في وقت غير مناسب، ويهدد الموسم السنوي لتجار ومحال العتبة، في شهر رمضان الذي يعد موسما منتظرا لدى ملايين التجار بمصر بدأت حكومة مدبولي عملية تطوير حكومية بمشاركة الأمم المتحدة، في منطقة أسواق العتبة التاريخية في قلب القاهرة، وبالقرب من المزارات التاريخية السياحية مثل خان الخليلي وحي الحسين.
ويأتي ذلك وسط اعتبارات عدة من بينها أهمية تطوير المناطق التاريخية من جهة، والمردود الاقتصادي والسياحي للتطوير من جهة أخرى، وحقوق الباعة الجائلين وتأثيرات التطوير من جهة ثالثة.
ووفق دراسة حديثة أعدتها الغرفة التجارية يتراوح عدد الباعة الجائلين، الذين يعدون جزءاً رئيسياً من الاقتصاد غير الرسمي، بين 5 و7 ملايين بائع، ووصل حجم تجارتهم إلى 80 مليار جنيه على خلفية انتشارهم بأسواق عشوائية كثيرة أبرزها وسط العاصمة التي شهدت مشاهد كر وفر مع السلطات المحلية الساعية إلى التطوير، في مناطق العتبة ووسط البلد.
وبينما لا توجد إحصائيات رسمية حول الباعة الجائلين، حدد القانون المصري إطار عملهم، ونص على تغليظ العقوبات على مخالفاتهم التي تصل إلى الحبس 3 أشهر أو غرامة ألف جنيه..
وأعلنت وزيرة التنمية المحلية منال عوض بدء أعمال تنفيذ المرحلة الأولى من تطوير سوق العتبة مع بدايات شهر رمضان، وفقاً للنموذج الذي تم اعتماده وعرضه على ممثلي الباعة الجائلين وأصحاب المحلات التجارية باجتماعات استضافتها الوزارة خلال الشهور الماضية بحضور محافظ القاهرة إبراهيم صابر، ومشاركة ممثلي البرنامج الأممي للمستوطنات البشرية “الهابيتات” وفق بيان رسمي.
يُشار إلى أن عدد الباعة الجائلين في مناطق وسط القاهرة، ومن ضمنها العتبة، يتجاوز 13 ألف بائع..
وحسب الوزارة، فإن من أبرز ملامح التطوير تنفيذ 473 طاولة للباعة الجائلين بدلاً من الفرشات العشوائية، وطلاء واجهات العقارات ذات الطراز المعماري المميز للحفاظ على الهوية البصرية، وتوفير ممرات مرورية آمنة، وتحسين البنية التحتية، وتطبيق معايير السلامة والأمان.
وأكدت أن ما يحدث “خطوة جديدة نحو تنظيم الأسواق وتحقيق التوازن بين متطلبات الباعة وحقوق أصحاب المحلات التجارية، من أجل بيئة حضارية تليق بمكانة العتبة التاريخية”.
ووفق أرقام رسمية، يشكل حجم الاقتصاد غير الرسمي وغير المرئي في مصر نسبة 30% من الناتج المحلي الإجمالي في حين يوظف ما يقرب من نصف قوة العمل.
والباعة الجائلون جزء من الاقتصاد غير الرسمي، ومن المهم دمجهم في الاقتصاد الرسمي لاستفادة الدولة منهم واستفادتهم هم من توفيق أوضاعهم، مؤكداً ضرورة إنشاء أسواق حضارية توفر لهم فرص عمل آمنة تحت إشراف الدولة.
بدوره، يؤكد محمد عبد القادر الأمين العام السابق للنقابة المستقلة للعمالة غير المنتظمة -في تصريحات صحفية، أنه مع التطوير بشرط الحفاظ على حقوق العمالة الجائلة وتقنين أوضاعها في الاقتصاد الرسمي للدولة، مشيراً إلى أنه تقدم لوزير العمل محمد جبران بمشروع لدمج الباعة الجائلين والعمالة غير المنتظمة في القطاع الاقتصادي غير الرسمي، ومن المنتظر تمريره في مشروع القانون الذي يبحثه مجلس النواب حالياً.
ويشدد عبد القادر على أنه يجب على وزارة العمل حصر العمالة الجائلة على المستوى الوطني، وتسكينهم وتوفير فرص عملهم، على أن تكون البداية من أسواق العتبة، وأن تتحمل الوزارة حصة في تكاليف التطوير من صندوق الطوارئ.
من جانبه، قال محمد عبد ربه الأمين العام المساعد لاتحاد العمال رئيس النقابة العامة للعاملين بالتجارة إنه يقدر أن التطوير جاء في عز الموسم “ولكن مع قليل من الصبر سيحصد الباعة مكاسب التطوير الذي كثيرا ما طالبنا به لتقنين أوضاعهم وتوفير عوامل السلامة والأمان بدلاً من تكرار الحرائق وملاحقة الشرطة لهم” مضيفاً أن تقنين الأوضاع يأتي عبر تسليم أكشاك للباعة الجائلين الذين لديهم استعداد لذلك.
مخاوف اخرى
ومن جانب اخر، يخشى العديد من التجار والباعة من مخطط اوسع لتفريغ وسط القاهرة من التجار والمحال وتحويل شوارع العتبة ومناطق وسط القاهرة من المباني بداعي التطوير والتهجير، في ظل مخططات الحكومة لتحويل وسط القاهرة لمناطق سياحية ، تُسند للامارات وشركات خليجية ، تستهدف شراء المناطق التاريخية في قلب القاهرة..