كشف مصدر باللجنة المصرية العاملة في قطاع غزة عن تفاصيل صادمة بشأن مصير المساعدات الإنسانية المصرية التي دخلت القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، ضمن قافلة "زاد العزة.. من مصر إلى غزة"، مؤكداً أن "جزءاً كبيراً منها لم يصل إلى مستودعات التوزيع، وتمت سرقته وبيعه في الأسواق".
وقال المصدر لموقع العربى الجديد ، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، إن "من أصل 130 شاحنة دخلت معبر كرم أبو سالم يوم أمس، تم استلام 37 شاحنة فقط فعلياً من قبل اللجنة المصرية والهلال الأحمر الفلسطيني"، مشيراً إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي أعاد 20 شاحنة إلى معبر رفح، في حين أبقى باقي الشاحنات داخل ساحة المعبر من دون السماح بمرورها إلى داخل غزة".
وأضاف أن "جميع الشاحنات التي خرجت من المعبر الإسرائيلي تعرّضت للسرقة المنظمة في منطقة محور "موراج" (أقامها الاحتلال لفصل رفح عن خانيونس)، جنوبي القطاع، قبل أن تتمكن من الوصول إلى مستودعات اللجنة المصرية والهلال الأحمر الفلسطيني"، موضحاً أن "الحمولات، التي تتضمن سلالًا غذائية ودقيقًا ومواد عناية شخصية، تمّت سرقتها من قبل مجموعات غير معروفة، وظهرت صباح اليوم التالي في الأسواق المحلية بغزة، حيث بيعت علنًا للفلسطينيين".
وفي السياق نفسه، كشف مصدر مصري مطلع في معبر رفح البري لـ"العربي الجديد" أن عشرات الشاحنات انطلقت منذ ساعات الصباح الأولى، اليوم الاثنين، من مستودعات الإمداد المصرية متجهة إلى معبر كرم أبو سالم، محملة بمواد غذائية وطبية ومساعدات إنسانية، ضمن جهود مستمرة لإغاثة سكان غزة الذين يواجهون أوضاعاً كارثية مع تصاعد المجاعة وانهيار النظام الصحي. وأكد المصدر أن جزءاً من هذه الشاحنات أُعيد مجدداً إلى الجانب المصري من دون أي توضيح رسمي من سلطات الاحتلال حول أسباب الرفض، مشيراً إلى أن الشحنات التي مُنع دخولها تضمنت مساعدات أساسية مثل الدقيق، والمواد الطبية، ومستلزمات طبية عاجلة. ولفت إلى أن "الرفض الإسرائيلي لا يستند إلى أي مبرر واضح، ويعرقل الجهود الإنسانية التي تقودها مصر وعدة أطراف دولية".
وأوضح المصدر في اللجنة المصرية أن "العجز في تأمين الحماية للمساعدات من قبل المؤسسات الأمنية الرسمية داخل القطاع، التي تتعرض هي نفسها للملاحقة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، يجعل من المستحيل تأمين وصول المساعدات إلى مستودعات التوزيع، وبالتالي فإن العدالة في إيصالها إلى مستحقيها غير متحققة حتى الآن".
وأكد أن "الاحتلال يتعمد إبقاء الشاحنات لفترات طويلة على أرض المعبر أو إعادتها إلى رفح دون تفسير واضح، كما أنه يسمح بمرور أعداد محدودة منها فقط، ما يؤدي إلى إرباك العملية اللوجستية ويعرّض القوافل لخطر السطو والنهب".
وتسلّط هذه المعلومات الضوء على واحدة من أخطر الأزمات التي تواجه عمليات الإغاثة في غزة في ظل المجاعة المتفاقمة، إذ إن تعطيل دخول المساعدات أو نهبها يفاقم الوضع الإنساني الكارثي، ويقوّض الجهود المصرية والدولية لتأمين الإغاثة العاجلة.
ويأتي ذلك في وقت أعلنت فيه جهات حكومية وميدانية في القطاع عن تدهور متسارع في الوضع الغذائي، بعد وفاة أكثر من 130 شخصاً -غالبيتهم من الأطفال- بسبب الجوع، في ظل استمرار الحصار وإغلاق المعابر والتحكم الإسرائيلي الكامل في حركة المساعدات.
وتدعو مصادر مصرية ودولية إلى ضرورة توفير ممرات آمنة للمساعدات، وضمان إشراف فعلي وفعّال على توزيعها، مع التأكيد على أهمية تحييد العمل الإغاثي عن الحرب، لتفادي تكرار عمليات النهب، وضمان وصول المواد الإنسانية إلى الفئات الأكثر تضرراً داخل قطاع غزة.
في السياق، أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، اليوم الاثنين، بأن فتح جميع المعابر وإغراق غزة بالمساعدات هو السبيل الوحيد لتجنب المزيد من تعميق المجاعة بين سكان القطاع. وقالت الوكالة في منشور على صفحتها بموقع فيسبوك، اليوم، إن المطلوب هو 500 إلى 600 شاحنة على الأقل من الأساسيات كل يوم، معلنة ترحيبها ببيانات التدفقات الإنسانية والإعلانات عن تخفيف القيود المفروضة على تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأضافت: "نأمل أن يسمح لأونروا أخيرا بجلب آلاف الشاحنات المحملة بالغذاء والأدوية ولوازم النظافة الصحية موجودة حاليا في الأردن ومصر تنتظر الضوء الأخضر". وتابعت: "وفقا لآخر بياناتنا، واحد من كل خمسة أطفال يعانون من سوء التغذية في مدينة غزة. وأكدت الوكالة أن لديها أكثر من 10 آلاف موظف في غزة قائلة: "عندما تدخل المساعدات، سيمنحونها مباشرة وبكرامة وأمان للمجتمعات التي نخدمها. لدينا الوصول والشبكة والدراية والثقة لدى تلك المجتمعات".