الدعم الكوري الشمالي لروسيا في حربها على أوكرانيا..هل يدفع نحو حرب عالمية جديدة؟

- ‎فيعربي ودولي

في تطور خطير للحرب الروسية الأوكرانية، حققت القوات الروسية مكاسب عديدة في أوكرانيا، وذلك في الوقت الذي تتحدث فيه وسائل إعلام ومصادر غربية عن انتشار آلاف الجنود الكوريين الشماليين المساندين لبوتين قرب أوكرانيا.

 

هذا التطور اللافت في سياق الصراع المتصاعد بين روسيا وأوكرانيا، خاصة بعدما  أكد مسؤولون غربيون وجود قوات كورية شمالية في منطقة كورسك الروسية، أثارغضب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي طالب حلفاءه من الغرب إلى التوقف عن «المشاهدة» واتخاذ إجراءات للتعامل مع وجود قوات من كوريا الشمالية في روسيا قبل أن تبدأ هذه القوات في مواجهة بلاده في القتال.

 

وقال زيلينسكي في مقطع مصور نُشر على تلجرام: إن “كوريا الشمالية أحرزت تقدماً في قدرتها العسكرية، ونشر الصواريخ وإنتاج الأسلحة، والآن ستكتسب خبرة الحرب الحديثة بكل أسف».

 

وأضاف زيلينسكي «أول دفعة تضم آلاف الجنود من كوريا الشمالية باتت بالقرب من الحدود الأوكرانية، سيضطر الأوكرانيون للدفاع عن أنفسهم ضدهم، وسيكتفي العالم مرة أخرى بالمشاهدة»، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال زيلينسكي: إن “أوكرانيا حددت كل موقع يتمركز فيه جنود كوريا الشمالية في روسيا، لكنه قال إن حلفاء كييف الغربيين لم يزودوها بالأسلحة بعيدة المدى اللازمة للتعامل معهم”.

 

وتابع «ولكن بدلاً من تزويدنا بهذه القدرة الضرورية بعيدة المدى، نجد أميركا وبريطانيا وألمانيا تكتفي بالمشاهدة»، وأضاف: «كل من يريد حقاً على مستوى العالم ألا تتوسع الحرب الروسية ضد أوكرانيا، يجب ألا يكتفي بالمشاهدة، يجب أن يتخذ إجراء، يجب أن يقترن الكلام حول عدم جواز التصعيد وتوسع الحرب بالأفعال».

 

وتضمن المقطع المصور الذي تبلغ مدته ثلاث دقائق تعليقاته مع صور لجنود كوريا الشمالية ومنصات صواريخ، بالإضافة إلى صور للحرب والأمم المتحدة.

 

روسيا تستعين بـ 10 آلاف جندي من كوريا الشمالية

 

وبحسب ما أفادت وزارة الدفاع الأميركية هذا الأسبوع، ينتشرعدد صغير من الجنود الكوريين الشماليين في منطقة كورسك الروسية عند الحدود مع أوكرانيا، هذا التصريح هو أول تأكيد أميركي بشأن نشر قوات كورية شمالية في المنطقة، حيث تنفذ القوات الأوكرانية هجوما بريا منذ أغسطس، وتسيطر على مئات الكيلومترات المربعة من الأراضي الروسية.

 

وتقول واشنطن: إن “إجمالي عدد القوات الكورية الشمالية حاليا في روسيا يناهز 10 آلاف جندي”.

 

وسبق أن أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته وجود قوات كورية شمالية في كورسك.

 

أول مشاركة دولية رسمية لروسيا في حربها على أوكرانيا

 

وبوجود قوات كورية شمالية في روسيا، فإن ذلك سيجعل بيونغ يانغ أول حكومة ترسل جنودها رسمياً إلى الجبهة، حيث إنه إلى الآن لم يشارك في الحرب سوى الجنود الروس والأوكرانيين، وقد انضم مرتزقة من جميع أنحاء العالم إلى كل جانب، ولكن لم يتم إرسالهم من قبل حكوماتهم.

 

 العجز الروسي

 

ويُعتبر إرسال بعض الجنود الكوريين الشماليين إلى أوكرانيا للمشاركة في العمليات العسكرية بمثابة مؤشر على عجز روسيا عن استقطاب قوات محلية أو حتى حلفاء أقوياء من الدول الأخرى.

 

ومن جهته يرى المتحدث باسم البنتاغون بات رايدر: “حقيقة أنهم يحتاجون الآن إلى الاستعانة بقوات أجنبية للمساعدة في دعم قواتهم داخل روسيا تشير إلى أن هناك بعض التساؤلات الجدية فيما يتعلق بقدرتهم على الاستمرار في الحفاظ على احتياجاتهم من الأفراد”. 

 

كما اعتبرت مجلة “فورين بوليسي” أن إرسال الجنود هو هزيمة محرجة لموسكو، حتى وإن كانت أخبارا سيئة لأوكرانيا.

 

فالوجود الكوري الشمالي في كورسك يسلط الضوء على كفاح روسيا، من أجل تزويد قواتها بالرجال وتعزيزها في الوقت الذي تقاتل فيه لاستعادة السيطرة على المنطقة الحدودية.

 

 ماذا يعني استعانة الروس بجنود من كوريا الشمالية؟

 

سيؤدي نشر القوات الكورية الشمالية إلى تغيير التوازن في الميدان، ولكن لا يزال من غير الواضح مدى فائدة الكوريين الشماليين للروس في ساحة المعركة، لكن شبكة “سي إن إن” كشفت  عن مصادر قولها إن العديد من القوات التي تم نشرها هي من القوات الخاصة، وتشير التقييمات الاستخباراتية إلى أن الحكومة الكورية الشمالية تعتقد أن قواتها تتمتع بقوة قتالية أكبر من القوات الروسية النظامية، لأنها أفضل تدريباً وتخصصاً، بحسب المسؤولين.

 

كما نسبت “فورين بوليسي” إلى الاستخبارات الكورية الجنوبية إن الوحدات المنتشرة هي قوات خاصة، وهي على ما يبدو جزء من الفيلق الحادي عشر في كوريا الشمالية، وهو فيلق قوامه 200 ألف فرد و18 لواء جيد التعبئة والتدريب وموهوب بشكل خاص في عمليات التسلل.

 

وقال محلل دفاعي كوري جنوبي لـ”فورين بوليسي”: “تشكل هذه الوحدات تهديداً كبيراً في العمليات الهجومية والدفاعية على حد سواء”.

 

 

ومع ذلك، قال: إن “هؤلاء الجنود لم يخوضوا معارك وهم على الأغلب جنود في أعمار صغيرة بالرغم من أنه يوجد معهم ضباط وجنرالات، مشيرا إلى أن أوكرانيا استعانت بكوريا الجنوبية بهدف الحصول على معلومات لوجستية ونفسية للتعامل مع الجنود الكوريين الشماليين”.

 

ورأى أن دخول الكوريين الشماليين والكثير من المرتزقة في الحرب ضد أوكرانيا لن يحقق لروسيا أي تغيير جيوسياسي على الأرض، لأن هؤلاء لا يملكون الخبرة وليسوا أبناء الأرض.

 

لماذا أرسلت كوريا الشمالية جنودها؟

 

إضافة إلى ذلك، الجيش الكوري الشمالي لم يقاتل في حرب فعلية منذ أكثر من 70 عامًا، ويعتقد مسؤولو الاستخبارات أن الحكومة الكورية الشمالية أرسلتهم إلى حد كبير حتى يتمكنوا من اكتساب الخبرة القتالية.

 

ويتوقع متابعون أيضاً أن حاجز اللغة مع الروس سيكون عائقاً كبيراً أمام تنفيذ عمليات سلسة، وقال مشرعون كوريون جنوبيون للصحافيين يوم الثلاثاء: إن “الروس يعلمون الجنود الكوريين الشماليين الأوامر الروسية الأساسية في التدريبات، مثل أطلقوا النار وفي الموقع”.

 

وتثير بعض القوات الروسية بالفعل مخاوف بشأن كيفية قيادة الجنود الكوريين الشماليين وتزويدهم بالذخيرة والعتاد العسكري، وذلك وفقًا لتسجيل صوتي اعترضته الاستخبارات الدفاعية الأوكرانية في 23 (أكتوبر) من قنوات البث الروسية المشفرة، وكشفت التسجيلات أيضا عن خطط لوجود مترجم فوري واحد وثلاثة ضباط كبار لكل 30 رجل كوري شمالي، حسبما ذكرت شبكة “سي إن إن”.

 

وخلفت الأرقام، حتى (أكتوبر)، فقد روسيا 654,430 جندياً بين قتيل وجريح، وفقاً لهيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني، أما روسيا فلم تشارك أي أرقام عن عدد الضحايا، لكن تقريرًا إعلاميًا روسيًا قدّر عدد القتلى بأكثر من 71,000 جندي.