رغم تدهور الأوضاع المعيشية للمصريين، وتراجع الجنيه، وازدياد معدلات الفقر والبطالة، أعلن الاتحاد الأوروبي موافقته على تقديم دعم مالي جديد لمصر بقيمة 4 مليارات يورو، ضمن حزمة إجمالية تصل إلى 7.4 مليارات.
المساعدات تأتي في إطار ما يسمى "الشراكة الاستراتيجية" بين القاهرة وبروكسل، وتُقدَّم كقروض ميسّرة تستند إلى تنفيذ القاهرة لبرنامج صندوق النقد الدولي (2024-2027).
لكن هذا الدعم يثير تساؤلات جوهرية لدى الشارع المصري: أين تذهب هذه المليارات؟ ولماذا لا يشعر بها المواطن البسيط الذي يئن تحت وطأة أسعار قياسية للغذاء والطاقة والسكن؟ بل على العكس، تستمر الدولة في سياسة الجِباية ورفع الضرائب، بينما تتوسع مشروعات لا تعود بالنفع المباشر على الشعب.
وحسب مراقبين فإن الاتحاد الأوروبي لا يقدّم هذه الأموال حبًا في رفاهية الشعب المصري، بل لحماية مصالحه الجيوسياسية، وعلى رأسها منع موجات الهجرة غير النظامية من مصر عبر المتوسط، وضمان استقرار حليف أمني في منطقة ملتهبة".
ويضيف: "النظام المصري لا يستخدم هذه القروض لتحسين الإنتاج أو التعليم أو الرعاية الصحية، بل لتدوير أزمة ديون مزمنة وتضخيم مشروعات تحت سيطرة الجيش، بعيدًا عن أي رقابة أو مساءلة".
دور السيسي في حصار غزة
لا يمكن تجاهل السياق الإقليمي، فمنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، تتعرض مصر لانتقادات حقوقية واسعة بسبب تشديدها الحصار على معبر رفح، ومنع دخول المساعدات أو استقبال الجرحى الفلسطينيين، وهو ما تصفه منظمات حقوقية بأنه "تواطؤ في خنق المدنيين".
ويرى المحلل السياسي المقيم في أوروبا محمد صلاح أن "الاتحاد الأوروبي يكافئ النظام المصري على خدماته الأمنية، سواء عبر ضبط الهجرة، أو من خلال الدور الذي يلعبه في احتواء المقاومة الفلسطينية، ومنع تدفق الدعم إليها عبر الحدود المصرية، لذا، فإن ما يُسمى بالشراكة الاستراتيجية، ما هو إلا صفقة سياسية مموّهة بغطاء اقتصادي".
من جهتها، كانت المفوضية الأوروبية قد شددت على أن صرف الشريحة الثانية من المساعدات (4 مليارات يورو) سيكون مشروطًا بتحقيق "تقدم مُرضٍ" في تنفيذ خطة صندوق النقد، لكن تجارب السنوات الماضية تُظهر أن شروط الصرف لا تعني دائمًا تحسنًا اقتصاديا حقيقيا، بقدر ما تعني الالتزام بسياسات تقشفية تؤثر على محدودي الدخل، وتفتح المجال لخصخصة أصول الدولة.
مراجعة الدعم الأوروبي غير المشروط لنظام السيسي.
تتزايد الأصوات التي تطالب بمراجعة الدعم الأوروبي غير المشروط لنظام السيسي، خاصة في ظل اتهامات متكررة له بإدارة اقتصاد غير شفاف، وتحميل المواطن أعباء أزمة مزمنة، بينما يزداد النفوذ العسكري على مقدرات الدولة، وبينما تنهال القروض والمساعدات، يبقى السؤال الأهم: لماذا لا يشعر المصريون بأي تحسّن، بل بغلاء دائم وفقر مدقع؟