تابع ناشطون الثروة الضخمة التي يعتقد أن عائلة الأسد وحلفاءها جمعوها على مدار نصف قرن منذ وصول حافظ الأسد إلى السلطة عام 1970 وتهريب السفاح السادي بشار الأسد ملايين اليوروهات والدولارات وذلك بما كتبته الصحف الامريكية والبريطانية.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن الأسرة وداعميها اشتروا عقارات في روسيا وفنادق في فيينا وطائرة خاصة في دبي، من بين أصول أخرى، وذلك نقلا عن مسؤولين أميركيين سابقين ومحامين ومنظمات بحثية.
وأضاف تقرير الصحيفة أن عائلة الأسد بما في ذلك أنسبائه وأصهاره جمعوا الثروة من أموال السوريين بعد فترة وجيزة من تولي حافظ السلطة، وخلال العقود الماضية، استخدم الأسد الأب والابن الأقارب لإخفاء هذه الثروة في الخارج.
وفرّ الأسد من سوريا إلى روسيا في 8 ديسمبر بعد تقدم سريع للمتمردين المعارضين نحو العاصمة دمشق، منهيًا 24 عامًا من حكمه الذي أعقب تقريبًا ثلاثة عقود من حكم والده، استخدم كلا الزعيمين أقارب لإخفاء الثروة في الخارج ضمن نظام أدى إلى إثراء أفراد العائلة ولكنه تسبب أيضًا في توترات داخلية في عائلة الأسد.
ثروة عائلة الأسد
لا يُعرف الحجم الدقيق لثروة عائلة الأسد ولا الأصول التي يسيطر عليها كل فرد من أفراد العائلة. في تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية عام 2022، قُدر أن قيمة الأعمال والأصول المرتبطة بعائلة الأسد تتراوح بين مليار دولار و12 مليار دولار.
وذكر التقييم أن الأموال غالبًا ما تم الحصول عليها من خلال احتكارات الدولة والاتجار بالمخدرات، خاصة الأمفيتامين المعروف بـ”الكبتاغون”، وتمت إعادة استثمار جزء منها في ولايات قضائية بعيدة عن متناول القانون الدولي.
استمرت ثروة عشيرة الأسد في النمو بينما عانى السوريون العاديون من آثار الحرب الأهلية التي بدأت في عام 2011. وبحسب البنك الدولي، فإن ما يقرب من 70% من السكان كانوا يعيشون في الفقر بحلول عام 2022.
كان العديد من الشخصيات القوية في النظام المسلح بشدة يركزون على الأعمال التجارية، بما في ذلك أسماء الأسد، زوجة بشار البريطانية المولد، والتي عملت سابقًا في مصرف “جي بي مورغان”.
قال توبي كادمان، محامي حقوق الإنسان ومؤسس “غورنيكا 37”، الذي حقق في أصول الأسد: “كانت العائلة الحاكمة ماهرة في العنف الإجرامي بقدر مهارتها في الجريمة المالية”.
قد يكون العثور على الأصول وتجميدها أمرًا صعبًا، شنت الولايات المتحدة حملة عقوبات طويلة الأمد ضد نظام الأسد، مما أجبر المسؤولين الماليين للنظام على إخفاء الثروات خارج الغرب وفي الملاذات الضريبية.
وحقق المحققون الذين قادوا مطاردة الأموال التي خبأها حسين القذافي نجاحات محدودة، من أصل 54 مليار دولار يُعتقد أن النظام الليبي السابق راكمها، استُعيدت أصول قليلة نسبيًا.
وتمكنت الفرق القانونية بالفعل من تأمين بعض عمليات التجميد لأصول مرتبطة بثروة الأسد، في عام 2019، جمدت محكمة في باريس أصولًا بقيمة 90 مليون يورو (ما يعادل 95 مليون دولار) تعود إلى رفعت الأسد، عم بشار الأسد.
قال المحامي الحقوقي ويليام بوردن، الذي رفع القضية في باريس، إن الأموال في الملاذات الضريبية مثل دبي وروسيا ستكون أصعب في استعادتها. وأوضح أن الأمر يتطلب أوامر قضائية لتجميد الأصول ثم تنفيذها، وليس من الواضح من سيحصل على الأموال.
بدأت عشيرة الأسد في جمع الثروات بعد أن استولى حافظ الأسد على السلطة في انقلاب أبيض. استغل حافظ شقيق زوجته، محمد مخلوف، لإدارة احتكار استيراد التبغ في سوريا. ومع انتقال القيادة إلى بشار الأسد، ورث رامي مخلوف، ابن محمد مخلوف، الإمبراطورية التجارية.
بحلول عام 2008، كان رامي مخلوف يعتبر الممول الرئيسي للنظام بأصول تقدر قيمتها بـ10 مليارات دولار، وشملت قطاعات المصارف والإعلام والأسواق الحرة وشركات الطيران والاتصالات.
أدخلت الحرب الأهلية السورية فرصًا جديدة لعشيرة الأسد، قاد ماهر الأسد، الشقيق الأصغر لبشار، الفرقة الرابعة المدرعة التي تورطت في تهريب الكبتاغون إلى الشرق الأوسط.
ساعدت عائدات المخدرات النظام على مواجهة العقوبات الاقتصادية الغربية، وحققت متوسطًا سنويًا قدره 2.4 مليار دولار بين عامي 2020 و2022.
في عام 2020، بدأ بشار الأسد في تحجيم نفوذ رامي مخلوف، حيث تم وضعه قيد الإقامة الجبرية وتحويل العديد من مصالحه التجارية إلى إدارة الدولة.
تولت أسماء الأسد السيطرة على أصوله داخل سوريا، بما في ذلك شركة اتصالات كبرى.
رابط تقرير الصحيفة
الأسد نقل 250 مليون دولار لروسيا
وكشف تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أن نظام الأسد “نقل 250 مليون دولار على متن طائرات إلى روسيا خلال عامي 2018 و2019″، في وقت كان فيه النظام مدينا للكرملين مقابل الدعم العسكري، وفي ظل شراء أسرة الأسد لأصول في روسيا.
وأظهرت سجلات حصلت عليها الصحيفة، أن نظام الأسد الذي كان يعاني من نقص شديد في العملة الأجنبية، “قام بنقل أوراق مالية تزن حوالي طنين من فئتي 100 دولار و500 يورو، عبر مطار فنوكوفو في العاصمة موسكو، لإيداعها في بنوك روسية خاضعة للعقوبات”.
يذكر أن رئيس الحكومة السورية المؤقتة، محمد البشير، كان قد صرح في أعقاب توليه مهام منصبه، أن النظام السابق “لم يترك أي نقد أجنبي” في خزائن الدولة.
وأوضحت فايننشال تايمز في تقريرها، أن روسيا كانت واحدة من أهم الوجهات للأموال السورية، حيث دفعتها العقوبات الغربية إلى الابتعاد عن النظام المالي العالمي.
وأظهرت السجلات التي حصلت عليها الصحيفة، أنه “في 13 مايو 2019، هبطت طائرة في موسكو، تحمل 10 ملايين دولار من فئة 100 دولار، مرسلة باسم البنك المركزي السوري”.
و”في فبراير من العام نفسه، وصلت طائرة تحمل 20 مليون يورو من فئة 500 يورو”، وفق الصحيفة.
وفي المجموع، يقول التقرير، إن “القيمة الإجمالية للمبالغ المنقولة بهذه الطريقة خلال تلك الفترة، وصلت إلى 250 مليون دولار”.
ولا يعرف على وجه التحديد حجم ثروة عائلة الأسد، وكذلك الأشخاص الذين يتحكمون فيها، وكان تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية عام 2022 ذكر أنه من الصعب تحديد رقم محدد، مشيرًا إلى أن بعض التقديرات “مفتوحة المصدر” ترجح أن تكون بين مليار إلى ملياري دولار، “ولكنه تقدير غير دقيق لا تستطيع وزارة الخزانة الأميركية التحقق منه بشكل مستقل”.
وأشارت الوزارة إلى أن الأموال “تم الحصول عليها غالبًا من خلال احتكارات الدولة والاتجار بالمخدرات، خاصة الأمفيتامين والكابتاغون، وإعادة استثمارها جزئيًا في ولايات قضائية خارج نطاق القانون الدولي”.
وتنشأ الصعوبة في تقدير صافي ثروة الأسد وأفراد عائلته الممتدة من أنها “منتشرة ومخفية في العديد من الحسابات ومحافظ العقارات والشركات والملاذات الضريبية الخارجية”، وبعض الأصول في خارج سوريا تعود إلى أسماء مستعارة لإخفاء الملكية والتهرب من العقوبات.
وحَافظَ آل الأسد على علاقات وثيقة مع أكبر اللاعبين الاقتصاديين في سوريا، باستخدام شركاتهم لغسل الأموال من الأنشطة غير المشروعة، وتحويل الأموال إلى النظام.
https://www.ft.com/content/84ef8bdd-d070-431d-90f6-332937911096
ومؤخرًا في مايو 2022، أنشأ إياد مخلوف، ابن عم الأسد والرائد في المخابرات العامة السورية، التي يُزعم أنها تراقب المواطنين وتضطهدهم وتقتلهم، شركة عقارية في موسكو مملوكة لشقيقه التوأم إيهاب تسمى مدينة زيفيليس، وفقًا لسجلات الشركات الروسية.
كان شقيق إياد، رامي مخلوف، أهم رجل أعمال في النظام، ويعتقد في وقت ما أنه يسيطر على نصف الاقتصاد السوري من خلال شبكة من الشركات بما في ذلك شبكة الهاتف المحمول سيريتل. لكن بعد أن فقد رامي حظوة النظام في عام 2020، يقول السوريون المطلعون على النظام إن إياد وإيهاب ظلا قريبين من بشار وزوجته أسماء.
تُظهر ملفات الشركات أن مدينة زيفيليس قد تم تأسيسها من قبل موظفة روسية في المصرفي السوري الروسي المدلل خوري، الخاضع للعقوبات الأمريكية، والذي اتهمته الولايات المتحدة بتسهيل تحركات كبيرة للأموال من سوريا إلى روسيا نيابة عن نظام الأسد.
ويبدو أن خوري لعب دورًا محوريًا في دمج مصالح النظام في النظام المالي الروسي، وفي عام 2015 قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن خوري “كان له ارتباط طويل بنظام الأسد ويمثل مصالح النظام التجارية والمالية في روسيا”.
وقال شينكر إنه نظراً للضغوط التي واجهها الأسد من الحكومات الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، لأكثر من عقد من الزمن، فإن “الأسد كان يعلم دائماً أنه لن يكون أبداً رفقة مقبولة في باريس على سبيل المثال.
“لم يكن ينوي شراء مباني سكنية هناك، لكنه كان يعلم أيضًا أنه إذا كان هذا سينتهي، فسوف ينتهي بشكل سيئ، لذلك كان أمامهم سنوات لمحاولة تهريب الأموال، لإنشاء أنظمة ستكون بمثابة ملاذات آمنة يمكن الاعتماد عليها”.
البيان الأول للهارب السفاح
السفاح الهارب بشار الأسد أصدر أول بيان بعد هروبه إلى روسيا في 16 ديمسبر 2024 برر تأخره عن إصدار البيتن فور هروبه ل”انقطاع تام للتواصل لأسباب أمنية بالإدلاء به”!.
وأضاف “لم أغادر الوطن بشكل مخطط له كما أشيع، كما أنني لم أغادره خلال الساعات الأخيرة من المعارك، بل بقيت في دمشق أتابع مسؤولياتي حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد 8 ديسمبر 2024.”.
واتهم الطاغية الفار الثوار بتمدد “الإرهاب داخل دمشق”، وانه انتقل بتنسيق الأصدقاء الروس إلى اللاذقية لمتابعة الأعمال القتالية منها، وعند الوصول إلى قاعدة حميميم صباحاً تبين انسحاب القوات من خطوط القتال كافة وسقوط آخر مواقع الجيش مع ازدياد تدهور الواقع الميداني في تلك المنطقة، وتصعيد الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية نفسها بالطيران المسيّر، وفي ظل استحالة الخروج من القاعدة في أي اتجاه طلبت موسكو من قيادة القاعدة العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء يوم الأحد 8 ديسمبر، أي في اليوم التالي لسقوط دمشق، وبعد سقوط آخر المواقع العسكرية وما تبعه من شلل باقي مؤسسات الدولة.
ولم يطرح في بيانه “اللجوء أو التنحي”، مدعيًا أنه “رفض منذ اليوم الأول للحرب أن يقايض خلاص وطنه بخلاص شخصي، أو يساوم على شعبه بعروض وإغراءات شتى، وهو ذاته من وقف مع ضباط وجنود جيشه على خطوط النار الأولى، وعلى مسافة عشرات الأمتار من “الإرهابيين” في أكثر بؤر الاشتباك سخونة وخطراً، وهو ذاته من لم يغادر في أصعب سنوات الحرب ويقي مع عائلته وشعبه يواجهان “الإرهاب”.
وزعم أنه لم يكن “في يوم من الأيام من الساعين للمناصب على المستوى الشخصي بل اعتبرت نفسي صاحب مشروع وطني استمد دعمه من شعب آمن به”.