كشفت بيانات رسمية صادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بحكومة السيسي، تراجعًا حادًا في إيرادات قناة السويس بنسبة بلغت 23.1% خلال الربع الثالث من السنة المالية 2024-2025، الذي يتزامن مع الربع الأول من عام 2025، رغم انحسار تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر. هذا الانخفاض يسلط الضوء مجددًا على حجم التدهور الذي تشهده الدولة تحت حكم عبد الفتاح السيسي، والذي جاء إلى السلطة على بحر من الدماء والمجازر في رابعة والنهضة ورمسيس وغيرها، في انقلاب عسكري لا تزال تداعياته تضرب مفاصل الدولة سياسيًا واقتصاديًا.
ورغم محاولات النظام تلميع الصورة عبر الحديث عن تعافٍ جزئي في بعض القطاعات، حيث زعمت الوزارة ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.77% مقارنة بـ 2.2% في نفس الفترة من العام السابق، إلا أن الأرقام الصادمة لانهيار قناة السويس، أحد أهم مصادر العملة الصعبة لمصر، تعكس واقعًا اقتصاديًا هشًا.
وتتزامن خسائر القناة مع استمرار توقف حركة السفن الإسرائيلية والأميركية أو المرتبطة بهما منذ أكتوبر 2023، نتيجة الهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي في اليمن، ردًا على العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة. ووفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، تمثل السفن الأميركية بين 5% و10% من إجمالي حركة المرور السنوية بالقناة، وتدفع رسومًا تقدر بنحو 500 مليون إلى مليار دولار سنويًا، ما يعني أن غيابها يُفقد القناة مصدرًا ماليًا بالغ الأهمية.
ورغم هذه الأزمة، خرج السيسي في مايو الماضي ليعلن تطلع بلاده لإنشاء منطقة صناعية أميركية داخل المنطقة الاقتصادية للقناة، مقدمًا كل التسهيلات للمستثمرين الأميركيين، دون أن يتطرق إلى مطالبات مهينة أطلقها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، طالب فيها مصر بالسماح للسفن الأميركية بالعبور مجّانًا عبر قناة السويس، مدعيًا أن القناة مدينة بوجودها للولايات المتحدة!
وهذه التصريحات، التي وصفت بأنها مذلة للسيادة المصرية، لم تواجه برد رسمي قوي، بل قوبلت بصمت النظام، ما يعكس حجم التبعية السياسية التي وصل إليها النظام العسكري القائم، في مقابل محاولات يائسة لكسب رضا العواصم الغربية.
في الوقت نفسه، لا تزال قطاعات حيوية أخرى تنهار، حيث أظهرت بيانات رسمية انكماشًا بنسبة 10.38% في قطاع استخراج النفط والغاز، رغم محاولات السيسي تصوير صفقات الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي على أنها إنجازات.
في المحصلة، يظهر جليًا أن نظام السيسي، الذي بدأ مسيرته بسفك دماء الأبرياء، يجر البلاد نحو انهيار اقتصادي ممنهج، يُبدد فيه ما تبقى من مواردها السيادية. وكما قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ".