في الوقت الذي لا يُبالي فيه محللون صهاينة في الصحف العبرية بانتخاب دونالد ترامب رئيسًا أو خسارة هاريس، إلا أن أكبر قلق لهم هو الغياب المتوقع لجاريد كوشنر، صهر ترامب، عن إدارة الرئيس القادم في البيت الأبيض.
غياب كوشنر
ونقل متابعون عن المحلل الرئيسي في “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي، قوله: “خلال فترة رئاسته الأولى، كان إلى جانب ترامب ابنته إيفانكا، وبشكل خاص زوجها اليهودي جاريد كوشنر، الذي أثّر عليه بشكل كبير، كل ما حققته إسرائيل من إنجازات في تلك الفترة (اتفاقات أبراهام، نقل السفارة إلى القدس، والاعتراف بمرتفعات الجولان) كان في المقام الأول بفضل كوشنر.”
وأضاف بن يشاي، “…وعلى الجانب الآخر، كانت الإخفاقات الكبرى، وعلى رأسها الانسحاب من الاتفاق النووي الذي سرّع مسار إيران نحو تخصيب اليورانيوم، نتيجة التأثير المباشر لنتنياهو على ترامب، إلا أنه منذ الهجوم على الكابيتول في 6 يناير 2021، توقف الزوجان كوشنر عن التورط في السياسة المتعلقة بترامب، انتقلا إلى القصر الذي اشترياه في ميامي، وخلال الحملة الأخيرة، امتنعت إيفانكا باستمرار عن قول كلمة إيجابية واحدة عن والدها، وعلى الرغم من أن الزوجين ظهرا الليلة على المسرح بجانب ترامب، إلا أن كليهما صرح بوضوح أنهما لن يشاركا هذه المرة في الإدارة، وهذا ما يُعد خبراً سيئاً لإسرائيل.”
كلاهما لا يريحنا
وعن اللامبالاة بمن يكون الرئيس، كتب ناحوم برنياع في “يديعوت أحرونوت” عشية الانتخابات قبل صدور النتائج، قائلاً: “فيما يتعلق بإسرائيل، النتيجة النهائية للانتخابات في أمريكا بعيدة عن أن تكون مريحة. كلا المرشحين يمثلان مشكلة بالنسبة لنا؛ هي لأسبابها الخاصة، وهو لأسبابه الخاصة. إذا فازت هاريس، فستحتاج بشدة إلى دعم الفصيل الديمقراطي في كلا مجلسي الكونغرس. الديمقراطيون منقسمون فيما يخص موقفهم منا:
الجناح اليساري ناقد، وفي أقصاه معادٍ تمامًا، قد يتدهور هذا العداء إلى ضرر كبير إذا استمرت حكومة يمينية برئاسة نتنياهو في إسرائيل.”
وأضاف برنياع: “لخير أو لشر، يعتبر نتنياهو رمزًا في السياسة الأمريكية. في اليسار يُذكر اسمه بنفس النبرة، بنفس المرارة، التي يُذكر بها ترامب، إذا تم انتخاب ترامب، سنواجه مجددًا ميوله الانعزالية، من غير المؤكد أننا سنرى الطائرات الأمريكية في السماء، أو أنظمة الدفاع الصاروخي على الأرض، أو حاملات الطائرات في البحر، كلها من أجل حمايتنا خلال ولايته، من غير المؤكد أن يوافق على مبالغ المساعدات التي أقرها بايدن.”
وتابع: “تتوق إسرائيل إلى محور عالمي بقيادة أمريكا يكون قويًا، مستقرًا، ملتزمًا وحازمًا في مواجهته لمحور الشر، من غير المؤكد أن نحصل على ذلك في عهد ترامب، رغم ذلك، يتصرف نتنياهو وكأنه متأكد من إمكانية شراء دعم ترامب بالمال والمجاملات، ربما يكون محقًا، لكن إذا تم انتخاب ترامب، فلن يكون رئيس وزراء إسرائيل والمليارديرات الذين سيجمعهم فقط من يقفون في الطابور.”
وأكمل: “ترامب قليل الصبر، مشغول بنفسه، وعبدٌ لأهوائه، في أفضل الأحوال، هو رهان غير مضمون، أنصح بعدم إعطاء أهمية كبيرة لما قاله كلاهما عن إسرائيل، غزة، لبنان، وإيران خلال الحملة الانتخابية، ستُحدد خطوات الرئيس أو الرئيسة في الشرق الأوسط بناءً على الوضع على الأرض، والقيود السياسية والدبلوماسية، ونصائح المستشارين، وحدس الرئيس أو الرئيسة، من الأفضل أن يصل رئيس وزراء إسرائيل إلى البيت الأبيض الجديد برؤية واضحة، وسياسة قابلة للتنفيذ، وصورة موثوقة، ترامب حساس جدًا لمصداقية الآخرين، وهاريس كذلك.”
تفسير فلسطيني
قال المحلل السياسي الفلسطيني ياسر الزعاترة إن “كوشنر ما زال يستثمر صلاته أيام ترامب في “البزنس” مع عدد من الدول العربية.”
وأضاف: “غيابه هذه المرة سيحرم الصهاينة من أحد صبيانهم، ونقول صبيانهم لأنه كان يتعامل مع قضية فلسطين بتعقيداتها التاريخية والعقائدية على أنها صفقة عقارات، ولذلك انتهت “صفقة القرن” خاصته إلى الفشل. أما قصة (السفارة والجولان)، فلا قيمة لها من الناحية العملية، إلا أنها فضحت البرنامج النهائي للصهاينة بعيدًا عن لعبة الاستدراج التقليدية.”
وأردف الزعاترة: “تبقى قصة التطبيع التي بقيت محصورة في عدة دول كانت تطبّع قبل ذلك، ولم تصل إلى ما كان يطمح إليه كوشنر وترامب رغم الضغوط والإغراءات.”
وأشار في تعليقه إلى أنه “كان الفشل في تمرير “الصفقة” وتوسيع نطاق التطبيع بوجود كوشنر، ما يعني أن قلق الصهاينة من غيابه مشروع، لا سيما أن ترامب ليس برسم التوقعات، مع ميله إلى الاهتمام بالداخل، والابتعاد عن التورط في الحروب، في وقت يسعّرها نتنياهو في سياق من مطاردة أوهام “النصر المطلق” و”تغيير الشرق الأوسط”.
وخلص إلى أن الصهاينة “لم يحصلوا من قبل على عاشق لكيانهم مثل بايدن، ولا يُعتقد أنهم سيحصلون على مثله مستقبلاً، لا في هذه المرة ولا سواها.”
https://x.com/YZaatreh/status/1853880443164115192
