هذه خسائر إسرائيل باغتيال إسماعيل هنية ؟

- ‎فيعربي ودولي

 

للوهلة الأولى، يبدو العنوان به خطأ، في ظل الإنجاز الذي حققه النظام الصهيوني الدموي، الذي يفشل أمام عناصر المقاومة على الأرض، في عموم فلسطين، فيبحث عن انتصار، بقتل السياسيين والأشخاص غير المسلحين،  وهو الأمر الذي يعمق خسائره، بصورة استراتيجية ، على المدى القريب والمدى البعيد.

إذ إنه من البديهي أن تشتد عمليات المقاومة الفسطينية المسلحة،  انتقاما لدماء قياداتها، كما أن الجانب العسكري المتحكم على أرض المعركة سيتشدد أيضا  في شروط أي اتفاقات سياسية مقبلة،  من أجل أن يدفع الصهاينة ثمنا كبيرا بحجم الشهداء الفلسطينيين ومكانتهم، كالشهيد إسماعيل هنية، وهو ما يجعل الحديث عن أي صفقة  لتبادل الأسرى بعيد المنال.

ووفق تقديرت لخبراء عسكريين ، فإن عمليات الاغتيال والتصفية التي برعت فيها إسرائيل منذ سبعة عقود، في محاولاتها العقيمة لحسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإسدال الستار على القضية الفلسطينية العادلة، ومناصريها، قد حققت فشلا استراتيجيا كبيرا.

 

 

وبلغت هذه المحاولات الإسرائيلية ذروة جديدة ليلة الثلاثاء/الأربعاء، حيث بفارق ساعات قليلة، نجحت أجهزة الأمن والإجرام الإسرائيلية، وذراعها التنفيذي، في اغتيال (أو ربما محاولة اغتيال) القائد المرموق في «حزب الله» اللبناني، فؤاد شكر، في العاصمة بيروت، وفي معقل قيادة المقاومة في «الضاحية»، ثم في اغتيال القائد الفلسطيني، إسماعيل هنيّة، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في العاصمة الإيرانية، طهران، وفي بيت الضيافة الخاص بـ»الحرس الثوري» الإيراني تحديدا.

عمليا، في العمل العسكري المباشر، من جنوب لبنان الى اليمن والعراق، وحتى طهران، التي استهدفت قواعد عسكرية إسرائيلية بنحو 330 صاروخا ومسيّرة، ليلة 13/14 إبريل الماضي لأول مرة.

 

سبق هاتين الجريمتين الإسرائيليتين، منذ طوفان الأقصى ، مسلسل من الاغتيالات والتصفيات، كان من أبرزها وأكثرها إيلاما، اغتيال القائد الفلسطيني، صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، في بيروت، واغتيال، (أو محاولة اغتيال)، القائد الميداني لكتائب عز الدين القسّام، محمد الضيف.

 

 لم تبدأ إسرائيل اعتماد سياسة الاغتيالات لقيادات وكوادر العمل والنضال الفلسطيني، ومناصريهم، لا أمس ولا منذ انفجارطوفان الأقصى، بدأت هذه العمليات الإجرامية يوم 12.7.1956 تحديدا، قبل 68 سنة، باغتيال العميد في الجيش المصري، الشهيد مصطفى حافظ، كان ذلك بذريعة تدريب الفدائيين الفلسطينيين الأوائل في قطاع غزة، حيث أوفده جمال عبد الناصر، (بعد أن رفّعه الى رتبة عميد)، إلى قطاع غزة، أيام كان القطاع تحت الإدارة المصرية، لتلك المهمة، وهناك التقى هو ومساعدوه مع الشباب الفلسطينيين، الذين كان بعضهم قد بدأ بتنفيذ عمليات فدائية ضد أهداف إسرائيلية، ومن أبرزهم خليل الوزير (أبو جهاد)، ومحمد الإفرنجي وحمد العايدي وآخرون.

 

ومع اغتيال القائد السياسي الفلسطيني إسماعيل هنية، ستقف إسرائيل ، بداية في مواجهة مع الإدارة الأمريكية، التي تريد إنهاء الحرب في غزة، وترتيب أوضاعها وفق الرؤية الأمريكية، وبما يحقق في النهاية أيضا المصالح الصهيونية، إلا أنها تريد ذلك دون تصعيد غير متحكم به في الشرق الأوسط، وبلا مواجهات مباشرة مع  دول كإيران أو مصر أو غيرهم،  على الرغم من التسليم بالعجز المصري التام عن دعم الفلسطينيين، إذ لم يستطع نظام السيسي إصدار بيان قوي يدين جريمة اغتيال هنية.

كما على إسرائيل أن تستعد بقوة لمواجهة قد تكون مختلفة على صعيد الجبهة اللبنانية، التي تدعمها إيران، وكذا الحوثيين في اليمن، ومن العراق أيضا.

كما على إسرائيل أن تواجه جلدا وصلابة  أكثر من الفصائل الفلسطينية المقاومة، كما يتسبب العمل الإسرائيلي الجبان في إحراج  المتعاطفين مع إسرائيل، ودوائرعربية متقاربة مع إسرائيل، كمصر والسعودية والإمارات، إذ أن اغتيال السياسيين غير حاملي السلاح، غير مقبول في مسار المفاوضات والسياسة.

ويكشف الاغتيال أيضا عن عجز الجيش الصهيوني في  تحقيق انتصار على الأرض، ضد المقاومة الفلسطينية.

 

 

المقاومة لا تتوقف على أشخاص

 

وقد امتدت سياسات القتل الصهيوني،  لرموز المقاومة الفلسطينية، من أجل جتثاث شأفة المشروع المقاوم، إلا أنه لم تفلح، بل زادت الاغتيالات المقاومة صلابة وقوة وبأسا، ضد المروع الصهيوني.

فمن اغتيال زعيم ومؤسس حركة حماس، الشيخ أحمد ياسين، إلى  القيادي سعيد صيام وأحمد الجعبري ويحيى عياش وفتحي الشقاقي.

وأبو علي مصطفى، وغيرهم الكثيرون، الذين  أثروا العمل المقاوم، وتسبب استشهادهم في صلابة تلاميذهم وأتباعهم ضد الصهاينة.

وهم ما زالوا يتسببون في  تكبيد الجيش الإسرائيلي الهزائم والقتل في أنفاق وشوارع غزة.

ومما لاشك فيه ، فإن اغتيال هنية، سيضيف أعباء جديدة على إسرائيل، أمام حلفائها الأمريكان والأوروبيين، ويتسبب في إحراج  أنصارها من المتصهينيين العرب في مصر والسعودية والإمارات، كما سيجعل الحديث عن صفقة تبادل أسرة حاليا في حكم المجهول، كما ستتحرك إيران للثأر لترميم صورتها التي أُهينت ضد إسرائيل عالميا وفي المنطقة، وقد بدأت الصين في تبني قرار دولي ضد إسرائيل، خلال جلسة لمجلس الأمن أمس، يدين قتل هنية، كما على إسرائيل أن تواجه أياما سوداء في غزة وفي جنوب لبنان، وفي البحر الأحمر انتقاما للشهداء السياسيين والعسكريين في كل من إيران ولبنان وفلسطين.