تشهد الأسواق المصرية حالة غير مسبوقة من الركود بسبب ارتفاع الأسعار الجنونى وتراجع الدخول وانخفاض قيمة الجنية فى زمن الانقلاب .
خبراء الاقتصاد من جانبهم أرجعوا حالة الركود إلى تراجع القدرة الشرائية لأغلبية المواطنين واتجاههم إلى شراء السلع الأساسية والغذائية فقط، .
وقال الخبراء إن انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع تكاليف الإنتاج، التي جرى تحميلها على المستهلكين، أدى إلى ارتفاع الأسعار والتأثير المباشر على معيشة المواطنين.
قيمة الجنيه
فى هذا السياق قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب، إن تراجع القدرة الشرائية للمصريين يعود بشكل أساسي إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، وعدم قدرة الاقتصاد المحلي على توليد دخول كافية لجذب العملة الصعبة.
وأكد "عبد المطلب" فى تصريحات صحفية أن خفض قيمة الجنيه غالبًا ما يكون له أهداف اقتصادية، من بينها تقليص الواردات عبر رفع أسعار السلع الأجنبية والمستوردة، ما يؤدي إلى عزوف المواطنين عن شرائها، وفي المقابل يسهم في زيادة الصادرات ودعم قطاعي السياحة وجذب الاستثمارات .
وشدد على أن هذا التوجه ينعكس سلبًا على القوة الشرائية للمواطنين في المدى القصير.
وأوضح "عبد المطلب" أن انخفاض قيمة العملة يؤدي مباشرة إلى ارتفاع أسعار السلع التي يدخل في تصنيعها خامات مستوردة، مثل الملابس والمنتجات الغذائية، وهو ما يضع المواطن المصري أمام خيارات صعبة، أبرزها المفاضلة بين توفير الغذاء والاحتياجات الأساسية كأولوية أولى، ثم التفكير لاحقًا في السلع الأخرى.
تراجع الدخل الحقيقي
وكشف أن من أبرز الأسباب التي جعلت شريحة واسعة من المصريين غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية، هو تراجع الدخل الحقيقي نتيجة خفض الجنيه، إلى جانب الارتفاع الكبير في تكاليف إنتاج السلع، حيث يحاول المنتجون تعويض هذه الزيادات عبر تحميلها على المستهلك النهائي، ما يفاقم أزمة الغلاء.
وضرب "عبد المطلب" مثالًا بقطاع الغذاء، موضحًا أن ارتفاع أسعار الوقود أدى إلى زيادة تكاليف النقل، كما أسهم ارتفاع أسعار المبيدات الزراعية والاعتماد على الميكنة الزراعية في رفع تكلفة المحاصيل، فضلًا عن نقل السلع بين المحافظات والأسواق، وهو ما انعكس في النهاية على أسعار السلع الغذائية.
ارتفاع الأسعار
وأكد الدكتور علي الإدريسي استاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحرى ، أن تراجع القوة الشرائية يُعد من أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه المواطنين حاليًا، ويعكس اختلالًا واضحًا في العلاقة بين الدخل ومستوى الأسعار.
وأوضح الإدريسي فى تصريحات صحفية أن السبب الرئيسي لهذا التراجع يتمثل في الارتفاع المتواصل لأسعار السلع والخدمات بوتيرة تفوق نمو الدخول، ما يؤدي إلى انخفاض القيمة الحقيقية للجنيه وقدرته على تلبية الاحتياجات الأساسية للأسر.
تكلفة الواردات
وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار لا يرتبط فقط بجشع بعض التجار، بل يعود في الأساس إلى عوامل هيكلية، أبرزها تراجع قيمة العملة المحلية، حيث يؤدي كل خفض في سعر الجنيه إلى زيادة تكلفة الواردات من المواد الخام والسلع الوسيطة والغذائية، وهو ما ينتقل مباشرة إلى المستهلك في صورة تضخم مستورد.
وشدد الإدريسي على أن تراجع القوة الشرائية هو نتيجة مباشرة لتفاعل ثلاثة عوامل رئيسية، هي: ارتفاع الأسعار، وانخفاض قيمة العملة، وزيادة تكاليف الخدمات، وذلك في مقابل دخول شبه ثابتة، مؤكدًا أن معالجة هذه الأزمة تتطلب سياسات اقتصادية متوازنة تركز على كبح التضخم، وتحفيز الإنتاج المحلي، وربط الأجور بمعدلات الأسعار، حتى لا يتحمل المواطن وحده كلفة الإصلاح الاقتصادي.
