التداعيات السياسية والعسكرية للحرب بين إيران والحلف الصهيو أمريكى التي استمرت 12 يومًا في يونيو الماضي لا تزال تتكشف حيث كان قرار الرئيس الأمريكي الإرهابي دونالد ترامب بوقف الحرب راجعا في الأساس إلى مواجهة الأمريكان والصهاينة أزمة في صواريخ الاعتراض والذخائر عالية الدقة بجانب التخوف من نفاد المخزونات الحيوية من هذه الصواريخ بالإضافة إلى التكلفة العالية التي تحملها الأمريكان والصهاينة في مواجهة الصواريخ البالستية الإيرانية
في هذا السياق كشفت تقارير أمنية وعسكرية أمريكية عن تآكل سريع في القدرات الدفاعية لكل من واشنطن ودولة الاحتلال، الأمر الذي يطرح تساؤلات استراتيجية حول الجاهزية لأي صراع قادم في الشرق الأوسط أو خارجه.
وقًالت شبكة "فوكس نيوز"، إن الوتيرة غير المسبوقة للعمليات الجوية والدفاعية، خلّفت ضغطًا هائلًا على المخزونات العسكرية الأمريكية، التي اضطرت إلى تغذية جبهتين في آن واحد: الدفاع عن دولة الاحتلال، وحماية قاعدة العديد الجوية في قطر، والتي تعد أكبر وجود عسكري أمريكي في المنطقة.
مخزون الصواريخ
وأكد المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي (JINSA)، أن تكلفة حماية دولة الاحتلال وقاعدة العديد من الضربات الإيرانية المضادة تراوحت بين 1.48 و1.58 مليار دولار خلال أيام الصراع فقط، في حين استُهلك جزء كبير من صواريخ الاعتراض من طرازي THAAD وباتريوت.
يشار إلى أنه قبل اندلاع القتال في 13 يونيو الماضى، كانت الولايات المتحدة تمتلك نحو 632 صاروخ THAAD، لكن بحلول نهاية الصراع، انخفض المخزون إلى 540 صاروخًا، ما يعني استهلاك ما لا يقل عن 14% من المخزون الإجمالي. كما أُطلق 30 صاروخ "باتريوت" دفاعًا عن قاعدة العديد وحدها، ضد 14 صاروخًا باليستيًا إيرانيًا في هجوم 23 يونيو الماضي.
وتبلغ تكلفة كل صاروخ باتريوت نحو 3.7 مليون دولار، ما يجعل إجمالي تكلفة التصدي لذلك الهجوم وحده حوالي 111 مليون دولار.
الهجوم الإيراني المضاد جاء كثيفًا وغير مسبوق، حيث أطلقت طهران نحو 574 صاروخًا باليستيًا متوسط المدى نحو أهداف صهيونية وأمريكية، في محاولة للرد على الضربات التي استهدفت منشآتها النووية والعسكرية.
كُلفة الحرب
رغم ذلك، فإن كلفة الحرب بالنسبة لطهران كانت أكبر بكثير. ووفق التقرير ذاته، أنفقت إيران ما بين 1.1 و6.6 مليار دولار خلال تلك الحملة، كما استُهلكت ما يتراوح بين ثلث إلى نصف ترسانتها الصاروخية، في وقت ضرب فيه الكيان الصهيوني العديد من مواقع الإنتاج ومنصات الإطلاق، مما يجعل من إعادة بناء هذه القدرات مسألة مكلفة ومعقدة.
مخاطر جسيمة
في هذا السياق حذر محللون عسكريون من أن فشل الولايات المتحدة ودولة الاحتلال في تجديد مخزونهما من صواريخ الاعتراض بشكل عاجل قد يفتح الباب أمام مخاطر أمنية جسيمة في أي نزاع مقبل، خصوصًا مع ظهور ثغرات في أنظمة الدفاع الجوي تمكّن خصومهما من استغلالها.
وقال المحللون: إنه "مع تصاعد وتيرة التهديدات العالمية، من أوكرانيا إلى مضيق تايوان، تبدو الولايات المتحدة أمام تحدٍ مزدوج، ترميم ترسانتها الدفاعية، وضمان استمرار الدعم العسكري لحلفائها مثل دولة الاحتلال، دون أن يؤدي ذلك إلى تعرية مواقعها الاستراتيجية في مناطق أخرى من العالم".
وفى الوقت الذى لم يعلن البنتاجون حتى الآن عن خطة واضحة لتجديد هذه المخزونات، أعرب المحللون عن مخاوفهم من أن أي تأخير قد يُغري الخصوم بملء الفراغات الأمنية، سواء عبر تكتيكات هجومية جديدة أو عبر استغلال فجوات الردع التي كشفها صراع يونيو الماضي.
رصاصة أرخص
ودعا الجنرال توماس بيرجيسون، القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية، إلى الاستثمار في تقنيات الدفاع غير الحركية، مثل أسلحة الليزر أو النبضات الكهرومغناطيسية، التي توفر دفاعًا فعالًا بتكلفة أقل بكثير من صواريخ الاعتراض التقليدية، التي تُطلق أحيانًا لاعتراض أهداف أرخص بمئات المرات.
وقال بيرجيسون : "نحتاج إلى التفكير في رصاصة أرخص تسقط طائرة غير مأهولة، بدلًا من إنفاق ملايين الدولارات لاعتراض تهديد زهيد الكلفة ".
نظام "آرو" الصهيوني
كما كشف الصراع الأخير أيضًا عن تراجع فعالية نظام "آرو" الصهيوني في مواجهة الصواريخ الإيرانية، ما اضطر الولايات المتحدة إلى تعويض النقص عبر نشر وحدات "ثاد" المتطورة، إلا أن هذه الخطوة ذات تكلفة استراتيجية .
وأكدت التقارير أن إعادة تصنيع الكمية المستهلكة من صواريخ THAAD قد تستغرق ما بين 3 إلى 8 سنوات، ما لم يتم رفع وتيرة الإنتاج، في وقت تُستنزف فيه الموارد لدعم أوكرانيا وتحديات أخرى.