تشهد الشوارع فى زمن الانقلاب، وخاصة فى القاهرة الكبرى، حالة من الفوضى والانفلات حيث يتم استغلال الشوارع كمسرح للابتزاز العلنى ، فى أماكن حيوية مثل شارع عباس العقاد وباب الشعرية وحدائق القبة، حول بعض الخارجين عن القانون شوارع سير السيارات إلى ساحات لجمع الأموال مستخدمين أساليب التحايل لفرض إتاوات على أصحاب السيارات .
هذه الممارسات، التى تتم دون أى سند قانونى أو إشراف رسمى، تضع المواطنين أمام خيارين: الدفع أو المخاطرة بتعرض سياراتهم لأضرار محتملة سواء سرقتها أو تحطيمها.
وفى الوقت الذى تتفاقم فيه هذه الظاهرة، يتساءل المواطنون عن أسباب غياب الرقابة الرسمية من جانب حكومة الانقلاب رغم التصريحات التى تصدر عن مسئولين يزعمون فيها اتخاذ إجراءات قانونية صارمة لمواجهة هذه الفوضى.
عباس العقاد
شارع عباس العقاد، بمدينة نصر رغم أنه واحد من أهم شوارع القاهرة ، إلا أنه تحول إلى ساحات للابتزاز العلنى، من جانب أفراد خارجين عن القانون تحت ستار تنظيم مواقف السيارات.
فى مدخل الشارع يقوم شاب طويل القامة بإدارة حركة السيارات بشكل عشوائى، متجاوزًا 3 حارات مخصصة لحركة سير السيارات، مما يتسبب فى تكدس مرورى خانق وشلل تام بحركة السيارات، الأمر ليس مجرد تنظيم للانتظار، بل ابتزاز مقنع لأصحاب السيارات، الذين أجبروا على دفع مبالغ مالية متفاوتة دون أى سند رسمى.
السايس المخالف لا يعمل منفردًا، بل تدعمه مجموعات صغيرة تسيطر على مناطق متفرقة على امتداد الشارع، فى ظل غياب الرقابة التى تحول دون انتشار هذه الظاهرة، التى باتت تهدد سلامة المرور وتفتح الباب أمام فوضى لا تقل خطورة عن التعديات العشوائية الأخرى فى العاصمة.
قلق يومى
حول هذه الظاهرة قال سمير عارف، طبيب بشرى : إن السايس المخالف يفرض رسومًا تبدأ من 20 جنيهًا، وتزيد بحسب مظهر قائد السيارة، لتصل أحيانًا إلى أكثر من 50 جنيهًا، موضحًا أن الاعتراض مرفوض، خوفًا من حدوث أضرار بالسيارات بسبب التكدس أو الاحتكاك العرضى المتعمد أو غير المقصود .
وأضاف«عارف» : السايس بات مصدر تهديد وقلق يومى للمواطنين، الذين يضطرون لدفع مبالغ مالية فى الشارع العام دون أى إيصال رسمى أو مستند قانونى.
وأشار إلى أنه رغم أن شارع عباس العقاد يعد من أهم المحاور المرورية بالقاهرة، إلا أنه لا توجد أى لافتة رسمية أو إشارة من محافظة القاهرة تفيد بتحويله إلى ساحة انتظار أو جراج رسمى، بل بالعكس، الشارع مصنف كطريق عام مخصص لحركة سير السيارات فقط، وبالتالي فإن ما يحدث به يعد اعتداءً صارخًا على حرم الطريق العام، وتعطيلًا لحركة المرور بشكل مخالف للقانون.
ميدان باب الشعرية
ميدان باب الشعرية تسيطر عليه مجموعة من السياس وحولته إلى ساحة خاصة لركن السيارات الملاكى، مقابل تحصيل مبالغ مالية دون أى مستند قانونى أو تصريح رسمى من الجهات المعنية.
وفى مشهد يومى بات معتادًا، يحتل عدد من الأفراد جوانب الميدان ويفرضون على أصحاب السيارات دفع مقابل مالى نظير الوقوف، تحت تهديد مبطن بتعطيلهم أو تعريض سياراتهم للخطر بسبب التكدس والعشوائية، فى حال الرفض، ويحدد هؤلاء السياس المبلغ حسب نوع السيارة وهيئتها.
ورغم الأهمية الحيوية لميدان باب الشعرية كأحد أبرز الميادين التجارية والحيوية فى قلب القاهرة، إلا أن غياب اللافتات التنظيمية أو أى إشارات رسمية تحذر من تحصيل الأموال بشكل غير مشروع ساعد على استفحال الأزمة، وسط غياب ملحوظ للرقابة الميدانية الفاعلة من الأجهزة المختصة فى الوقت الذى تزايدت فيه شكاوى المواطنين من الابتزاز الذى يتعرضون له، مما يجعلهم مجبرين على الدفع حفاظًا على سياراتهم وخوفًا من التعرض لأى مضايقات أو أضرار متعمدة، الأمر الذى يحول الشارع العام من مرفق لخدمة الجميع إلى مصدر قلق وإزعاج مستمرين.
فوضى الإتاوات
كشف محمد حامد، مهندس مدنى من سكان حى حدائق القبة، عن فوضى متزايدة فى شارع مصر والسودان، حيث يتم فرض إتاوات على أصحاب السيارات بشكل غير قانونى .
وقال «حامد»: كنت فى الشارع ولقيت واحد لابس قميص يشبه اللى بيلبسه منظمو المرور، وبيحمل فوطة، وبيقول إنه سايس، الراجل ده بيركن العربيات فى الشارع الرئيسى والحوارى المجاورة، وبيفرض على أصحابها دفع فلوس مقابل ركن سياراتهم .
وأضاف: المفاجأة أن الراجل ده ملوش أى تصريح رسمى، ولا فيه أى لافتات تثبت إن الساحة دى خاضعة لإشراف محافظة القاهرة، بيجمع فلوس بطريقة عشوائية من الناس من غير ما يكون فيه أى مستند قانونى أو حتى إيصال موثق بالاضافة لمخالفة كل القوانين، والمشكلة إن الموضوع ده مش لوحده، فى ناس تانية بتعمل نفس الشيء فى نفس المنطقة .
وأوضح «حامد» أن هذا الوضع أصبح يشكل عبئًا على أصحاب السيارات: الناس بيدفعوا علشان يحافظوا على سياراتهم، خايفين لو مدفعوش يحصل أى ضرر لسياراتهم من التكدس أو الاحتكاك بالعربيات الثانية، ده ابتزاز علنى فى الشوارع، وكل واحد مضطر يدفع .
وطالب بتدخل الجهات المختصة بشكل عاجل، مشيرًا إلى غياب الرقابة وقال: اللى بيحصل ده مش مجرد مخالفة، ده استغلال واضح للمواطنين، والأهم إن مفيش أى رقابة من حى حدائق القبة أو أى جهة مسئولة، الشوارع بقت فوضى بشكل غير مقبول .
