تسببت حرب الإبادة التى تشنها قوات الاحتلال الصهيونى فى دمار هائل فى قطاع غزة وتُظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة فى الأيام الأخيرة أن جيش الاحتلال دمّر بشكل شبه كامل خانيونس ثانى أكبر مدينة فى غزة، الواقعة جنوب القطاع، بالإضافة إلى البلدات المحيطة بها، بمساحة تزيد على ١٠٠ كيلومتر مربع وكان عدد سكان المدينة ٤٠٠ ألف نسمة قبل الحرب.
وتشير المعلومات إلى أنه بعد انسحاب قوات الاحتلال فى أبريل ٢٠٢٤، اكتشف آلاف سكان مدينة غزة الجنوبية المشهد المروع الذى خلّفته أشهر من القتال العنيف بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية . ثم ناشد الدفاع المدنى فى المدينة الأمم المتحدة لتوفير آليات لانتشال الجثث، التى كانت معظمها، فى حالة متقدمة من التحلل تحت الأنقاض.
وكان الدمار الأشد وطأة فى بلدتى بنى سهيلة وعبسان الكبيرة المجاورتين، حيث دُمّرت معظم مبانيهما، كما دُمّرت بلدة خزاعة بالكامل وفقًا لصحيفة هآرتس الصهيونية .
البحث عن مأوى
يقول بعض من نزحوا إنهم لا يستطيعون العودة إلى بيوتهم بسبب الدمار الذى لحق بها، مؤكدين أنهم يتجهون إلى البحث عن مأوى لهم ولعائلاتهم عند الأقارب الذين لم تسلم بيوتهم من الدمار أيضًا .
وقالت الفلسطينية حميدة أبو عنزة أن بيتها مدمر بشكل كامل وتحاول الذهاب إلى بيت والدتها رغم أن الطريق محفوفة بالخطر.
وتعرضت غالبية بيوت المنطقة لتدمير شامل، حيث أصبح بعضها أشبه بالأنقاض، بينما أصيبت البيوت الأخرى بتصدعات خطيرة تهدد بانهيارها فى أى لحظة، نتيجة الصواريخ والقذائف التى سقطت عليها
وأكد أحد الفلسطينيين الذين عادوا إلى خانيونس أنه لن يغادر "رُكام منزله".
جرافات وحفارات
يشار إلى أن عمليات التدمير تمت باستخدام الجرافات ومعدات مماثلة، باعتراف صحيفة هآرتس الصهيونية ، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال عمل فى الأشهر الأخيرة على تسريع وتيرة التدمير فى جنوب غزة بشكل كبير، باستخدام مقاولين من القطاع الخاص يحققون أرباحًا تقدر بعدة آلاف من الشواكل عن كل مبنى يتم هدمه .
فى الأسابيع الأخيرة، كان هدم المنازل، إلى جانب القصف الجوي، هو النشاط العملياتى المنهجى الوحيد الذى نفذه جيش الاحتلال فى غزة، وأكدت الصحيفة الصهيونية أن مئات الجرافات والحفارات وجرافات كاتربيلر D٩ المدرعة تواصل الهدم لجعل غزة غير صالحة للسكن لسنوات قادمة .
ووفق شهود عيان يعرض جيش الاحتلال دفع ٢٥٠٠ شيكل (حوالى ٧٥٠ دولارًا أمريكيًا) لمشغلى الجرافات والحفارات لهدم مبنى يصل إلى ثلاثة طوابق، و٥٠٠٠ شيكل للمبانى الأعلى.
وقال أحد المقاولين: يجرى تجنيد العديد من الأشخاص. ولحسن الحظ، لا يزال هناك الكثير من العمل
تدمير كامل
وهكذا تعرض القطاع الفلسطينى للتدمير الكامل على يد قوات الاحتلال منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. ووفقًا لتقديرات UNOSAT، مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة، تم تدمير أو إتلاف ٧٠٪ من هياكل غزة بحلول أبريل ٢٠٢٥، أو ٢٥٨٢٠١ وحدة سكنية .
ريفييرا الشرق الأوسط
فى هذا الإطار، عقد قادة اليمين الصهيونى المتطرف اجتماعًا عامًا لمناقشة خطة لتحويل قطاع غزة إلى "ريفييرا" فى ظل معاناة سكانه من المجاعة.
وضم الاجتماع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والعنصرية اليهودية دانييلا فايس، المؤيدة بشدة للمستوطنات اليهودية فى غزة.
وتنص الخطة التفصيلية على بناء مساكن لـ١.٢ مليون صهيوني، بالإضافة إلى تطوير مناطق صناعية وزراعية ومجمعات سياحية على الساحل.
وكان الرئيس الأمريكى الإرهابى دونالد ترامب قد طرح فى فبراير الماضى، أن تسيطر الولايات المتحدة على قطاع غزة، الذى دمره القصف الصهيونى بشكل كبير، لجعله "ريفييرا الشرق الأوسط"، بعد نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى. واعتبر خبراء أن هذه التصريحات تُشكل تحريضًا مباشرًا على ارتكاب جريمة ضد الإنسانية.