ألغام الموازنة الجديدة.. ارتفاع فوائد الدين بنسبة 63% يهدد مخصصات الصحة والتعليم

- ‎فيأخبار

شهدت موازنة مصر للسنة المالية الجديدة (2024-2025) قفزة ملحوظة في فوائد الدين، حيث ارتفعت من 1.120.086 مليار جنيه إلى 1.834.468 مليار جنيه، أي بزيادة هائلة بلغت 714.382 مليار جنيه، وبنسبة ارتفاع هائلة بلغت 63.77%.

ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى عاملين رئيسيين: توسع الحكومة في الاقتراض من الخارج لتمويل مشاريعها وإنفاقاتها، مما أدى إلى زيادة أعباء فوائد الدين بشكل كبير، وتراجع سعر صرف العملة المحلية، إذ شهد الجنيه المصري انخفاضًا ملحوظًا في قيمته مقابل الدولار الأمريكي، حيث انخفض من متوسط 30.95 جنيهًا للدولار إلى 48.20 جنيهًا للدولار. هذا الانخفاض أدى إلى زيادة قيمة الدين المستحق بالعملة الأجنبية، وبالتالي زيادة فوائد الدين المقومة بالجنيه المصري.

 

تهديد الصحة والتعليم

وتعتبر هذه الزيادة في فوائد الدين مصدر قلق كبير لحكومة السيسي، حيث أنها تُشكل عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة للدولة، وتُقلل من قدرتها على الإنفاق على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. كما أن هذه الزيادة تُؤثر سلبًا على جاذبية الاستثمار في مصر، وتُعيق عملية التنمية الاقتصادية.

وتسعى حكومة السيسي إلى اتخاذ خطوات لمعالجة هذه المشكلة، من خلال خفض العجز المالي للدولة، والحد من الاعتماد على الاقتراض الخارجي، وتعزيز قيمة الجنيه المصري. كما تُنفذ الحكومة إصلاحات هيكلية تهدف إلى تحسين كفاءة الإنفاق العام وزيادة الإيرادات.

وتبدأ السنة المالية بمصر في أول يوليو من كل عام، وتنتهي في آخر يونيو من العام التالي. ويُعرض مشروع الموازنة العامة للدولة على برلمان السيسي قبل تسعين يوماً من بدء السنة المالية، ولا تكون نافذة إلا بموافقته عليها.

كشفت تفاصيل البيان المالي لموازنة العام المالي الجديد (2024-2025) التي حصلت عليها صحيفة “العربي الجديد” قبل إلقائها من قبل وزير المالية بحكومة السيسي، محمد معيط غدًا الثلاثاء أمام مجلس النواب، عن ازدياد مدفوعات الفوائد بشكل ملحوظ لتصل إلى نسبة 47.4% من إجمالي مصروفات الموازنة.

 

عبء على الموازنة

وتمثل هذه النسبة قفزة كبيرة مقارنة بنسبة 37.4% في موازنة السنة المالية الجارية (2023-2024). ويعود هذا الارتفاع إلى عدة عوامل رئيسية، أهمها، ارتفاع معدلات التضخم، فقد شهدت الفترة الماضية ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار السلع الأساسية والغذائية، مما أدى إلى زيادة الإنفاق الحكومي وبالتالي زيادة الحاجة إلى الاقتراض.

وكذلك زيادة أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية بهدف كبح جماح التضخم، مما أدى إلى زيادة تكلفة الاقتراض للحكومة، أيضا تغير سعر الصرف، إذ شهد الجنيه المصري انخفاضًا في قيمته مقابل الدولار الأمريكي، مما أدى إلى زيادة قيمة الفوائد المسددة عن القروض بالعملة الأجنبية.

وتُثير هذه الزيادة في مدفوعات الفوائد قلقًا كبيرًا، حيث أنها تُشكل عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة للدولة، وتُقلل من قدرتها على الإنفاق على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. كما أن هذه الزيادة تُؤثر سلبًا على جاذبية الاستثمار في مصر، وتُعيق عملية التنمية الاقتصادية.

وتهدف حكومة السيسي إلى اتخاذ خطوات لمعالجة هذه المشكلة، من خلال خفض العجز المالي للدولة، والحد من الاعتماد على الاقتراض، وتعزيز قيمة الجنيه المصري. كما تُنفذ الحكومة إصلاحات هيكلية تهدف إلى تحسين كفاءة الإنفاق العام وزيادة الإيرادات.

ورفعت حكومة السيسي توقعاتها لكل من المصروفات والإيرادات في مشروع موازنة السنة المالية الجديدة (2024-2025)، وارتفعت تقديرات المصروفات من 2.990.924 مليار جنيه إلى 3.870.168 مليار جنيه، بزيادة 879.244 مليار جنيه، وزادت توقعات الإيرادات من 2.142.110 مليار جنيه إلى 2.625.168 مليار جنيه، أي بزيادة 483.058 مليار جنيه، وبناءً على هذه التوقعات الجديدة، يُتوقع أن يبلغ العجز النقدي للموازنة تريليون و245 مليار جنيه.

وشهد مشروع موازنة مصر للسنة المالية الجديدة (2024-2025) عدة تغييرات رئيسية في بنود الإنفاق، إذا زادت الأجور وتعويضات العاملين، فقد ارتفعت المخصصات من 470 مليار جنيه إلى 575 مليار جنيه، وذلك لدعم تحسين أوضاع العاملين في الدولة وزيادة دخلهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، كما زادت اعتمادات شراء السلع والخدمات من 139 ملياراً و381 مليون جنيه إلى 166 ملياراً و705 ملايين جنيه، لمواجهة احتياجات الوزارات والمصالح الحكومية من السلع والخدمات الأساسية، وارتفعت مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية من 529 ملياراً و685 مليون جنيه إلى 635 ملياراً و943 مليون جنيه، وذلك لدعم الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع والتخفيف من أعباء المعيشة عليهم.

فيما تراجعت اعتمادات شراء الأصول غير المالية (الاستثمارات) من 586 ملياراً و690 مليون جنيه إلى 495 ملياراً و815 مليون جنيه. ويُرجح أن يكون ذلك ناتجًا عن إعادة تقييم أولويات الإنفاق الحكومي في ضوء الظروف الاقتصادية الحالية.

 

ارتفاع حصيلة الجباية

وتتوقع حكومة السيسي أن تكون حصيلة الضرائب في السنة المالية الجديدة بتريليونين و21 ملياراً و991 مليون جنيه، مقارنة بتريليون و529 ملياراً و991 مليون جنيه، بزيادة قدرها 492 مليار جنيه، والإيرادات الأخرى بنحو 599 ملياراً و593 مليون جنيه، مقابل 610 مليارات و188 مليون جنيه في الموازنة الجارية، بتراجع بلغ 10 مليارات و596 مليون جنيه.

شهدت موازنة السنة المالية الجديدة (2024-2025) المصرية زيادة ملحوظة في مخصصات سداد الدين، حيث ارتفعت من تريليون و315 ملياراً و914 مليون جنيه إلى تريليون و606 مليارات و182 مليون جنيه، بما يُمثل نسبة ارتفاع قدرها 22.1%.

وتُعزى هذه الزيادة القياسية إلى، انخفاض سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، إذ يُشكل انخفاض قيمة الجنيه عبئًا على ميزانية سداد الدين، حيث أن جزءًا كبيرًا من الدين مُقوّم بالعملة الأجنبية. فعند سداد أقساط الدين، تحتاج الحكومة المصرية إلى شراء المزيد من الدولارات بسعر صرف أعلى، مما يُؤدي إلى زيادة تكلفة السداد.

وكذلك زيادة عجز الموازنة العامة الذي يُساهم في تراكم الدين، مما يُؤدي إلى زيادة مخصصات السداد في الموازنة الجديدة، أيضا الأعباء المترتبة على فض التشابكات المالية بين جهات الدولة، مما قد يُؤدي إلى زيادة التزامات مالية وسدادات إضافية تُضاف إلى مخصصات الدين في الموازنة.

وكشف البيان المالي لموازنة السنة المالية الجديدة (2024-2025) عن عزم الحكومة المصرية زيادة الدين العام لمواجهة احتياجات الإنفاق المختلفة وسداد جزء من الدين المستحق.

وتبلغ القيمة المستهدفة للاقتراض في الموازنة الجديدة تريليونين و849 ملياراً و204 ملايين جنيه، ما يُعادل حوالي 59.11 مليار دولار أمريكي.

وتُمثل هذه القيمة نسبة 16.7% من الناتج المحلي الإجمالي، المقدر بنحو 17 تريليوناً و61 ملياراً و101 مليون جنيه.

وتُشير هذه الزيادة في الدين العام إلى استمرار حكومة السيسي في الاعتماد على الاقتراض لتمويل احتياجاتها، مما يُشكل تحديًا كبيرًا على المدى الطويل يتطلب اتباع سياسات مالية رشيدة لضبط الإنفاق وتحقيق الاستدامة المالية.