوفمبر 2016، وأصدر 17 قرارا ركّز أغلبها على منح إعفاءات وتصالحات ضريبية وتسهيلات في منح التراخيص الصناعية وفي تملك أراضٍ استثمارية.
في قراره اﻷخير، قبل أيام، بإعادة إنشاء المجلس، ضم السيسي إلى عضويته وزراء، التخطيط والتنمية الاقتصادية، والتعاون الدولي، والاتصالات، والتنمية المحلية، وقطاع اﻷعمال، والوزير المختص بشؤون الاستثمار، ورؤساء، البورصة، ومجلس إدارة الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، والمدير التنفيذي للصندوق السيادي، على أن تنعقد جلساته مرة كل ثلاثة أشهر، أو كلما دعت الحاجة لذلك.
يشار إلى أنه عقب اتخاذ قرار فتح تملك الأجانب للعقارات والأراضي أمام الأجانب بلا شروط، شهدت إسرائيل حالة من الارتياح والسعادة، عبر عنها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيلي كوهين، بتغريدة ، أكد فيها أن الإسرائيليين سيشترون أفدنة وأراضي شاسعة بمصر، مشيدا بتلك القرارات التي اعتبرها مشجعة للاستثمار والمستثمرين، وهو ما أثار مخاوف مصريين حول تغلغل إسرائيل وجنسيات معادية لمصر في العمق المصري، بذرائع الاستثمار وغيرها.
