رغم إعلان حكومة المنقلب عبدالفتاح السيسي عن سداد مبالغ كبيرة من الديون خلال 2024 و2025، إلا أن الدين العام لم ينخفض بشكل ملموس، بل استمر في الارتفاع في بعض الحالات. كانت مصر قد سددت حوالي 21.31 مليار دولار من أقساط وفوائد ديونها الخارجية خلال النصف الأول من العام المالي 2024/2025، وحوالي 38.7 مليار دولار خلال عام 2024 كاملًا، وفقًا لأحدث البيانات.
ونشرت منصة (تقصي @taqasee) على إكس ورقة بحثية بعنوان (الاقتراض الجديد لسداد القروض القديمة) معزية أحد أهم الأسباب وراء عدم انخفاض الدين هو استمرار مصر في الحصول على قروض جديدة لسداد الالتزامات المستحقة.
وأوضحت أنه في موازنة العام المالي المقبل 2025-2026، من المتوقع أن تلتهم فوائد الدين حوالي 74% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة، مما يجعل تخفيض أصل الدين مهمة صعبة للغاية.
وكان برلمان عبدالفتاح السيسي قد وافق مؤخرًا على حصول وزارة المالية على قروض جديدة بقيمة 3 مليارات دولار من بنوك إقليمية والاتحاد الأوروبي. كما تحصل مصر على تمويلات جديدة من صندوق النقد الدولي ضمن برنامج قرض بقيمة 8 مليارات دولار.
واعتبرت المنصة أن "هذا النهج يعني أن الحكومة تستخدم ديونًا جديدة لسداد ديون قديمة، مما يبقي إجمالي الدين ثابتًا أو يزيد منه في بعض الأحيان.".
مع ذلك، فإن الدين الخارجي لم يتراجع إلا بشكل طفيف من 155.20 مليار دولار إلى 155.09 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، وهو تراجع محدود جدًا مقارنة بحجم المبالغ المسددة.
وعن أعباء الفوائد المرتفعة، شكلت فوائد الدين عبئًا هائلًا على الموازنة المصرية، حيث ارتفع عبء فوائد الدين بنسبة 32.5% خلال أول 10 أشهر من العام المالي الجاري 2024-2025 ليصل إلى 1.657 تريليون جنيه. وتستهلك خدمة الدين حوالي 84% من إجمالي إيرادات مصر، مما يعني أن الجزء الأكبر من عمليات السداد يذهب للفوائد وليس لأصل الدين.
تقلبات سعر الصرف
منصة @taqasee أشارت إلى تأثير تقلبات أسعار الصرف حيث تقلب سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار وأثر على قيمة الدين المقوم بالعملات الأجنبية. فبينما يتم السداد بالدولار، فإن انخفاض قيمة الجنيه يزيد من العبء المحلي للدين الخارجي المقوم بالدولار.
وعن استراتيجية إطالة آجال الدين، أبانت أن وزارة المالية بحكومة السيسي تتبع منذ عقود استراتيجية تعتمد على إطالة أمد الدين، حيث سيتم سداد هذه الديون على فترة طويلة تصل حتى عام 2070. هذا النهج يعني أن معظم عمليات السداد الحالية تذهب لتجديد الديون بدلًا من تخفيضها.
جدول الديون
وأوضحت أن الحاجة المستمرة للتمويل، كشفت أن مصر تواجه جدولًا مزدحمًا لسداد الديون، حيث من المتوقع أن تسدد حوالي 22 مليار دولار خدمة دين خلال عام 2025. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن مصر مطالبة بسداد 43.2 مليار دولار التزامات خارجية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025.
وأشارت إلى أن مصر ستواجه تحديات مستمرة في إدارة الدين، خاصة مع ارتفاع تكلفة الاقتراض العالمي بسبب أسعار الفائدة المرتفعة دوليًا، وانخفاض موارد النقد الأجنبي من قناة السويس والسياحة بسبب الحرب على غزة، والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، والحاجة المستمرة للتمويل الخارجي لسد فجوة ميزان المدفوعات.
ورغم الجهود الحكومية لسداد أجزاء من الدين، تكشف البيانات الأحدث أن مصر تواجه تحديًا غير مسبوق في إدارة التزاماتها المالية خلال العامين المقبلين، إذ تتضارب تقديرات الديون المستحقة بين 43 و55 مليار دولار لعام 2025 وحده، مع توقعات بسداد 55 مليار دولار قروضًا وفوائد حتى نهاية 2026، وهو أكبر مبلغ مطلوب سداده في تاريخ البلاد الحديث، بحسب (تقصي).
بيع الأصول الأخطر
واعتبرت المنصة أن الأخطر تمثل في اتجاه حكومة السيسي ضمن استراتيجياتها، إلى بيع أصول الدولة و رفع أسعار الوقود والكهرباء عدة مرات خلال العام المالي الجديد، مع خطط لرفع الدعم نهائيًا عن الوقود بنهاية 2026، ما ينذر بموجات غلاء جديدة قد تمس حياة ملايين المواطنين مباشرة.
ونوهت إلى أنه في الوقت ذاته، كشفت مالية السيسي عن رفع مستهدف الاقتراض الخارجي في موازنة 2025/2026 إلى 8 مليارات دولار، أي أكثر من ضعف العام المالي الحالي، بالتوازي مع إصدار سندات دولارية لأول مرة منذ عامين، والاعتماد على تحويل ودائع خليجية إلى استثمارات عبر بيع أصولسيادية.
وعلى صعيد الاستدامة المالية، أوضحت أنه بلغت نسبة فوائد الدين إلى الدخل الضريبي نحو 87%، أي أن كل 9 جنيهات من كل 10 جنيهات ضرائب تُحصّلها الدولة تذهب فقط لسداد الفوائد، بينما يمثل عبء الدين (أقساط وفوائد) 65% من إجمالي استخدامات الموازنة، ما يترك هامشًا ضئيلًا للإنفاق على الصحة و التعليم والخدمات الأساسية.
وعن التوقعات، خلصت إلى أن حكومة السيسي تتوقع أن تبدأ أعباء السداد في التراجع النسبي بداية من العام المالي 2026/2027، معوّلة على تحسن النشاط الاقتصادي وزيادة الاستثمارالأجنبي المباشر، غير أن الوفاء بهذه الالتزامات الضخمة يتطلب تدفقات غير مسبوقة من الاستثمارات أو قروض جديدة، ما يضع السيادة الاقتصادية للدولة أمام اختبار حقيقي غير مسبوق في تاريخها الحديث.
https://x.com/taqasee/status/1933228660124717525